احتفت الدورة الاولى لأيام قرطاج الثقافية للأبداع المهجري أمس الثلاثاء 16 اكتوبر بمدينة الثقافة بالتجربة الروائية للكاتب والقاص والروائي التونسي المهاجر حسونة المصباحي الذي اختار خلال السنوات الاخيرة العودة الى مهد الطفولة والصبا تونس بعد “هجرة ثقافية”، على حد قوله، قادته الى فرنسا واساسا المانيا اين استطاع نحت مسيرة مميزة في مجال الكتابة والرواية كللت بثلاث مجموعات قصصية وتسعة روايات فضلا عن عشرات الترجمات من والى اللغة العربية الالمانية
حول تجربته مع الكتابة قال حسونة المصباحي “في السبعينات شعرت برغبة كبيرة في الكتابة ولم اجد امامي إلا صحيفة بلادي رغم اغراءات الصحف الحزبية خاصة بعد ان خضت التجربة اليسارية المتطرفة، وانتبهت الى انه في بلد صغير كتونس يجب تجربة كل انواع الكتابة لفرض الذات والتعريف بالتجربة مع الكلمة الحرة”
واضاف “في تلك الفترة كان الوعي بأهمية دور الفعل الثقافي والابداعي فى تحقيق رقي الفرد والمجتمع كان متواضعا رغم توفر مناخ ملائم نسبيا” مشيرا الى انه وابناء جيله من المبدعين كسبوا ثقافة الكلمة والصورة من مسرح وسينما فى تونس وان النظام لم يمنع ذلك ابدا، ايضا اتذكر ان جريدة العمل انذاك كان لها ملحق ادبي متميز جدا وكان يشرف عليه عز الدين المدني، وكنت في ريف القيروان اقرا لكبار الفلاسفة والكتاب العالميين واراسل هذا الملحق لينشر خواطري ”
وقال ” اثر ذلك، لاحظت ارتفاع منسوب الاهتمام بالسياسة واذ اختار رفيقي حمة الهمامي العمل الحزبي فاني اخترت العمل الثقافي وكان يقيني ان البلاد بحاجة انذاك لفعل ثقافي حقيقي يساعد على بناء شخصية التونسي ونحصين المجتمع ضد كل اشكال التخلف”.
واشار ” بعد ذلك قررت الهجرة الى فرنسا، ليس هربا من نظام بورقيبة، بل هو منفى اختياري، هناك احسست وكاني فى تونس وتقريبا بكل تفاصيل الحياة اليومية، ولم اشعر بأي تغيير، فحزمت أدباشي وغادرت الى المانيا اين اعدت اكتشاف ذاتي”.
واردف”اقامتي فى المانيا التي امتدت لعقدين من الزمن كانت المرحلة الاكثر نضجا وعطاءا فى مسيرتي، انا اردتها هجرة للتعلم وليست للسياسة، فالسياسة دون ثقافة لا معنى لها ابدا، انا ذهبت الى المانيا وبداخلي ثقافة وفكر وروح تونسية اصيلة”، مبينا ان وجوده فى المانيا علمه كيف يفرض المرء ذاته بعمله وجده واحترامه لأهل البلد وثقافتهم وحضارتهم ينهل منها وينتقدها، يتواصل مع مبدعيها ويتثاقف معهم باحترام وتقدير متبادلين”.
وتحدث عن اهمية الدور الذي لعبه المثقفون الالمان في بناء دولتهم بعد ان خربتها الحرب العالمية الثانية، واصفا هذا الدور بانه محوري “”ظهرت جماعة 47 وهي جمعيّة أدبية كان من أبرز رموزها هاينريش بل، وغونتر غراس، ومارتين فالسر، وهانس ماجنوس انسنسبرغر وآخرون.، فكرت وناقشت كيفية بناء المانيا ثقافيا من خلال وضع الأسس الكفيلة بالنهوض بالثقافة الوطنية التي صادرها النازيون” مضيفا “من هنا نلمس تشيث المثقف الالماني يثقافته وبهويته الثقافية”.
وشدد على ان وجوده اليوم في هذا اللقاء الفكري ليس للحديث عن تجربته فقط او عن عودته الى تونس فكل تونسي يجب ان يرجع يوما الى الارض التي انجبته لان فيها اصله وجدوره، بل هو اتي ليؤكد ايضا على اهمية بناء ثقافة وطنية حقيقية تعكس الخصوصيات الحضارية والفكرية والهوية اللغوية والثقافية للمجتمع وتحصن الناشئة ضد كل اشكال التغريب والتهميش متعدد الابعاد والانماط.
وتساءل “ماذا يمكن ان يقدم المهاجر المبدع والمثقف لبلاده، خاصة امام انتشار الاحزاب السياسيوية، انا لم الحظ حزبا يقدم مشروعا ثقافيا وطنيا ، اذن ليتركونا نتكلم ونقترح ما ينتفع بلدنا ثقافيا”
وحسونة المصباحي من مواليد ريف العلا من ولاية القيروان سنة 1950، درس الآداب الفرنسية في جامعة تونس وقد أمضى أكثر من عشرين سنة في مدينة ميونيخ الألمانية، عاد بعدها إلى تونس، صدرت له ثلاث مجموعات قصصية هي “حكاية جنون ابنة عمي هنية” سنة 1986، “ليلة الغرباء” سنة 1997، “السلحفاة” سنة 1997، الى جانب تسعة روايات من اهمها “هلوسات ترشيش” سنة 1995، “الآخرون” سنة 1998، “وداعا روزالي”سنة2001، “نواره الدفلى” سنة 2004، “حكاية تونسية” سنة 2008، واخر اعماله “بحثا عن السعادة”
وترجمت العديد من أعماله إلى اللغة الألمانية، كما فازت روايته “هلوسات ترشيش” بجائزة Toucan لأفضل كتاب لعام 2000 في مدينة ميونيخ.