“لا تحاولوا تركيع الاعلام” و”في المعارك الخلفية للتطرف الديني حول المساواة في الميراث .. في التفكير المبطن ومساعي السيطرة السلفية على التدين التونسي” و”وتتوالى أيام الغضب في القطاعات” و”فتوى تحرم المساواة في الميراث تضرب المسار الديمقراطي والدولة المدنية”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الخميس.
أكدت جريدة (الصباح) في مقالها الافتتاحي، أن كل محاولات السيطرة على المؤسسات الاعلامية أو الدفع بها مجددا الى بيت الطاعة معركة خاسرة فشلت فيها كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة وستفشل كل المحاولات اللاحقة وهي معركة محسومة سلفا ولا تقبل الابتزاز أو المساومة مشيرة الى أن أغلب التونسيين يصرون على أن أفضل وأهم ما تحقق لبلادنا بعد الثورة ينحصر في حرية الرأي والتعبير التي لا يمكن أن تخضع للتنازلات في بلد عرف ما يمكن أن يؤول اليه الوضع عندما تصادر أم الحريات فيسود الفساد والظلم والاستبداد وتغيب ثقافة التقييم والمحاسبة والمساءلة، وهنا مكمن الداء وسبب الاستنفار الحاصل بين أهل القطاع كلما استشعروا محاولات الدفع به الى المربع الاول واعادته الى مظلة الطاعة.
واعتبرت أن المشهد الاعلامي في بلادنا يحتاج وأكثر من أي وقت مضى الى وقفة تأمل جريئة والى تقييم عميق للوقوف على واقع المشهد الاعلامي وما شابه من اخفاقات وفشل في الاستثمار فيه برغم مناخ الحريات غير المسبوق وترسانة التشريعات القانونية لتطويره على مدى عمر الثورة موضحة أن في مصادرة ارادة السلطة الرابعة وتحجيمها والرضوخ لاهواء وميول سماسرة القطاع استهداف للتجربة الديمقراطية وهي مسألة لا نخال أن الرأي العام التونسي يمكن أن يقبل بها، وفق ما ورد بالصحيفة.
ولاحظت (المغرب) في مقالها الافتتاحي، أن المتتبع لمجريات الشأن الديني في بلادنا يلاحظ بيسر التحولات الهامة والخطيرة التي طرأت عليه منذ ما لا يقل عن العقدين من الزمن مشيرة الى أن ما كان ومازال يسمى عندنا وعند غيرنا بالاسلام المعتدل انما كان شعارا دعائيا سياسيا يغطي تحولا حقيقيا عند القائمين على كل مكونات التدين الرسمي والشعبي اذ تسللت اليه عبر وسائل دعائية ضخمة وأموال وامكانيات هامة السلفية الوهابية والياتها العقائدية والفكرية القائمة على القراءة الحرفية النصوصية وعلى التشدد في التفكير وتبديع المخالف والقول بأن مظاهر الشرك أضحت عامة في المجتمع وأنه لا بد من مقاومتها بالرجوع الى القرآن والسنة بفهمها على طريقة “السلف الصالح”.
وأشارت الى أننا في تونس وعلى عكس العديد من البلدان العربية الاخرى أمام سلفية مخاتلة ومراوغة لا تجرؤ في عمومها على مواجهة المجتمع بكل عقائدها بل تشدد بالاساس على ما تعتبره يحظى بمقبولية خارج الدوائر السلفية الضيقة وآخر هذه المعارك الخلفية للسلفية المخاتلة هي المساواة في الميراث باعتبارها ضربا للشريعة وهدما للعائلة ولقيمها ومعاداة للهوية العربية الاسلامية مبينة أننا نجد طيفا من الجمعيات وخاصة من أساتذة الجامعة الزيتونية تحت مسمى “علماء الزيتونة” ينشطون صباحا مساء لاقناع التونسيين بأن المساواة الاختيارية في الميراث بين الذكر والانثى انما هي خروج صريح عن الدين ومعاداة لله ورسوله بينما لا يجرؤ، الى اليوم، أي واحد من هؤلاء على القول بأن عدم قطع يد السارق أو جلد الزاني انما هو محاربة لله ولرسوله ولكتابه، حسب ما جاء بالصحيفة.
وفي سياق متصل، تطرقت جريدة (الشروق) في ورقة خاصة الى الفتوى التي يعتزم علماء الزيتونة اصدارها والتي تحرم شرعا انتخاب أي نائب يصوت لصالح مبادرة المساواة في الميراث متسائلة عن كيفية اعتماد فتوى في ظل نظام ديمقراطي.
وأضافت، أن أستاذ القانون الدستوري، أمين محفوظ، استنكر ما صرح به أحد شيوخ جامعة الزيتونة منوها الى أن النظم الديمقراطية تستمد تشريعاتها من برلماناتها ولا تقوم مبادئها اطلاقا على الفتاوى وتستمد مشروعيتها من علوية القوانين وعلى رأسها دستور الجمهورية الذي أكد الطابع المدني للدولة معتبرا أن التيارات المحافظة بما راكمت من موروث ثقافي مادي لمفاهيم الديمقراطية ومن بينها المساواة والحرية هي أساسا تقف عقبة ضد مشاريع التحديث والبناء الديمقراطي.
وأضاف، وفق ذات الصحيفة، أن اصدار فتاوي في النظام يعد أمرا خطيرا للغاية لا سيما أن الندوة التي برز فيها هذا الخطاب حضرها أحد المؤسسين للجمهورية الثانية في اشارة الى وزير الشؤون الدينية السابق نور الدين الخادمي.
ونقلت عن النائب، صلاح البرقاوي، من كتلة الحرة لمشروع تونس قوله ان اعتزام علماء الزيتونة اصدار فتوى تحرم انتخاب كل نائب يصوت لصالح المساوة في الميراث يعد بمثابة التكفير المبطن.
كما تساءل عدد من مراقبي الشأن السياسي عن دوافع اقحام شيوخ الزيتونة للدين في السياسة وعدم احترام المرجع القانوني الاول للبلاد وهو الدستور مرجحين أن تكون خدمة لطرف سياسي معين لا سيما انهم لم يصدروا سابقل فتاوى تتعلق بدور المؤسسة التشريعية.
وجاءت افتتاحية جريدة (الصحافة) تحت عنوان “وتتوالى أيام الغضب في القطاعات” والتي أشارت فيها الى أن الاساتذة أطلقوا يوم غضبهم بالميدعات البيضاء وبالشعارات والمسيرات والاعتصامات التي شملت تقريبا كل المندوبيات الجهوية اضافة الى التجمع الرسمي في ساحة محمد علي بالعاصمة ومنها الى الشارع الرئيسي.
وأضافت، أن المحامين، من جانبهم، يحتجون على منطوق الفصل الرابع والثلاثين من قانون المالية لسنة 2019 المتعلق بالسر المهني والذي تعتبره العائلة القضائية اعتداءا صارخا على حرمة المهنة وتدخلا في الخصوصيات الشخصية للمحامي وموكليه بل فيهم من يذهب الى حد اعتباره فصلا يريد أن يحول المحامي الى “واشي” يتجسس على موكليه ويعطي بياناتهم للجهات الضرائبية.
وأشارت، الى أن هذه الاشكالية الحقيقية التي تعاني منها عديد القطاعات والتي تقوم على أساس أن سلطة الاشراف ترى وتسمع الاحتجاجات، وتعاني من انقطاع الانتاج وتوقف العمل ومع ذلك تصر دائما على أمر من اثنين، اما أنها لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم وتتعاطى مع الاحتجاجات بموقف سلبي وتتجاهلها أو أنها تتفاوض ولا تقدم حلولا جذرية ولا مقترحات جديدة وبالتالي تبقى الامور تدور في مكانها ولا تقدم في اي مجال من المجالات العالقة.
وأكدت، في سياق متصل، أن السياسة الرشيدة لا يمكنها أن تقوم على هذه الاساسات فالحكم في نهاية الامر هو سياسة الشان العام أي حل كل الاشكالات التي يمكن أن يتعرض لها المجتمع وليس التهرب منها والاختباء خلف القوانين الجامدة التي لا يمكنها أن تتقدم في ايجاد الحلول طالما لا تجد رغبة سياسية صادقة في الاصلاح وطالما لا تتوفر على روح المبادرة السياسية القادرة على تجاوز جميع العراقيل من أجل التقدم بالبلاد في مختلف القطاعات.