أكّدت وزارة الخارجية السويسرية، أنها ستبت خلال الأسابيع المقبلة، في أموال عائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي وزمرته التي لا تزال مجمدة إداريا في بنوك سويسرية والتي تبلغ حوالي 56 مليون فرنك سويسري (49.4 مليون يورو).
وأضافت الخارجية السويسرية لـموقع قناة ”دويتشه فيله” الألمانية، أن المجلس الفيدرالي السويسري – الجهة التنفيذية للحكومة الفيدرالية السويسرية – سيقوم بتقييم قرار التجميد الإداري حول أصول الرئيس المخلوع وحاشيته قبل انتهاء فترة التجميد الحالية المقررة في جانفي 2019.
وكان المجلس الفيدرالي السويسري قد جدد في ديسمبر من العام الماي تجميد أموال بن علي وحاشيته لعام آخر على أن تنتهي تلك الفترة في جانفي المقبل، وفق بيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية السويسرية آنذاك والتي علقت وقتها على قرارات اتخذتها سلطات قضائية لبعض الدول مثل تونس من أجل التوصل إلى تسوية مع الشخصيات محل الاتهام بأنها تشكل حلا بديلا.
وحسب المادة رقم 6 من قانون الفيدرالية السويسرية حول تجميد ورد الأصول غير الشرعية المملوكة لشخصيات أجنبية، فإن مدة تجميد الأصول داخل بنوك سويسرا لا يجب أن تتعدى أربع سنوات، ولكن يحق للمجلس الفيدرالي أن يمدد فترة تجميد الأصول عاما آخر إذا أبدت حكومات تلك الدول رغبتها في التعاون في إطار المساعدة القانونية المتبادلة مع سويسرا. ولكن على أن لا تزيد المدة الإجمالية للتجميد الإداري عن عشرة سنوات. وبذلك يكون عام 2021 نهاية عمر التجميد، وفق ذات المصدر.
وإذا أبدت السلطات التونسية رغبتها في الإبقاء على تجميد الأصول، فقد يسفر اجتماع المجلس الفيدرالي عن تمديد التجميد لعام آخر.
تسوية الملف وديّا؟
وفي هذا الإطار، قال وزير أملاك الدولة السابق مبروك كورشيد في حوار مع DW عربية إنه يعتقد أن يتم تمديد قرار التجميد لعام آخر، ولاسيما أن طلب الحكومة التونسية بذلك موجود قبل مغادرته من منصبه في الوزارة المعنية بملف استرداد الأموال من الخارج في نوفمبر الماضي.
وقال كرشيد “هناك سبب آخر يمكن أن يسفر عن تمديد التجميد وهو أنه كان هناك اتفاق العام الماضي في واشنطن على أن يكون آليات جديدة لتسريع استرداد الأموال”، موضحا أن عدد الشخصيات المجمدة أموالهم حاليا ثمانية أشخاص، من بينهم أصهار بن علي.
وكانت السلطات التونسية قد طالبت الدول الأوروبية بتجميد أموال 48 شخصا عقب الثورة. وتابع كورشيد أن سويسرا رفعت أسماء 40 شخص ليس لديهم أموال في بنوكها وأبقت على ثمانية آخرين، وفق قوله.
من جانبه، أفاد القاضي علي الهمامي المكلف العام بنزاعات الدولة في الجمهورية التونسية لـ DW عربية بأن الحكومة قدمت طلبا بخصوص تجميد الأموال كما قدموا المؤيدات على استمرار التجميد بناء على من وزارة العدل التونسية، لافتا إلى أن الحكومة لا تزال على اتصال مع دول الإتحاد الأووربي بخصوص الأموال المجمدة.
وأشار الهمامي إلى أن المبلغ المخصص لبن علي وحده غير معروف ولم يتم الإفصاح عنه ولكن المعلوم هو فقط المبلغ الإجمالي لجميع المجمدة أموالهم، مضيفا أن تجميد الأصول في الإتحاد الأوروبي ككل لا يقتصر فقط على كونه إداريا، بل أيضا بناء على قرارات قضائية بالتعاون بين الحكومة التونسية ودول الإتحاد.
وردا على سؤال عن إلى أي مدى ساهم قانون المصالحة التونسي الإداري مع عدد الشخصيات ورجال الأعمال من عهد بن علي، في الإفراج عن بعض الأموال المجمدة، قالت الخارجية السويسرية “لا يبدو أن المساعدة القانونية المتبادلة بين تونس وسويسرا مرتبطة بشكل مباشر بقانون المصالحة الإدارية التونسي.”
وفي هذا الصدد أكّد مبروك كرشد أنه تم الإفراج عن بعض الأموال في بنوك سويسرا بعد التوصل إلى تسوية بين الحكومة التونسية وبعض الشخصيات بشكل ودي، بعيدا عن إطار قانون المصالحة الإداري، مضيفا أن من بين الشخصيات التي تم التوصل معها إلى تسوية من أصهار بن علي مثل الرئيس السابق لنادي الترجي التونسي سليم شيبوب.
أما القاضي علي الهمامي، فقد صرح بأن الحكومة ما تزال في مرحلتها الأولى من عقد لقاءات مع أصحاب الأموال من أجل التوصل إلى تسوية.
يشار إلى أنّ مكتب النائب العام السويسري كان قد أصدر إثر الثورة قرار بتجميد 60 مليون فرنك سويسري من أرصدة بن علي وعائلته. ولكن في شهر أفريل من عام 2016، أعاد مكتب النائب العام السويسري مبلغا بقيمة 250 ألف فرنك سويسري إلى تونس. وفي أفريل 2017 أيضا، بموجب طلب بالمساعدات القانونية من السلطات التونسية، رفع النائب العام السويسري التجميد عن 3.5 مليون يورو بالأرصدة المجمدة وتم إعادتها إلى دولة تونس.
وبخصوص التقارير التي تفيد برغبة بن علي في العودة إلى تونس وإعادة محاكمته، قالت وزارة الخارجية السويسرية “إذا كانت عودة بن علي أو أي شخص آخر يخضع للإجراءات الجنائية إلي تونس يسهل إصدار القرارات في تونس، فقد يكون لذلك تأثير إيجابي على إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة.”
واعتبر القاضي علي الهمامي أنّ رجوع بن علي وإعادة محاكمته قد تساعد في استرجاع الأموال ويمكن بعدها أن يكون هناك تصالح ودي “إذا كانت هنالك نية صادقة لإرجاع الأموال.”
التعاون القانوني حول هذا الملف
وفي ذات السياق، أكّد مكتب النائب العام السويسري في تصريحات لـ DW أن الإجراءات القانونية وفقا للمساعدات القانونية المتبادلة بين الحكومة الفيدرالية والسلطات التونسية بشأن تجميد هذا المبلغ “لا تزال قائمة”، فيما امتنع عن الإفصاح عن عدد وأبرز الشخصيات من حاشية الرئيس المخلوع المجمدة أموالهم.
الجدير بالذكر، أنه وفقا للنظام السويسري، فإنّ هناك ثلاث هيئات معنية بالأصول المجمدة، حسب ما صرح مكتب المدعي العام السويسري لـ DW. أولا، مكتب وزارة العدل الفيدرالية، من خلال تفويض لمكتب النائب العام، ويكون معني بالمساعدات القانونية المتبادلة بين سويسرا وبين دول الشخصيات المجمدة أموالهم في القضايا الجنائية، فيما يتولى مكتب النائب العام المسؤولية عن تجميد الأصول فيما يتعلق بهذه الاجراءات بالتعاون مع وزارة الخارجية السويسرية التي بدورها تختص بالتجميد الإداري بموجب قرار من الحكومة السويسرية، حسب ذات المصدر.