لم تغر إعلانات التخفيضات الشتوية التي علقت على واجهات محلات الألبسة و الأحذية بالعاصمة، ووصلت الى حدود 70 بالمائة، الزبائن بالشراء، وفشلت في جذبهم كما المعتاد، وخذلت الكثير من العاملين في القطاع الذين كانوا يعقدون آمالا عريضة على ما يسمى في تونس ب “الصولد الشتوي” في إحداث حالة من الحركية و الرواج في حركة البيع بعد موسم سجل ركودا كبيرا.
وذهبت آمال هؤولاء العاملين أدراج الرياح ، وتواصلت حالة الركود في حركة البيع والشراء رغم ان التخفيضات تراوحت بين 20 و 70 بالمائة وفق ما عاينته (وات) بعدد من المحلات التجارية المخصصة لبيع الملابس الجاهزة والأحذية المتواجدة بشوارع العاصمة على غرار شارع الحبيب بورقيبة، وشارل ديغول، وجمال عبد الناصر، فضلا عن المركب التجاري البالماريوم، وهي الأماكن الأكثر استقطابا للزبائن خلال فترة التخفيضات التي انطلقت قبل أيام لتتواصل فعالياتها على مدى ستة اسابيع .
وقال صاحب محل لبيع الملابس الجاهزة بشارع شارل ديغول بالعاصمة، أبى الإفصاح عن اسمه، أن المحلات لم تشهد طوابير وازدحاما كما المعتاد في كل موسم يعلن فيه عن التخفيضات، نظرا للوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه المواطن التونسي، والارتفاع النسبي لأسعار الملابس الجاهزة والأحذية مقارنة بإلامكانات المتواضعة للمواطن البسيط الذي تي بات همه الوحيد شراء المواد الاستهلاكية اليومية لاغير، وفق قوله.
وعزا الارتفاع النسبي للملابس الجاهزة والأحذية إلى سعي أصحاب هذه المحلات التجارية لتحقيق هامش ربح معقول لا يتجاوز، وفق ما قال، في غالب الأحيان 20 بالمائة خاصة أمام ضرورة دفع هذه الفئة للاداءات ومعاليم فواتير الماء والكهرباء ومصاريف اخرى .
وأكد صاحب المحل التجاري أن التكلفة الباهظة لبعض المواد الأولية التي يستوردها أصحاب المصانع من عدة دول أجنبية، وفي ظل تقهقر الدينار مقارنة بالا ورو والدولار تعد من أهم أسباب الارتفاع النسبي للملابس الجاهزة والأحذية .
و أشار التاجر إلى أن جل المواطنين ياتون للفرجة ويطرحون الأسئلة بخصوص الأسعار ومن ثم يرحلون دون ان يشتروا، وهو ما أدى ببعض أصحاب المحلات التجارية المخصصة لبيع الملابس الجاهزة لتغيير نوعية نشاطهم.
وقال مجموعة من المواطنين التقتهم (وات) في بعض المحلات التجارية لبيع الملابس الجاهزة بشارع جمال عبد الناصر أن الوضع الاقتصادي للأسر التونسية حاليا جعلها تبحث عن حلول أخرى كلفتها أقل على غرار التوجه الى أسواق الملابس المستعملة، وشراء السلع المعروضة على” الأرصفة وعلى قارعة الطريق”، والتسوق عبر الانترنيت الذي بات يسرق الاضواء من هذا الموعد الذي كان في وقت مضى ملاذ العديد من العائلات التونسية.
وأفادت أستاذة االتعليم الثانوي بالضاحية الجنوبية للعاصمة، عبير المانسي، أن الأزمة الاقتصادية جعلت الناس أكثر حكمة في الانفاق، ويحاولون الاستغلال الأمثل لقدراتهم الشرائية بالتوجه نحو أماكن أخرى تكون الكلفة فيها أقل بما لا يضر بجيب المواطن التونسي .
وأكدت بعض المحلات التجارية غالطت المواطنين إذ أن اللافتات الكبيرة المعلقة على واجهات عدد منها كتب عليها تخفيض بنسبة 70 بالمائة، وهي مغالطة كبرى، وفق رأيها، مضيفة ان الملابس ذات الجودة العالية والماركات العالمية لا تتجاوز نسبة التخفيض فيها على أقصى تقدير 20 بالمائة اذ لم يستثنيها التجار من التخفيض أصلا.
وقالت إنها قامت بجولة قبل موسم الصولد وتمكنت من تسجيل أسعار لأنواع متنوعة من الملابس متواجدة بأكثر من محل لكنها اكتشفت، ومنذ اليوم الاول من التخفيضات الشتوية، انها “مغالطات وتخفيضات وهمية باعتبار ان الملابس تباع بنفس الثمن تقريبا”، على حد قولها.
وحذرت المانسي أصحاب المحلات من الحيل التي يمارسونها على المواطن التونسي الذي أصبح على وعي كامل بالتخفيضات الوهمية، وبالتالي بات جل المتسوقين يراقبون السوق ويسجلون الاسعار قبل موسم التخفيضات ويقارنونها بما يقدمه التاجر من تخفيض.
واعتبر رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، لطفي الرياحي، في هذا الخصوص، أن وعي المواطن التونسي بالتخفيضات الوهمية والإشهار الكاذب من اهم العوامل التي جعلت المواطن التونسي يفقد الثقة في أصحاب المحلات التجارية وفي التخفيضات المعروضة.
وأشار لطفي الرياحي إلى أن العديد من المحلات التجارية المخصصة لبيع الملابس الجاهزة والأحذية تقوم خلال “موسم الصولد”، بتلصيق ترقيم ثلاثي جديد يحتوي على السعر الأصلي للملابس يكون مختلفا عما كان عليه من قبل، والسعر بعد التخفيض، مع نسبة التخفيض، ثم يستثنى صاحب المحل المنتوج من التخفيض ويوهم المتسوق ويقنعه بشرائه.
ودعا الحكومة التونسية إلى عدم توريد أي منتوج له مثيل في تونس للحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي، علاوة على تحديد هامش الربح لأسعار الملابس الجاهزة والأحذية، خاصة أمام ما يستحوذ عليه الوسيط وهو حلقة الوصل بين التاجر وصاحب المصنع من هامش ربح عال وغير معقول، يتجاوز في غالب الأحيان 60 بالمائة، على حد قوله.
من جانبه، قال المدير الجهوي للتجارة بتونس، ياسر بن خليفة، أن الإقبال المتواضع للمواطنين خلال الأيام الأولى من موسم الصولد الذي شارك فيه 765 محل تجاري، يرجع إلى الظروف المناخية الصعبة إذ تزامنت فترة التخفيضات مع نزول كميات هامة من الأمطار وبرودة الطقس، يضاف إلى ذلك الظروف الصعبة التي يمر بها المواطن التونسي في الوقت الراهن نظرا لارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية مما جعله غير قادر على توفير المال لشراء حاجياته في مثل هذه المناسبة.
وأشار بن خليفة إلى أن نسب التخفيضات الشتوية في أسعار الملابس الجاهزة والأحذية تراوحت هذه السنة بين 20 و70 بالمائة في اكثر المحلات المشاركة، مؤكدا أن فرق المراقبة تعمل يوميا منذ انطلاق موسم التخفيضات للتصدي لمخالفات البيع وعدم التزام التجار بالحد الأدنى من التخفيضات الذي لا يقل عن 20 بالمائة هذه السنة من السعر الأصلي.
وقد تم رصد 49 محالفة اقتصادية تتعلق اغلبها باعتماد بيوعات بالتخفيضات غير القانونية على غرار الاشهار الكاذب وعدم إشهار اسعار المنتوجات المعروضة، وفق ما أكده المدير الجهوي للتجارة بتونس.