“البنك المركزي يفقد الصواب ويرفع مرة أخرى في الفائدة المديرية .. الخيار الحاطئ .. في التوقيت الخطأ” و”الحكومة تسحق الطبقة الوسطى” و”نحن شعب لا يعمل” و”المواصفات الجديدة للمترشحين”، مثلت أبرز عناوين الصحف التونسية الصادرة اليوم الخميس.
تطرقت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الثالثة، الى القرار الذي اتخذه مجلس ادارة البنك المركزي التونسي أول أمس الثلاثاء 19 فيفري بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية ب100 نقطة لتصبح 75ر7 بالمائة والذي كان له وقع الصدمة على الكثيرين مشيرة الى أنه قرار يأتي بعد زيادتين أخريين في 2018 احداهما ب75 نقطة والاخرى ب100 نقطة.
وأشارت الى أن هذا الترفيع الجديد في نسبة الفائدة من طرف السلطة النقدية في البلاد استهجنه عدد كبير من المتابعين والاقتصاديين والمستثمرين وحتى من المواطنين العاديين خصوصا من ذوي الدخل الضعيف والمتوسط المكبلين بالقروض حيث لا يخفى على أحد ما لهذا الاجراء من عواقب وخيمة على كافة المستويات وحتى أصحاب الثقافة الاقتصادية البسيطة أصبحوا يدركون من خلال التجارب السابقة أن الترفيع في نسبة الفائدة الميرية سينعكس على الزيادة في مختلف مستويات معيشته وفي قوته وستثقل كاهله المثقل أصلا فما بالك بغيرهم من أصحاب القروض وأصحاب المؤسسات الذين يعون جيدا حجم الاعباء الجديدة التي ستضاف على عاتقهم.
وأوضحت أن ارتفاع نسبة الفائدة المديرية هي ضربة جديدة قاصمة لما تبقى من ظهر الاقتصاد التونسي العليل ستعمل على ابطاء كل انتعاشة متوقعة ولن يستفيد منها سوى القطاع البنكي الذي سيجمع كل الفوائض المتأتية من مزيد الاقتطاع على القروض وسيراكمها في حين يزداد تفقير الطبقات الفقيرة والمتوسطة معتبرة أنه كان الاجدر في ظل الصعوبات الهيكلية التي يعانيها الاقتصاد التونسي أن تكون هناك اجراءات أخرى أكثر نجاعة من هذا أو على الاقل أن يكون ضمن حزمة اجراءات متكاملة تقترحها الحكومة والسلطة النقدية معا من شأنها أن تنقذ الاقتصاد برمته وتحرك عجلة النمو من جديد لا أن تنزل الى فوهة الجحيم.
وفي سياق متصل، اعتبرت (الشروق) في مقالها الافتتاحي، أن هذا القرار الذي أدانه الاتحاد العام التونسي للشغل ونقاباته يؤكد اصرار الحكومة على سحق الطبقة الوسطى من خلال بناء نموذج اقتصادي متوحش لا مكان فيه للطبقة الوسطى التي أسست الدولة الوطنية وكانت وراء النموذج التونسي الذي كان الى وقت قريب مثال احتفاء واحتذاء في المنطقة العربية وحتى المتوسطية مبينة أن الحكومة كشفت علنا عجزها عن ايجاد حلول حقيقية والتجائها الى الحلول السهلة سواء بالترفيع في الضرائب أو في نسب الفائدة أو أخيرا في الفائدة الضريبية فلا يوجد موظف واحد تقريبا ليس تحت رحمة الديون سواء من البنوك أو من صناديق التقاعد والحيطة الاجتماعية والضمان الاجتماعي فضلا عن مؤسسات الاقتراض المقنع من مغازات ومؤسسات البيع بالتقسيط.
وأضافت أنه قبل ستة أشهر فقط من تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية كشفت حكومة يوسف الشاهد مرة أخرى عن برنامجها الكبير في سحق الطبقة الوسطى ومنح الضوء الاخضر لنموذج اقتصادي متوحش لا مكان فيه ليس للفقراء الذين تم سحقهم من زمن بعيد بل للطبقة الوسطى من الموظفين الذين كانت القروض البنكية والاجتماعية جزءا من منظومتهم العائلية والاقتصادية متسائلة بماذا سيتباهى الشاهد من انجازات في حال قرر الترشح للانتخابات التشريعية أو الرئاسية كما يروج مقربون منه؟.
أما جريدة (الصباح) فقد رأت في ورقة خاصة، أن النخبة ساهمت في تعميق أزمة غياب ثقافة العمل عبر ما تقدمه من أمثلة سيئة فالناس على دين ملوكهم وقد يكون من الاجحاف الحكم على سلوك الموظف والعامل المستكين الى الخمول واهدار الوقت وعدم التفاني في العمل دون الاشارة الى الرسائل السلبية التي مررتها النخبة وكان لها الوقع السلبي على المواطن البسيط مشيرة الى الغيابات المتكررة صلب مجلس نواب الشعب والمماطلة في تمرير القوانين رغم الحاجة الملحة اليها وغياب أي مظهر من مظاهر التقشف لدى الحكومات المتعاقبة في التركيبة وفي الامتيازات مقابل غياب النجاعة في ايجاد الحلول الى جانب تفشي الفساد وغياب دور النقابات في الدفاع عن قيمة العمل بنفس حماسة دفاعها عن المطالب المشروعة والتي تعد كلها عوامل ساهمت في تراجع الضمير المهني ومزيد تنفير التونسي من الاقبال على العمل والتضحية لتغيير الاوضاع المتردية في البلاد.
وأضافت أن المطلوب اليوم من الجميع محاولة التدارك باتجاه استرجاع الثقة في قيمة العمل وليكن شعار المرحلة المقبلة “اخدم … وطالب” معتبرة أنه هكذا فقط تتقدم الشعوب ويتحقق الرفاه وتبني الدول وتحفظ السيادة الوطنية ودونه المزيد من التدهور والتداين، وفق تقدير الصحيفة.
وأثارت (المغرب) في افتتاحيتها استفهاما جوهريا حول الشئ الذي يمكن أن نستنتجه بخصوص أداء السياسيين بعد هذه السنوات من التحول الديمقراطي خاصة وأننا نستقبل موسما انتخابيا جديدا مشيرة الى أن أهم خلاصة نتوصل اليها بعد التأمل في سير كل الشخصيات التي تعاقبت على حكم البلاد وتقييم أدائها أن الشروط التي كان من المتوقع أن تتوفر لدى السياسي قد تغيرت وأن معايير التقييم قد أربكت فلم يعد حسن التدبير ولا الكفاءة ولا الحنكة ولا الجرأة في اتخاذ القرارات المصيرية من مواصفات السياسي الناجح ولم يعد ينظر الى مقولة السياسي في خدمة الصالح العام وتحقيق سعادة الناس الا باعتبارها ضربا من اليوتوبيا.
وأضافت أن “سياسيينا” كانوا في الغالب يقدمون مصالحهم على مصالح الدولة ويتقنون فن الرقص على الحبلين ويعتبرون الهيمنة والكذب والمراوغة وتدبير المكائد والتلاعب بالعقول من متطلبات العمل السياسي وعندما عجز هؤلاء عن البناء وتقديم البدائل والحلول والوقوف بوجه تيار الفساد والضغط انفلتوا فصاروا هجائيين ومتحذلقين ومحرضين ومناورين مشيرة الى أنه في ظل هذا المناخ المتعفن لم يعد تدبير السياسي قائما على التعقل والقدرة على التحليل الرصين والحكمة والاخلاق وغيرها من الخصال التي تحدث عنها الفلاسفة منذ أرسطو وصولا الى الفارابي بل صار اذلال الاخر وتجريده من كل الفصائل والنيل من كرامته من أيسر السبل للتأثير في الجماهير التي يبدو أنها ما عادت تؤمن بوجود البرامج والحلول وترى أن الزمن هو زمن المشاهدة والاستمتاع بحلبات الصراع على المباشر فتلك أخبار تتداول وتتحول الى مادة للفرجة والتندر يتلهى بها القوم فتخفف عنهم قسوة الحياة، حسب ما جاء بالصحيفة.