أكّد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أنّ “الحركة ستتفاعل مع مبادرة رئيس الجمهوريّة حول الإرث حين تقدم رسميا الى البرلمان، بما تقتضيه من الحوار والنقاش للوصول الى الصياغة التي تحقق المقصد من الاجتهاد وتجعل من تفاعل النص مع الواقع أداة نهوض وتجديد وتقدّم لا جدلا مقيتا يفرق ولا يجمع “.
وقال الغنوشي في تدوينة مطوّلة وردت بالصفحة الرسمية لحركة النهضة على موقع الفايسبوك اليوم الخميس بعنوان “لقاء باريس: الدروس والتحديات والآفاق” بمناسبة “الذكرى الخامسة” للقاء الذي جمعه بالعاصمة الفرنسية برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي زعيم جبهة الإنقاذ وقتها وفق توصيفه ، أنّ منهج التوافق الذي تم الاتفاق حوله كان خيارا استراتيجيا لحركة النهضة .
وفي هذا الصدد دعا إلى “تبني استراتيجية الحوار والبحث نفسها في معالجة المستجدات والنأي بالمجموعة الوطنية عن كل ما من شأنه احلال الفرقة والتطاحن والتباغض” مؤكّدا على “الالتزام التام بخيار التوافق مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي واعتبارالتوافق الإطار الأمثل للحوار حول كل القضايا للوصول الى حلول وبدائل وتوافقات ، بعيدا عن منطق الغلبة وفرض الرأي مضيفا انّ الادارة الجيدة للتوافق خلال السنوات الماضية لا تزال مفتاحا للحل وخزانا للأمل والتفاؤل بالمستقبل”
وتطرق رئيس حركة النهضة الى الازمة السياسية التي كانت تعيشها البلاد صيف 2013 وما عبرعنه “بسير الامور الى الفوضى التي لم يكن يفصلنا عنها سوى سلك رفيع يحول بين جمهور المعارضة المحتشد في البرلمان المعطل في “اعتصام الرحيل” واعتصام “الشرعية ” واكد في هذا الصدد أنّ لقاء باريس تلك السنة قد “حقّق لتونس الكثير وهيأ الظروف لمسار كامل من التوافق السياسي والمجتمعي فتح الأبواب امام الحوار الوطني وهيأ لحزبي النهضة والنداء سبل النجاح في قيادة الحياة السياسية نحو التهدئة .
من جهة أخرى أشار الغنوشي إلى أنّ دعوة حركة النهضة الى “الاستقرار الحكومي لم تكن متعارضة مع خيار التوافق مع رئيس الجمهورية أو بحثا عن أُطر بديلة عنه بل كان تقديرا للمصلحة الوطنية” داعيا كلّ الأطراف إلى “معالجة الاختلافات حول هذا الموضوع في إطار الحوار والبحث عن الحلول المعقولة سياسيا والمقبولة دستوريا في كنف الاحترام الكامل للمؤسسات .
ولفت في نفس الاطار إلى أنّ “الطموح الشخصي للوصول الى الحكم عبر الصندوق حق دستوري لا يمكن المساس به أو إدانته لكنّ نتيجة الصندوق لا يجب ان تتنافى مع ضرورة الحفاظ على إمكانية التوافق على منظومة حكم مستقرة مشيرا من جهة اخرى الى أن مواجهة تحديات المرحلة القادمة تقتضي تفرغ الحكومة لمهمتها في التنمية ومحاربة الفساد بعيدا عن التجاذبات الانتخابية والحزبية.
على صعيد آخر انتقد الغنوشي ما اعتبره “حملات التشويه التي تدار بطريقة منهجية عبر ترويج الاكاذيب وبث الفتن والتحريض على الشخصيات السياسية والأحزاب ورموز الدولة وإطاراتها مدينا بشدّة ما تعرض له بالخصوص رئيس الدولة من ثلب وتهجم مطالبا أجهزة الدولة بالتحرك ضمن القانون لضرب العابثين بالشبكات الاجتماعية، داعيا في الآن نفسه وسائل الإعلام الى الانخراط في ميثاق وطني ضد العنف اللفظي وثقافة التشويه ونشر الأخبار الزائفة ” .
يذكر ان رئيس الجمهورية قد اقترح خلال خطابه بمناسبة العيد الوطني للمرأة يوم 13 اوت الجاري سن قانون يضمن المساواة في الإرث بين الجنسين، مع احترام ارادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة في الإرث وفق القانون الجاري به العمل مؤكدا ان موقف حركة النهضة بخصوص مضامين تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة فيه اعتبارات ايجابية واحترازات كما اعرب في ذات السياق عن القلق بشأن احترازها من النقطة المتعلقة بالمساواة في الإرث.
وكانت حركة النهضة قد تمسّكت ببقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد لتنفيذ البرنامج المتفق عليه في لجنة الخبراء المكونة في اطار مشاورات وثيقة قرطاج 2 في حين اختلف معها في ذلك بالخصوص نداء تونس والاتحاد العام التونسي للشغل و”الوطني الحر”، الداعين إلى تغيير جذري يشمل رئيس الحكومة مما ادى إلى تعليق هذه المشاورات منذ اوخر ماي الفارط .