انطلق بمجلس نواب الشعب بقصر باردو الاحتفال بمرور خمس سنوات على المصادقة على دستور الجمهورية الثانية أو دستور تونس 14 جانفي، كما يسميه البعض ، وقد ازدان بهو البرلمان بمعرض وثائقي عن تاريخ تونس وغصت أروقته بالنواب المؤسسين والنواب الحاليين وقد علت وجوههم الابتسامة وتبادلوا التهاني بما اعتبروه مناسبة مهمة تشرف تونس على مر التاريخ.
ولئن اتفق النواب المؤسسون على أهمية هذه المناسبة التاريخية وتاكيدهم على فخرهم واعتزازهم بالمشاركة في صياغة دستور الجمهورية الثانية، فقد اختلفت اراؤهم ، حول مدى وجاهة الدعوات المتكررة لتعديل الدستور وتغيير النظام السياسي الذي وضع آنذاك وهو “النظام البرلماني المعدل” وفق ما صرحوا به صباح اليوم الاثنين لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات)
وقال النائب المؤسس محمد الحامدي، إنه كان من المفروض أن يقع الاحتفال بدستور الجمهورية الثانية قبل هذا اليوم، معتبرا أن هذا الدستور توج ثورة الشعب وهو فخر لتونس “لأنه من أفضل الدساتير وكان تقدميا في الكثير من أحكامه وفصوله بخصوص الحقوق والحريات العامة أوفي ما يهم السلطة المحلية أو في الهيئات الدستورية التي نص عليها”، واعتبر الحامدي أن المشكل اليوم هو في النواب الذين جاؤوا بعد النواب المؤسسين وخاصة نواب الائتلاف الحاكم، الذين اتجهوا نحو تعليق فشلهم السياسي على الدستور وهو براء من ذلك مؤكدا على ضرورة تطبيق أحكام الدستور وإرساء هيئاته قبل التفكير في تغييره.
واعتبر النائب المؤسس عمر الشتوي، أن هذا الاحتفال هو أقل ما يمكن فعله لتثمين أهمية دستور الجمهورية الثانية، ودعا بالمناسبة إلى تفعيل مضامين الدستور واستكمال مرحلة الانتقال الديمقراطي، مشيرا إلى أن الدستور يحتاج إلى وقت لتكريسه على أرض الواقع واستكمال بناء المؤسسات الدستورية. ولاحظ الشتوي أن الدعوات إلى تعديل الدستور سابقة لأوانها وتعطي إشارات سلبية إلى المستثمر الأجنبي باعتبارها توحي بعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
ولاحظت النائبة المؤسسة سلمى بكار، أنها تحتفل بهذا اليوم بالكثير من الحنين والمشاعر نحو تلك الفترة التي شهدت الكثير من النقاشات البناءة والحوارات الديمقراطية أحيانا والمتشنجة أحيانا أخرى، داعية الى ضرورة تذكر النواب المؤسسين قبل هذا اليوم.
وعبرت بكار عن معارضتها لدعوات تعديل دستور الجمهورية الثانية، التي قالت انها ليست في محلها ، نظرا إلى أن “الدستور لم يطبق بعد حتى يفكر البعض في تغييره”، مؤكدة أن تطبيق فصول الدستور واستكمال إرساء الهيئات الدستورية كفيل بحل جميع المشكلات، داعية إلى عدم جعل الدستور تعلة لفشل البعض في الحكم.
وقال النائب بالمجلس الوطني التاسيسي فيصل الجدلاوي، أن هذا الاحتفال يعد ذكرى جميلة يجب الاحتفال بها دائما وتثمين الثورة التونسية مضيفا ان تعديل هذا الدستور الجديد ومراجعته امر عادي اذا اتضح وجود قصور أو هنات فيه قائلا في هذا الصدد “كنت في السابق ضد تعديل الدستور لكن غيرت رأيي بعد أن رأيت ما حصل من تشتت للسلطة وأعتقد أنه يجب أن يتجه النظام السياسي نحو منح صلاحيات أكثر لرئيس الجمهورية”.
ووافقته في هذا الرأي النائبة المؤسسة سميرة مرعي والتي اعتبرت أن هذا الاحتفال يعيد الاعتبار للنواب المؤسسين وللمجهود الذي بذلوه في اللجان والجلسات العامة والنقاشات التي أسست لهذا الدستور. وأكدت مرعي أنها تساند بقوة تعديل الدستور لأنه صيغ، ب”خوف من الدولة ورغبة في الحد من سلطتها” وبالتالي وقع تشتيت السلطة وتشتيت القرار السياسي ولم يعد هنالك طرف قادر على اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية وهو ما يتسبب في تعطيل دواليب الدولة وينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي وفق رايها
يشار إلى أن النواب المؤسسين قد تلقوا هدايا تذكارية من مجلس نواب الشعب تتمثل في نسخة فخمة من دستور الجمهورية الثانية و ديوان الأعمال الكاملة لشاعر الحياة أبو القاسم الشابي وديوان لمخطوطات الشاعر بيده.
وتتضمن الجلسة العامة الممتازة كلمة لرئيس المجلس محمد الناصر واخرى لرئيس المجلس الوطني التاسيسي مصطفى بن جعفر الى جانب مداخلات لنواب مؤسسين حول مواضيع تتعلق بالدستور وبناء الحقوق والحريات ودولة القانون والمؤسسات الى جانب تقديم المؤرخ محمد حسين فنطرمداخلة حول “دساتير تونس عبر التاريخ”