“اطالة الازمة لن توجد الحلول .. على الجميع التحرك .. على الجميع الانقاذ” و”حلقة جديدة في صراع أجنحة السلطة .. الهيئة السياسية للنداء تنتفض على حافظ قائد السبسي .. هل هي بداية نهاية التوريث الديمقراطي؟” و”الحفاظ على المؤسسات الصغرى والمتوسطة” و”بعد تحديد عقد مؤتمره يومي 29 و 30 سبتمبر .. هل تعود الروح الى النداء؟”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الخميس.
أشارت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الخامسة، الى أنه لا يختلف اثنان في تونس أن البلاد تعيش حالة أزمة خانقة وأنها بالفعل توشك على الافلاس وأن السبب الرئيسي وراء كل ذلك هو عدم الاستقرار السياسي وعدم وضوح الرؤية وعدم معرفة من يحكم فعلا ولا ما هي برامجه ولا كيف يفكر للخروج من هذه الازمة التي طالت وتحولت الى خطر حقيقي على وجود الدولة التونسية نفسها مهما حاول البعض التخفيف أو التقليل من ذلك مبرزة أنه عندما تتحول أزمات الاقتصاد الى خطر حقيقي على رواتب الناس وأجورهم ولقمة عيشهم وأرزاقهم فذلك لم يعد يسمى أزمة اقتصادية بل هو افلاس حقيقي وهو بداية للسقوط في عالم الدول الفاشلة لان عواقبه معروفة وهو انهيار ما تبقى من منظومة كانت تربط كل مؤسسات الدولة ببعضها وهو أيضا تشتت لكل العوامل التي يمكنها أن تحافظ على تواصل الفعل المؤسسي متى ما حافظت على توازنها المالي الداخلي ولو بالحد الادنى من الامكانيات.
وأضافت أن اجتماع مجلس الامن القومي لم يسفر الا عن بلاغ قصير لا يزيد الا في طاقة الاستبلاه القصوى التي تمارس على الناس ولم يدع الا الى مزيد دعم القوات المسلحة وكأن هناك مجالس أمن قومية تنعقد في دول أخرى من العالم لتدعو الى عدم دعم قواتها المسلحة أو التخفيف من الاسناد والتعزيز في حالة عمليات ارهابية مشيرة الى أنه بقدر ما تبدو الحالة ضبابية وبقدر ما يسيطر على الوضع اليأس الا أنه في واقع الامر أكثر خطورة مما يظهر على السطح الامر الذي يتطلب أن لا تتجاوز الوقفة الانقاذية الحازمة الايام القادمة والا فان مصير الدولة برمته سيدخل في مسار الخطر.
واعتبرت (المغرب) في مقالها الافتتاحي، أن ما يحصل اليوم في نداء تونس قد فاجأ أطرافا هامة في أجنحة الحكم لانها راهنت كلها على قدرة نجل رئيس الجمهورية على الصمود وعلى التحكم في الازمة الوحيدة .. ما بقي من كتلته النيابية حتى يتمكن خصوم الحكومة من الاعتماد عليها اما لاسقاط صاحب القصبة الحالي يوسف الشاهد أو لافقاده لاية أغلبية ممكنة مما سيضطره عاجلا أو اجلا للاستقالة.
وأوضحت أن الكل كان يعتقد بأن المدير التنفيذي للنداء قد أحكم قبضته على ما تبقى من هياكل جزبه وأن كل خصومه لا قدرة لهم على اختراق هذه الصفوف الموالية لنجل رئيس الجمهورية ولكن ما نسيته “الادمغة المفكرة” في البحيرة (المقر المركزي لنداء تونس) هو أن الصراع هذه المرة يختلف كثيرا عن سابقيه وأن الاخفاقات الانتخابية المتتالية بدءا من التشريعية الجزئية في في ألمانيا مرورا بالانتخابات البلدية ووصولا الى انتخابات رؤساء البلديات حيث مني النداء بهزيمة مجددة مضيفة أن كل هذه الهزائم مجتمعة دفعت بعدد من الندائيين اما للافصاح بقوة ومن جديد عن خلافهم مع المدير التنفيذي وهؤلاء عددهم قليل نسبيا أو لاعادة الحسابات والمراهنة على جواد اخر لخوض الاستحقاقات الانتخابية للسنة القادمة.
وأضافت أن الجميع اعتقد أن حافظ قائد السبسي سيبقى قويا ومهيمنا على النداء ما دام والده في قصر قرطاج ولكن يبدو أن الرمال المتحركة في البلاد ستنال من النجل وأن بنوته البيولوجية لا يمكنها أن تنقذه من هذه الوضعية الجديدة مشيرة الى أن الحرب داخل أجنحة السلطة لم تنته بعد وصمت رئيس الدولة يغذي كل التأويلات ويأمل رفاق صاحب الباتيندة وحلفاؤه الجدد أن يتدخل الباجي قائد السبسي ليغير التوازنات من جديد.
من جهتها تساءلت جريدة (الصباح) في افتتاحيتها اليوم، هل كان يجب انتظار نتائج سبر اراء حول مناخ الاعمال في تونس لكي يكتشف الجميع أن أغلب المؤسسات الصغرى والمتوسطة لم تلمس تحسنا في مناخ الاعمال رغم اقرار قانون الاستثمار الجديد؟ مشيرة الى أنها حقيقة أخرى تضاف الى مكونات الصورة القاتمة للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي الذي تمر به البلاد.
وأضافت أنه بعد أكثر من عام من اعتماد القانون الجديد لا بد من مراجعة وضع الاستثمار ذلك أن المناخ لا يعني بالضرورة الاستقرار الامني والسياسي فحسب فهناك العراقيل الادارية ومنها بطء اجراءات الادارة التي تحدث عنها أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة وغياب عملية مرافقة المسيرين بعد اطلاق مشاريعهم مبينة أن سبر الاراء أظهر “أن 88 بالمائة من مجموع 365 مؤسسة صغرى ومتوسطة ترى أن قانون الاستثمار الجديد لم يغير كثيرا في منظومة المؤسسات ومناخ الاعمال” وبالتالي فان الامر هو بمثابة صيحة فزع أولى لا بد من التعامل معها بجدية قبل فوات الاوان وفي ظل حالة الركود الاقتصادي وانحسار الاستثمار لا يجوز الصمت بخصوص مستقبل الشركات الصغرى والمتوسطة بوصفها قاطرة تنشيط القطاع الاقتصادي”.
وأشارت جريدة (الشروق)، في ورقة خاصة، الى أن الرئيس، الباجي قايد السبسي، يرتدي مرة أخرى بدلة المنقذ لاخراج البلاد من المازق الخطير الذي تردت فيه منذ ما يزيد عن السنة مبينة ان الكل يعلم ان لاحد غيره قادر على تحريك الوضع الحالي لكسر الجمود وتجاوز التعطيل الذي اصاب الحزب الحاكم ومن ورائه الدولة برمتها بسبب صراع الزعامات والمصالح الانية والانانية بين قيادي هذا الحزب وما نتج عن ذلك من تقسيم وضعف وتراجع للحزب كانت النتائج البلدية الاخيرة خير كاشف لخطورتها واصدق منذر عن عواقب تواصلها.
وأضافت، أن حراك جديد صحي بدأ يدب في عروق هذا الكيان السياسي الهام أدخلته مواجهة بين مكونات هذا الحزب وهي مواجهة كان لا بد أن تحدث وأن تهز الشجرة لتتضح الصورة نهائيا ويوضع الحزب على طريق العمل الصحيح ويضطلع بدوره التاريخي بعد أن يكون قبل ذلك قد تخطى مرحلة تنظيم مؤتمره الذي يعطيه الادارة الشرعية والارضية الفكرية والبرنامج المستقبلي.
وأشار، الى أن رئيس الجمهورية يظهر في هذا التوقيت بشرعيته المزدوجة كرئيس الدولة المسؤول على أمنها وسلامة مسيرتها التي ليست بمنأى عن تأثير الحزب المضطلع بأعباء الحكم وكرئيس شرفي مؤسس لحزب النداء، مبينا أن قيمة وأهمية الدور الذي يلعبه السبسي تبرز في التزامه تحديدا بعدم قيامه بدور معلن أي بملازمة الحياد وهو أمر ليس هينا اذا اعتبرنا أنه ليس منفصلا عن المتصارعين وأن له بينهم من يحمل اسمه.
وسلطت الصحيفة ذاتها، الضوء على أزمة النداء وتاثيراتها التي تهدد المصلحة العليا للدولة حيث يتساءل الراي العام عن موعد انتهاء أزمات النداء لتنتهي معها أزمة دولة برمتها مشيرة الى أن الازمة التي يعيشها نداء تونس لن تمر دون أن تخلف ورائها بذور أزمة عامة جديدة للدولة وفق ما ذهب اليه محللون.