قال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، شوقي الطبيب، اليوم الجمعة، ان تعاطي القضاء مع ملفات الفساد المحالة إليه من قبل هيئته هو ” تعاط بطئ في مجمله على الرغم من تسجيل بعض التحسن عقب شروع القطب القضائي الاقتصادي والمالي المحدث لدى محكمة الاستئناف بالعاصمة في التعّهد ببعض الملفات”.
وردا على سؤال لوكالة تونس إفريقيا للأنباء حول موقف هيئته من فصل القضاء في الملفات المتعلقة بقطاعي التربية والصحة ومآلات هذه القضايا، أرجع شوقي الطبيب على هامش ورشة تفكير نظمتها هيئته بالتعاون مع سفارة مملكة السويد في تونس تحت عنوان “حرية الرأي والتعبير ومكافحة الفساد”، النسق البطيء للقضاء التونسي في الفصل في هذه الملفات إلى عدة أسباب في مقدمتها “منظومة الإجراءات الجزائية الحالية” والتي قال إنها تحتاج إلى مراجعة عميقة فضلا عن النقص الفادح في الإمكانيات البشرية واللوجستية لمرفق القضاء خصوصا عند التعامل مع ملفات الفساد.
من جهة أخرى أشار رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الى وجود “قضاة لا يريدون أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة عند تعهدهم بملفات قضايا الفساد في تونس ” وقال في هذا الصدد “هناك ملفات لا تزال تراوح مكانها نظرا لوجود شعور باللامسؤولية من قبل بعض القضاة وهذا أمر يجب الإقرار به”.
ودعا في هذا الصدد المجلس الأعلى للقضاء إلى “اتخاذ موقف بهذا الشأن” محييا في المقابل قضاة آخرين ” تحمّلوا مسؤولياتهم كاملة لدى تعهدهم بعديد الملفات التي أحيلت إلى النيابات العمومية من قبل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على غرار ملفات اللحوم الفاسدة و قطاع الذهب وملفات شبهات الفساد في عدد من الإدارات الجهوية بولاية جندوبة.
وفي ردّه على سؤال بخصوص الرقابة المسبقة للقضاء على المضامين الإعلامية وإصدار احد قضاة التحقيق بتونس أمس لقرارين يتعلقان بمنع بث فقرتين لبرنامجين تلفزيين في علاقة بوقائع قضية وفاة مجموعة من الأطفال الرضع بمركز التوليد وطب الرضيع بتونس، قال الطبيب ” نحن مع حرية الرأي و التعبير و لصحافة المسؤولة والمواطنية “.
وشدد على انه لا يمكن تصوّر “وجود سياسات حوكمة ومكافحة للفساد في تونس من دون صحافة حرّة ومستقلة تساهم في الكشف عن ملفات الفساد و التشهير بها “.
وكان قاضي التحقيق بالمكتب العاشر بالمحكمة الابتدائية بتونس اصدر امس قرارين يقضيان بمنع البث التلفزي لبرنامج “الحقائق الأربع” على قناة “الحوار التونسي” في فقرته المتعلقة بوقائع قضية وفاة مجموعة من الأطفال الرضع في مستشفى بتونس العاصمة، وبمنع إعادة البث التلفزي لحصة خاصة متعلقة بالموضوع نفسه على قناة “قرطاج+”،
واعتبر رئيس الهيئة ان الصلوحيات المهمّة التي منحها الدستور للسلطة القضائية في تونس ” لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال مطيّة للمسّ من الحريات المكفولة بدورها من قبل دستور جانفي 2014″.
واكد ضرورة ان يقوم القضاء بدوره المتمثل في اصدار احكامه بكل استقلالية في وقت يكشف فيه الإعلام عن الحقائق ويقوم بدوره خاصة فيما يتعلق بمجالات الحوكمة ومكافحة الفساد”.
وبخصوص وجود تهديدات جدية لحرية الصحافة في تونس قال الطبيب “ليس من السذاجة الاستغراب من وجود مثل تلك التهديدات في كل تحول ديمقراطي وماهو غير طبيعي هو الصمت حيال هذه التهديدات وعدم التصدي لها “.
وتبحث ورشة التفكير التي نظمتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالتعاون مع سفارة مملكة السويد في تونس في محورين اثنين يتعلق الأول بمدى مساهمة الحد من حرية الرأي والتعبير والنفاذ للمعلومة في تنامي ظاهرة الفساد في حين يهم المحور الثاني الحوكمة الرشيدة والشفافية داخل المؤسسات الاعلامية العمومية والخاصة كشكل من اشكال مكافحة الفساد.
وشارك في الورشة ممثلون عن هيئة النفاذ الى المعلومة ومنظمة المادة 19 بتونس والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري ونقابة الصحفيين التونسيين.