“الحكومة تعمدت تجاهل أو تغييب سعر صرف الدينار في قانون المالية 2019 .. جريمة في حق العملة الوطنية” و”بعد 8 سنوات من اندلاع شرارة الثورة .. هل المسار الانتقالي في تونس مهدد؟” و”احتواء الازمة ممكن” و”في ظل فشل الاحزاب والقطيعة مع المواطن المبادرة الشعبية هي الحل”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية اليومية الصادرة اليوم الاربعاء.
اعتبرت جريدة (الصحافة) في ورقة بصفحتها الثالثة، أن تعمد تغييب فرضية سعر صرف الدينار التونسي في ميزانية الدولة يخفي حقيقة خطيرة تتعلق بمستقبل العملة الوطنية التي دخلت منحى الانهيار الحاد، انهيار ممنهج تم التخطيط له تحت أعين حكومة الشاهد ويتواطأ منها مع جهات خارجية دولية تمثل مصالح الشركات العالمية ورأس المال العالمي الذي وضعت له حكومة الشاهد الاطار التشريعي للدخول الى تونس من باب الاستحواذ على المؤسسات العمومية والموانئ البحرية والفضاء الجوي في اطار قانون الاستثمار واتفاقية السماوات المفتوحة التي أمضتها مع الاتحاد الاوروبي التي كرست التطبيع الجوي مع دولة اسرائيل العضو بالمنظمة العالمية للتجارة منذ 21 أفريل 1995 حيث سيتمتع شركات الطيران الاسرائيلية بمبدا “المعاملة الوطنية” ومبدأ “الدولة الاكثر رعاية” لاستغلال المطارات التونسية وتعيين روني الطرابلسي على رأس وزارة السياحة ، حسب تقديرها، هو تتويج لمسار التطبيع.
وأضافت أن ما يلفت الاستغراب في هذا السياق ويدعو الى اطلاق صيحات الاستغاثة لانقاذ البلاد من حكومة تعمل على اغراق البلاد في مستنقع الافلاس والتطبيع، الادعاء بتوقع تطور الوارادات في السنة المقبلة بنسبة أقل مما يتوقع تحقيقه هذه السنة أي 1ر8 بالمائة سنة 2019 مقابل 2ر13 بالمائة هذه السنة في الوقت الذي تؤكد فيه جميع المؤشرات بتواصل تفاقم عجز الميزان التجاري التجاري وتراجع الصادرات مقابل تطور مكثف للواردات، وفق ما ورد بالصحيفة.
وأثارت (الشروق) في ورقة خاصة، استفهاما جوهريا حول مدى امكانية القول بأن الصعوبات التي يعيشها التونسيون تهدد المسار الانتقالي مبرزة أن الديمقراطية مسار طويل الامد ينبغي تحقيقها سنوات لا بأس بها وذلك قياسا ب5 قرون عاشتها بريطانيا وما يزيد على القرن في فرنسا تقريبا لتحقيق أهداف ثوراتهم، فدون اسقاط التجارب المقارنة على الواقع التونسي فهل استقراء ما يقارب العقد من حصيلة الثورة كفيل اليوم بالحكم بصواب خيارات المسار الذي اتبعته تونس أو بخطئه؟.
ونقلت في هذا السياق، عن المؤرخ، عميرة علية الصغير، تمسكه بنفي مقولة خطأ مسارات الانتقال الديمقراطي التي اتبعتها تونس في مسيرة الثورة موضحا أن مطالب الثورة كانت في أبعادها السياسية والاقتصادية تنشد تغيير الواقع نحو مناخات للحرية والديمقراطية وتغيير المنوال الاقتصادي والاستجابة لمطالب المجتمع حيث أن الابقاء على التناقضات في كل هذه العناصر من شأنه الدفع الى تصحيح المسارات في كل مرة.
وشدد، وفق ذات المصدر، على أن التقييم الموضوعي لحصيلة 8 سنوات من الثورة يؤكد تحقق مكسب حرية التعبير وتحقيق الانتقال السياسي مقابل تسجيل مؤشرات سلبية عديدة في الواقعين الاقتصادي والاجتماعي مضيفا بأن كل ذلك لا يمكن أن يبعث على التشاؤم رغم سياسة الهروب الى الامام من قبل النخب السياسية لان تونس التي ثارت ضد الاستبداد والفساد والحيف الاجتماعي قادرة على التعافي طال الزمن أو قصر، حسب ما ورد بالصحيفة.
وأشارت، الصحيفة ذاتها، في ورقة أخرى، الى الحاجة لتفعيل “المبادرة الشعبية” كبديل لتأكيد المشاركة في الحياة السياسية في ظل غياب التواصل بين المواطن والحكومة والفجوة بين المواطن والنخبة المسيرة وتغييب المواطن عن الخيارات الكبرى.
وأضافت، أن المبادرة الشعبية هي عبارة عن ديمقراطية مباشرة تمنح المواطن فرصة المشاركة في عملية صنع القرار في مجالات مختلفة لابداء رأيه في الطريقة التي تدار بها بلاده بصفة مباشرة مبينة أن المبادرة الشعبية يعرفها المختصون بأنها وسيلة من وسائل اتاحة الفرصة للمواطنين من أجل المشاركة في انتاج القوانين.
وعن كيفية اطلاق المبادرة الشعبية، يؤكد المختصون أنها تتم عبر اخضاع الفكرة للمسؤولين للتأكد من مدى قانونيتها ثم المرور الى حشد الدعم الشعبي لها في سويسرا اذ تمكن مواطن من تجميع 100 الف توقيع لمقترح ما بتم عرضه على التصويت على المستوى الوطني.
وأكدت النائبة، خنساء حراث، في السياق ذاته، أن المبادرة الشعبية أو المواطنية تعتبر هامة في تحقيق تطلعات المواطن اذا كانت وفق ضوابط وآليات قانونية مشيرة الى أن المواطن فقد ثقته في الطبقة السياسية والاحزاب لعدة أسباب منها التعددية الحزبية وضبابية المشهد السياسي الذي تنخره الازمات والمشاكل، وفق ما ورد بالمقال.
ورأت صحيفة (الصباح)، من جهتها، أن طبيعة الاشياء والادوار تفرض من حين لاخر توتر العلاقة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والتصعيد المتبادل لتحسين شروط التفاوض وجلوس الطرفين في نهاية المطاف على طاولة الحوار للتفاهم على الحد الادنى المطلوب موضحة أنه لا يمكن بأي شكل من الاشكال توقع علاقة مستقرة بين الطرفين لا تخلو من هزات ومد وجزر وخضعت دائما الى منعرجات الاطار التاريخي حيث نعيش اليوم علنا فصلا من فصول هذا السجال الطبيعي والمستمر الذي يتجسد على واجهتين الاولى في علاقة بغضب واحتجاجات الاساتذة المتواصلة والثانية تهم الاضراب في الوظيفة العمومية والقطاع العام المقرر ليوم 17 جانفي القادم.
وأضافت أنه في المقابل تبدو الحكومة كما المركزية النقابية في منعرج حاسم هذه المرة يختلف جوهريا عن المحطات السابقة من “المواجهة” بينهما لا سيما على امتداد سنوات الانتقال الديمقراطي لان طبيعة التصعيد الى حد الان وسياقات الازمة لا تخلو من تداعيات سلبية على الجانبين زد على ذلك توفر عوامل التأجيج أكثر من أصوات الدعوة الى التعقل والهدوء، لا سيما وأنه قد غاب اليوم عن خط التهدئة رئيس الجمهورية الذي لعب سابقا دورا حاسما في امتصاص الاحتقان وتقريب وجهات النظر وحتى الغاء قرار الاضراب العام كما حصل ابان وساطته بين الحكومة والاتحاد ابان معارضة قانون المالية لسنة 2017 والغاء الاضراب العام الذي كان مقررا في 8 ديسمبر 2016، حسب ما جاء بالصحيفة.