قال رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي “إن الحركة حريصة على المحافظة على علاقة إيجابية مع رئيس الدولة وعلى مواصلة التفاوض مع رئيس الحكومة، لاستكمال الشروط الضرورية للشراكة القائمة”، ملاحظا أن “البلاد في حاجة إلى الإستقرار الحكومي وإلى أن تعمل الحكومة على تحسين أدائها واحترام الإستحقاقات الوطنية والإلتزامات الدولية”.
وحيا الغنوشي في افتتاح أعمال الندوة السنوية الثانية لإطارات النهضة والتي تتواصل بمدينة الحمامات إلى غاية يوم غد الأحد، تحت شعار “من أجل إنجاح العمل البلدي وتعزيز الإنتقال الديمقراطي”، الدور الأساسي لرئيس الدولة، الباجي قايد السبسي في الإنتقال الديمقراطي والتصدي لما اعتبره “مخططات الفتنة”، عبر خيار التوافق والعيش المشترك بين التونسيين، مؤكدا حرص النهضة على أن تبقى “العلاقة برئيس الجمهورية متينة، في إطار شراكة استراتيجية قائمة على الصدق والنزاهة، حتى وإن تباينت وجهات النظر في بعض الملفات”.
وأضاف قوله: “ستبقى حركة النهضة ملتزمة برفض منطق الهيمنة والإقصاء، حريصة على الشراكة والتوافق والوحدة الوطنية، مهما كانت نتيجة الإنتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة ومهما كانت النتائج التي ستحققها النهضة”، معتبرا أن “بعض الأطراف تحاول عبثا توخّي خطاب المخلوع (بن علي) وسياساته في التعامل مع حركة النهضة، باعتبارها ملفا أمنيا وليست حزبا سياسيا فاعلا في المشهد السياسي، له عمقه الإجتماعي والثقافي”.
وبخصوص تطوير هياكل حزبه أعلن راشد الغنوشي أن حركة النهضة ستشرع بعد هذه الندوة في إدخال بعض الإصلاحات لتطوير الجهاز التنفيذي للحركة، موضحا أن الحركة بصدد تكوين فريق من الخبراء لإعداد رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة لتونس في أفق 2030، سيتم عرضها على التونسيين ضمن البرنامج الإنتخابي لاستحقاقات 2019.
ولاحظ أن تونس في حاجة إلى التحلّي بالصبر، حتى يتحقق الإنتقال المأمول وإلى أن يجدد التونسيون ثقتهم في ثورة الحرية والكرامة، حتى استكمال تحقيق كل أهدافها، “خاصة وأن تونس هي بلد الجميع وتتسع لأحلام ومشاريع الجميع” وقد قطعت بعدُ خطوات هامة على درب بناء الجمهورية الثانية، “بفضل تضحيات التونسيين والتونسيات، ما جعل منها مثالا ناجحا في الإنتقال الديمقراطي وهي ما تزال في حاجة لكل أبنائها، دون إقصاء أو تهميش”.
وأشار في معرض تحليله للوضع العام بالبلاد إلى أن الأزمة السياسية التي تعيشها تونس، هي في جزء منها نابعة من “عدم تقبّل وإدراك البعض للدستور الجديد الذي هو في الواقع دستور تشاركي”، معتبرا أن البلاد في حاجة إلى وقت لاستيعاب مسألة “الحكم اللامركزي وتوزيع السلط”.
وفي رده على الإتهمامات الأخيرة الموجّهة لحزبه، قال راشد الغنوشي “إن حركة النهضة قرّرت منذ 1995 التخلّي عن العمل السري وأكّدت طابعها المدني والسلمي، من خلال الإنفتاح على العمل مع أطياف من المعارضة”، مضيفا أن “القضاء الأجنبي أنصف الحركة في كل القضايا التي رفعتها على من اتهمها بالإرهاب والعنف. كما أنصفها القضاء الإداري التونسي بإبطال كل تتبعات محاكم أمن الدولة”.
وذكر أن “نجاح النهضة في الإنتخابات البلدية الأخيرة (ماي 2018) والذي يبرز في حضورها في كل المجالس البلدية، يضعها أمام اختبار جديد من الواجب كسبه”، مشيرا إلى أن ملف الحكم المحلي الذي سيكون المحور الرئيسي لأعمال ندوة الإطارات، هو من بين أبرز اهتمامات النهضة. ودعا في هذا الصدد الى ضرورة أن يكون للحركة مساهمات جادة في العمل البلدي تثبّت الحكم المحلّي باعتباره سلطة القرب.
وعلى صعيد آخر أكد رئيس حركة النهضة لدى حديثه عن علاقات تونس الخارجية، على ضرورة دفع العلاقات التونسية الإفريقية، مقترحا إحداث وزارة للشؤون الإفريقية. كما دعا رئاستي الجمهورية والحكومة إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز الإستقرار في ليبيا وفتح المجال لتواصل العملية السياسية هناك.
وأبرز أيضا أهمية العمل على “إحياء مشروع المغرب العربي، انطلاقا من تونس والجزائر، لتكونا قاعدة صلبة لتعميق التعاون، حتى يشمل ليبيا والمغرب”، مقترحا إقامة سوق مشتركة وكذلك عُملة مشتركة بين تونس والجزائر.
وكان راشد الغنوشي عرّج في مفتتح مداخلته، على حادثة مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، معتبرا أن “الزلزال الذي أثاره هذا الإغتيال الوحشي، شبيه بتبعات المشهد التراجيدي لاحتراق محمد البوعزيزي في تونس في ديسمبر 2010، باعتبار أن الحادثتين أيقظتا الضمير الإنساني من سباته وأكدتا رفض منطق المصالح، السائد بين الدول”، من وجهة نظر رئيس حركة النهضة.