“الاستقواء على الدولة .. مرفوض في كل الحالات” و”حتى لا نعسر حكم تونس على أنفسنا” و”الكارثة…” و”الاصوات ارتفعت للمطالبة برحيلها .. هل استوعبت الحكومة درس الاضراب العام؟”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم السبت.
اعتبرت جريدة (الصباح) في افتتاحيتها اليوم، أن هرولة البعض ومسارعتهم الى تمجيد الطرف النقابي واعلان انتصاره على الحكومة بمناسبة تنفيذ الاتحاد العام التونسي للشغل لاضراب عام في الوظيفة العمومية والقطاع العام، من قبيل المزايدة على البلد وفيها محاولة لصب الزيت على النار.
وأضافت أنه من الموضوعي الجزم بأن بلادنا لم تجن الشئ الكثير يوم 17 جانفي تاريخ تنفيذ الاضراب العام ما عدا ما تم تسجيله من انضباط والسيطرة على الوضع رغم التعبئة الكبيرة والحشد الواضح الذي قام به اتحاد الشغل لانجاح الاضراب الذي تم اقراره بعد فشل المفاوضات حول الزيادات في الاجور مع الطرف الحكومي مشيرة الى أن بلادنا محتاجة الى سواعد التونسيين والى عقولهم وكل دقيقة تضيع دون استثمارها في العمل هي خسارة حقيقية في ظرف اقتصادي واجتماعي صعب وهي لا تحتمل المزايدات والدعوات المريضة للاستقواء على الدولة التي وجب التذكير بأنها أكبر من الاشخاص وأنها الضامن لاستقرار البلاد وحمايتها من أولئك الذين يسعون الى سن شريعة الغاب.
ورأت أن الدعوات الضمنية والمباشرة هذه الايام للاستقواء على الدولة هي دعوات غير بريئة وتؤكد أن أصحابها انما استغلوا الظرفية الخاصة وحالة الخوف لدى الموظفين من عدم تعهد الدولة بالتزاماتها تجاههم للتأليب ضد الدولة وتأجيج الاحتقان وتسميم الاجواء وبث الدعاية المغرضة، وفق تقدير الصحيفة.
وأثارت (المغرب) استفهاما جوهريا حول الوسيط النشيط الذي يمكن أن نجده عندما تتخاصم الحكومة مع اتحاد الشغل هل هو رئاسة الجمهورية أم مجلس نواب الشعب؟ معبرة عن أسفها لاننا فقدنا القيمة الرمزية لهاتين المؤسستين المنتخبتين حيث أن رئاسة الجمهورية فقدت كل دور تحكيمي بحكم الانخراط المباشر وغير المباشر لرئيس الدولة في مساعي “التوريث الديمقراطي” الى جانب مجلس نواب الشعب الذي لم يقدر في أي مرحلة من مراحله على احتضان النقاش السياسي الاساسي في البلاد والذي تم في كل مرة خارج قبة باردو بالاضافة الى عدم قدرة البرلمان على امتداد هذه السنوات الاربع على استكمال بناء المؤسسات الموكولة اليه والتدهور الكبير لصورته لدى عموم التونسيين بفعل السباب والشتم والمعارك السياسوية التي طغت في تمثل التونسيين له.
وأبرزت أن الديمقراطية في أحد أبعادها الاساسية هي حسن ادارة الخلافات والازمات أيضا ووجود هيئات ومؤسسات وشخصيات تلعب دور الوساطة فالطرف الثالث أساسي في الديمقراطية، والاشكال كل الاشكال لو تحول الطرف الثالث الى طرف نزاع أساسي يجعل من الوساطة مهمة مستحيلة في بلادنا مشيرة الى أن تونس في مفترق فعلي لا افتراضي وليس هناك مخرج من هذا التيه سوى ايجاد الحد الادنى المشترك لمعالجة مشاكل البلاد وللتقدم باقتصادها، أما لو تنازعنا الى الابد فستذهب ريحنا جميعا لا محالة، وفق تقدير الصحيفة.
وعرجت (الشروق) في مقالها الافتتاحي، على الاحصائيات التي تؤكد أن تونس تحتل المركز الثاني عربيا في هجرة الادمغة والكفاءات مشيرة الى أنه في الوقت الذي ينشغل فيه رئيس الجمهورية بخلافه مع رئيس الحكومة وفي الوقت الذي تهتم به الاحزاب الحاكمة بالاعداد لحملتها الانتخابية القادمة هاجر أكثر من 95 ألف طبيب ومهندس وجامعي تونسي في سنة 2017 وحدها.
وأضافت أن هذا الرقم الذي تداولته وسائل اعلام عالمية ومراكز بحوث ودراسات دون أن يهتم به أحد من المسؤولين التونسيين واصحاب القرار موضحة أنه من بين الذين غادروا تونس أكثر من 8 الاف جامعي من بينهم أكثر من أربعة الاف باحث الى جانب الاف الاطباء والمهندسين أغلبهم من الشباب والمتخرجين الجدد من الجامعات التونسية العمومية التي يمولها الشعب التونسي من عرقه وماله وجهده.
واعتبرت أنه من العار أن تكون مستشفياتنا دون أطباء في حين أن الاف الاطباء التونسيين المتخرجين من الجامعات التونسية يعملون في مستشفيات فرنسا وألمانيا وكندا بعدما أنفق الشعب التونسي على تدريسهم وتكوينهم مطالبة الدولة بالتدخل وعدم الاكتفاء بالفرجة اذ على من يحكم تونس اليوم أن يدرك أنه يتحمل وزر هذه الكارثة وأن الاجيال القادمة لن تغفر له ذلك، حسب ما ء بالصحيفة.
ولاحظت جريدة (الصحافة) في ورقة خاصة، أن رحيل حكومة الشاهد تحول الى مطلب تشترك حوله مجموعة من الاحزاب والنخب السياسية لقي صداه لدى شرائح واسعة من المجتمع التونسي الذي وقف شاهدا على اخفاقات الحكومة في أكثر من ملف وفي أكثر من مجال وهي اخفاقات جعلت من الواقع اليومي للمواطن واقعا مريرا نتيجة الارتفاع المشط في أسعار المواد الاولية والنقص الفادح في بعضها الاخر الامر الذي زاد في تراجع المقدرة الشرائية للمواطن وانحسار الطبقة الوسطى صلب المجتمع التونسي وتولد حالة من الاحتقان والتململ الاجتماعي لدى شرائح واسعة من المجتمع ولعل اضراب 17 جانفي جاء في صورة تلخيص لهذا الوضع الاجتماعي الذي ينبئ بانفجار.
وأضافت أنه مقابل هذه الوضعية الاجتماعية تسببت حكومة الشاهد في أزمة سياسية خانقة ببروز الخلافات بين مؤسستي رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية بعد أن خير رئيس الحكومة المحافظة على دعم حركة النهضة الداعمة لمسألة الاستقرار الحكومي على حساب حزبه “الام” حزب نداء تونس الذي أعلن في أكثر من مناسبة عن انتهاء مرحلة التوافق مع حركة النهضة وتعليق مسار وثيقة قرطاج.
واعتبرت أن هذه الحصيلة ثقيلة ألبت الرأي العام الوطني والسياسي على الشاهد وحكومته متسائلة .. كيف سيتعامل الشاهد مع هذه الوضعية في قادم الايام خاصة بعد تململ حركة النهضة في تحديد موقفها من الاضراب العام ومن مسألة التوافق مقابل الحفاظ على التحالف مع الشاهد لما يوفره من خلفية سياسية تحملها النهضة أخطاء التدبير والتسيير لشؤون الدولة؟.