أثار اتهام، عميد كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة عبد السلام العيساوي عميد الكلية السابق ورئيس مخبر التراث بها حاليا الحبيب القزدغلي بشبهة التطبيع والتستر بمظلة الحريات الأكاديمية، جدلا واسعا على صفحات التواصل الإجتماعي.
وفي هذا الإطار أفاد عبد السلام العيساوي في تصريح لمراسلة (وات) بمنوبة أنه تسلم في 24 ديسمبر و 27 ديسمبر 2018 مطلبي احالة الى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من مخبر التراث بكلية الآداب بمنوبة بخصوص محتوى اتفاقية مع جامعة “شيفيلد” البريطانية لإنجاز بحث حول “آثار الذاكرة اليهودية في تاريخ تونس المعاصر” حيث تم احالتها بالرفض على مصالح جامعة منوبة.
وأضاف أنه فوجئ بحصول الاتفاقية مسبقا بين المخبر و الجامعة المذكورة وقيام هذه الأخيرة بايداع القسط الأول من المبلغ المتفق عليه وقدره ثلاثين ألف دينار في الحساب الجاري للكلية وذلك دون علم الإدارة مع استعمال طابع الكلية دون وجه قانوني خاصة أن مثل هذه الإتفاقيات تتم بين الكليات مباشرة وليست عبر المخابر.
و أوضح نائب رئيسة جامعة منوبة هشام الريفي من جانبه أن الإتفاقية المذكورة لم تمر بالتسلسل الاداري الذي يجب أن تمر عبره الإتفاقيات المبرمة بين مخابر البحث والجامعات أو مؤسسات التعليم العالي الأجنبية مضيفا أن الإتفاقية موضوع الخلاف كان يجب أن تمر عبر عمادة الكلية ثم الجامعة ثم الوزارة.
من جهته أكد مدير مخبر التراث والعميد السابق لكلية الآداب الحبيب القزدغلي ل (وات) أن المشروع الثنائي بين مخبر التراث وفريق البحث المنتمي لجامعة “شيفيلد” الذي يرأسه الباحث البريطاني في التاريخ الدكتور “دانيال لي” تم التقدم به بصفة مشتركة في شهر ماي الماضي وحصل على الموافقة على الدعم والتمويل من قبل الأكاديمية البريطانية في شهر أوت 2018 وهو يحمل عنوان ” آثار الذاكرة اليهودية في تاريخ تونس المعاصر” وهو أول دراسة متعددة الاختصاصات تعمل على اعادة الوعي بالذاكرة اليهودية باعتبارها إحدى مكونات الذاكرة الجماعية للبلاد التونسية وهو ممول من المال العمومي البريطاني وليس من مؤسسة خاصة.
واستغرب القزدغلي التجاوز الخطير للصلوحيات الذي قام به عميد الكلية يوم السبت 12 جانفي الجاري بنشر خبر رفض امضائه على اتفاقية مع جامعة “شيفيلد” البريطانية لما “فيها من تطبيع مع الكيان الصهيوني” مشهرا باسمه في النقاش على صفحته وضاربا عرض الحائط بقوانين وتراتيب الإدارة التونسية التي تقوم على حفظ سرية المراسلات الادارية التي هي بصدد الدرس خاصة وأن هذه المراسلات لم تكن موجهة اليه مباشرة وإنما هي موجهة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي حيث اقتضي التسلسل الاداري مرور تلك المراسلات عبره ورئيسة جامعة منوبة .
وعبر عن استنكاره من اثارة مسألة التطبيع فيما يتعلق بهذا المشروع الثنائي بين فريق بحث بريطاني وآخر تونسي و اعتبر ذلك يدخل في خانة محاكمة للنوايا ومحاولة لاقامة محاكم تفتيش للأساتذة المشرفين على مخابر البحث وفي مقدمتها مخبر التراث الذي يعد أعرق و أول مخبر في المجال تم بعثه سنة 1999
و لفت الى أن مثل هذه المشاريع تعرض للمداولة والنقاش و للمصادقة ضمن المجالس العلمية للمخابر ويتم رفع نسخ من محاضر الجلسات لسلطة الاشراف وهذه المشاريع تخضع للتقييم العلمي الدوري من طرف خبراء تونسيين وأجانب مكلفين للغرض من طرف المركز الوطني لتقييم أنشطة البحث العلمي مضيفا أن دور العمداء هو دعم المخابر واحتضانها وتسهيل أعمالها وليس عرقلتها وهرسلة المشرفين عليها .
واعتبر أن التشويه المقصود لايعدو أن يكون “سوء نية” حسب قوله لتصفية حسابات قديمة مع شخصه تعود لفترة توليه العمادة نتيجة كشفه لتجاوزات خطيرة وهي محل تقاضي لدى محكمة الناحية بمنوبة كما تم تضمينها في تقارير رفعت في وقتها الى رئاسة جامعة منوبة والى سلطة الإشراف.
وبخصوص تنزيل القسط الأول في حساب الكلية من الكلفة الجملية للبحث البالغة 120 ألف دينار أفاد القزدغلي أنه تم بتاريخ 7 جانفي الحالي بعد تقديم المراسلات الى الوزارة وذلك في كنف الشفافية وبعد اعلام الوزير بذلك قبل وبعد عملية التحويل مشددا على أن صرف تلك الأموال سيخضع لتراتيب وقوانين المالية العمومية التونسي وهي ستتخصص أساسا لتغطية أجرة المتعاقدين للمساعدة على انجاز أهداف مشروع البحث وفق برنامج محدد مسبقا وسيتم مراقبة انجازه من قبل المشرفين عليه وفق نواميس البحث الآكاديمي المتعارفة على المستوى الدولي .
يذكر أن مشروع البحث المذكور ورد في قائمة مشاريع برنامج التنمية المستدامة 2018 للأكاديمية البريطانية الممولة للمشروع بذكر هوية الباحثين وهما الباحث في التاريخ الدكتور “دانيال لي” عن جامعة “شيفيلد” والحبيب القزدغلي عن جامعة منوبة وقيمة البحث (266.943 جنيه إسترليني) مع نبذة حول محتوى وأهداف البحث.