“مع قرار الاضراب العام .. أشغال مجلس نواب الشعب يعاد ترتيبها من جديد” و”عندما يختار الشاهد مواجهة الاتحاد” و”مخطئ من يعتقد أن التصعيد يحقق المكاسب” و”من أسباب اضراب الوظيفة العمومية والقطاع العام .. تراجع مستوى عيش التونسي وتعمق حجم التداين لدى الاسر”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
لاحظت جريدة (المغرب) في ورقة بصفحتها الخامسة، أن قرار الاضراب العام لم يقتصر على الوزارات والوظائف العمومية فقط بل تسبب في شلل صلب مجلس نواب الشعب حيث تغير جدول الاعمال برمته سواء على مستوى المصادقة على مشاريع القوانين أو أشغال اللجان القارة والخاصة وأيضا استكمال التوافقات بخصوص انتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مشيرة الى أنه المنتظر أن يعقد المجلس اجتماعا بداية الاسبوع القادم لاعادة ترتيب أولويات البرلمان للفترة القادمة.
وأضافت أنه على خلفية قرار الاتحاد العام التونسي للشغل اقرار الاضراب العام تعطلت أشغال مجلس نواب الشعب حيث كان من المفروض أن تواصل الجلسة العامة المنعقدة أول أمس مناقشة مشروع القانون المتعلق بالميزانية مشيرة الى أن الكتل البرلمانية تسعى الى المطالبة بجلسة عامة مع ممثلي الحكومة لمناقشة تداعيات الاضراب العام على الاقتصاد وكلفته المالية على الميزانية وأيضا انعكاساته السلبية على صورة تونس في الخارج خلال المدة القادمة مع العمل على ايجاد الحلول الضرورية بين كل من الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل.
كما بينت أن الاضراب العام قد ألقى بظلاله على مجريات كافة أشغال البرلمان، فعلى غرار تعطيل قانون المشروع المذكور فقد تم تأجيل الجلسة العامة للاسبوع القادم في وقت كان من المفروض أن يستكمل مجلس نواب الشعب التوافقات بخصوص انتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والتجديد الثلثي لمجلسها مشيرة الى أن جدول الاعمال تغير باعتبار أن موظفي وأعوان المجلس تابعون للوظيفة العمومية وسيتم ترحيل المسألة برمتها الى موعد لاحق لاجتماع مكتب المجلس الامر الذي قد يعيد ترتيب الاوراق من جديد بالنسبة الى جدول الاعمال للثلاثية الاولى من السنة الحالية، وفق ما ورد بالصحيفة.
واعتبرت (الصحافة) في مقالها الافتتاحي، أن كلمة رئيس الحكومة يوسف الشاهد، عشية الاضراب الذي مضى اليه الاتحاد العام التونسي للشغل باهتة وبلا جديد على مستوى المضامين والرسائل الموجهة لعموم التونسيين الذين خاطبهم عبر المرفق العمومي بالنظر الى أنه حاول اجترار ما قاله سابقا في مناسبات وسياقات أخرى وهو ما مفاده أن الحكومة غير قادرة على أن تعطي أكثر من طاقتها.
ورأت أنه كان من الحكمة قبول مقترح زيادة الاجور الذي طالبت به المنظمة الشغيلة حفاظا على التوازنات المالية ودرءا للتوترات الاجتماعية وسعيا الى تجسير الفجوة مع الاتحاد باعتباره شريكا فاعلا ومؤثرا في المشهد التونسي مضيفة أن الاستجابة للمطالب المشروعة لشريحة عريضة من عموم التونسيين بغية التخفيف من حدة التضخم وحماية المقدرة الشرائية المهترئة من جراء الغلاء المشط للاسعار، كانت في جميع الاحوال الحل الاسلم والافضل والمنطقي لدرء أي احتقان أو توتر.
وأضافت أنه بيدو أن الشاهد لم يدرك بعد أن من يختار أن يكون على الطرف النقيض مع المنظمة الشغيلة قد اختار وبشكل سافر الوقوف ضد ارادة الاغلبية العظمى من هذا الشعب المغلوب على أمره الذي طحنته السياسات الخاطئة التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة على السلطة منذ جانفي 2011 والتي أظهرت فشلا ذريعا على جميع المستويات قاد الى حالة احتقان غير مسبوقة وتسبب بشكل مباشر في أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة دون أن ننسى حالة الارتباك السياسي التي تعيش على وقعها بلادنا منذ فترة ليست بالقصيرة، حسب ما جاء بالصحيفة.
من جهتها، اعتبرت جريدة (الشروق) في افتتاحيتها اليوم، أن التمادي في هذا الصراع بات أمرا يدعو الى القلق ويحفز على دق ناقوس الخطر مبرزة أن أخطر ما فيه أن ينشغل البعض بتقاذف كرة المسؤولية بينما البلاد تغرق في أزمة مدمرة باتت تؤشر الى مرحلة خطيرة خصوصا في ظل التآكل المتمادي للدولة وانهيار مؤسساتها وشبح الازمة الاقتصادية الذي يطل برأسه من يوم الى آخر بأكثر بشاعة مشيرة الى أن من يعتقد أن منطق التصعيد سيؤدي الى تحقيق مكاسب مخطئ لان ذلك لا يمكن أن يكون الا مدخلا الى الفوضى يتدحرج بالازمة الى مستويات غير مسبوقة سيكون من الصعب الخروج منها ما لم يعمد كل طرف الى التنازل وتحكيم صوت العقل تفاديا لبلوغ مرحلة “حرق المراكب”.
وأكدت على ضرورة بحث كيفية الانقاذ والخروج من هذه الانزلاقات الخطيرة وتدبير الخلافات القائمة بصورة بناءة بعيدا عن مظاهر التشنج والعنف بكل صوره ذلك أن الجنوح الى تحريك الشارع وتبادل الاتهامات يشكل انحرافا عن الطرح المفيد للقضايا ولا يخدم بأي حال من الاحوال المصلحة العامة للوطن، وفق تقدير الصحيفة.
وأشارت جريدة (الصباح ) في مقال لها، الى أن تراجع مستوى عيش التونسي ب40 بالمائة وتعمق حجم التداين لدى 60 بالمائة من الاسر هو من أهم الاسباب المباشرة للمطالبة بالزيادات في الاجور، مضيفة أن مستوى عيش التونسي عرف تراجعا ملحوظا بسبب تدهور قيمة الدينار الذي فقد 60 بالمائة من قيمته في مواجهة العملات الاجنبية منذ سنة 2014.
وبينت، أن حجم التداين لدى الاسر التونسية تعمق حيث تجد أكثر من 60 بالمائة منها نفسها مثقلة بالديون، مضيفة أنه في الاشهر الاخيرة من سنة 2018 زاد حجم القروض المسندة الى الاسر لتلبية حاجيات مستجدة، بنسبة 117 بالمائة مقارنة بالفترة من سنة 2010 أي بقيمة تعادل ال23ر3 مليار دينار حسب ما كشفته آخر الاحصائيات الرسمية.
ويرى العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي أن تنامي نسق التداين الاسري دون ضوابط من شأنه أن يزيد من هشاشة النظام المالي داعين الى ضرورة ايجاد حلول سريعة من أجل تحسين المقدرة الشرائية والتي على رأسها ضرب الاحتكار بالاسواق حتى يتم التحكم في أسعار في المواد الاستهلاكية فضلا عن مراقبة مسالك التوزيع
وتنظيمها.
وأضافت، أنه مع تطبيق هذه الاجراءات، ستتجنب الدولة المأزق الذي وضعت فيه في الاونة الاخيرة وبقيت تتأرجح فيه بين تعهداتها مع المؤسسات المالية الدولية من جهة والمطالب الاجتماعية التي يتبناها الاتحاد العام التونسي للشغل والتي تخص الزيادة في أجور الموظفين من جهة أخرى.