يعد تحويل خلية حقوق الإنسان بوزارة الداخلية إلى إدارة عامة لحقوق الإنسان بعد الثورة “اعترافا بأهمية الملف الحقوقي في تونس”. ذلك ما افاد به المدير العام لحقوق الإنسان محمد الخالدي في حوار ادلى به لوكالة تونس افريقيا للانباء لتسليط الضوء على ما تحقق في مجال احترام حقوق الانسان في علاقة بعمل الوزارة من خدمات للمواطن وتدخلات امنية منذ احداث هذه الادارة .
وبين ان هذه الإدارة التي تعنى بالإنصات لمشاغل المواطنين في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة والرد على استفساراتهم وإرشادهم وتقبل ومعالجة العرائض والشكاوى ذات العلاقة تتمتع بصلاحيات خاصة بها، وهي تضم بالخصوص ادارة الإنصات والتوجيه لتقبل شكاوى المواطنين وإحالتها على التفقديات التابعة لوزارة الداخلية أما في الملفات الكبرى الوطنية على غرار ملف اللاجئين أو اجراء الاستشارة قبل العبور”س17″ فيتم فيها مراجعة وزير الداخلية”
750 قضية منشورة حول إجراء الاستشارة قبل عبورالحدود “س17″
وبخصوص موضوع اجراء الاستشارة قبل عبور الحدود او ما عرف باجراء”س17” فقد افاد الخالدي أنه في الكثير من الحالات يتخذ هذا الاجراء بسبب تشابه في الهويات، والإدارة عادة ما تحين المعطيات المتوفرة لديها بشكل تلقائي وتشطب الأسماء غير المعنية مشيرا أنه على الرغم من الانتقادات الشديدة لإجراء “س 17” فإنه مكن من القبض على شبكات اتجار بالأشخاص وشبكات دعارة وشبكات تسول بالأطفال وأشخاص تعلقت بهم شبهات إرهاب.
واضاف في هذا الصدد أن الإدارة العامة لحقوق الانسان قامت من خلال ادارة “فضاء المواطن” سنة 2018 بتسليم 58 وثيقة رفع التباس لمواطنين وجدوا أنفسهم مدرجين في إجراء “س17” وقدموا طلبا لرفع هذا الاجراء عنهم ،كما تم خلال الثلاثية الأولى من سنة 2019 تسليم 19 وثيقة رفع التباس.
وكشف عن وجود حوالي 750 قضية منشورة لدى القضاء بخصوص “إجراء الاستشارة قبل العبور” وتم الحكم لفائدة الوزارة في 51 قضية بينما حكم لفائدة المواطنين في 49 قضية، وكانت غالبا لضعف التعليل المقدم من الإدارة بخصوص الملف، حسب قوله.
وقال إن وزارة الداخلية أصدرت تعليماتها لمراكز الأمن وللإدارات التابعة لها بالاقتصار على العمل بـ”إجراء الاستشارة قبل العبور” في نقاط العبور فقط، بمعنى التخلي عن التحقيق مع الأشخاص لمدة ساعات في مراكز الأمن أو منعهم من الحصول على البطاقة عدد 3 أو الحصول على بطاقة التعريف أو جواز السفر.
وأبرز أن كل الملفات المودعة من قبل المواطن لدى وزارة الداخلية والمتعلقة بموضوع منع السفرتتم الإجابة عنها كتابيا كلما ثبت أن الملف خال من كل اشتباه، مؤكدا الحرص على ايجاد تناسب بين الحقوق والحريات وإجراءات المنع من السفر.
خلية انصات وارشاد لتلقي شكاوي المواطنين ضد امنيين
وحول خلية الإنصات والإرشاد التابعة لإدارة حقوق الإنسان قال الخالدي انها تتلقى العرائض والشكاوى التي تصدر من المواطنين وتتعلق في أغلبها بدعاوى حول انتهاكات من قبل أمنيين خلال الإيقاف أو عدم إعلام العائلة بالإيقاف أو المنع من حضور محام خلال الإيقاف مشيرا إلى أنه تمت معالجة حوالي 100 ملف في هذا الموضوع .
وأكد أن كل التشكيات الواردة من المواطنين تقع إحالتها إلى تفقدية الأمن الوطني إذا كانت تخص الأمن والى تفقدية الحرس الوطني إذا كانت تتعلق بسلك الحرس، أو تحال على التفقدية المركزية بالوزارة التي تفتح بحثا إداريا وإذا ثبتت شبهة مخالفة القوانين تتم معاقبة المخالفين إداريا بالتوازي مع إمكانية التقاضي والذي من الممكن أن يؤدي إلى العقوبة السجنية وفي حالة العقوبة السجنية فإن الإدارة تتخذ إجراء “الشطب” أي الطرد من العمل نهائيا.
وبخصوص تكوين اعوان الامن في مجال حقوق الانسان بين محمد علي الخالدي اهمية تشبع العون بهذه المبادئ التي من شانها ان تؤثرعلى سلوكه في تطبيق القانون واحترام القانون وحقوق الإنسان وعدم التعسف على المواطنين مؤكدا على ضرورة أن يتلقى العون بدوره الاحترام والتقدير اللازمين لعمله.
وتتعاون وزارة الداخلية في مجال تكوين الأعوان على احترام حقوق الإنسان وفق المتحدث ،مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية لوقاية من التعذيب وهيئة مكافحة الاتجار بالأشخاص إضافة إلى بعض المكاتب المتخصصة بتونس، مشددا على أن عدد الانتهاكات تراجع بشكل كبير وملفت بعد الثورة بفضل الدورات التكوينية المتتالية للأمنيين، كما أن أعوان الأمن استوعبوا حقيقة أن مخالفة القانون سيكون ضد مصلحتهم أولا وسيتسبب في ضرر مهني ومادي لهم.
وقال إنّ الإدارة العامة لحقوق الإنسان، تضم ايضا فريقا من القضاة الإداريين، مما يمثل أحسن دليل على نيّة الوزارة مراجعة هذا الإجراء، مشددا على أن وزارة الداخلية ما انفكت تعرف بعد الثورة تغيرات جدية وهامة سواء على مستوى تعامل الأعوان مع المواطنين أو على مستوى التشريعات.
تشريعات عديدة لملاءمة التشريع التونسي مع المعايير الدولية
وفي خصوص الضغط الدولي على تونس في مجال احترام حقوق الإنسان، بين محمد علي الخالدي أنه على خلاف دول أخرى فإن تونس تعتبر من أقل الدول التي تتعرض إلى ضغوطات خارجية (ربط ملف حقوق الإنسان بالمساعدات الاقتصادية أو القروض) من دول أو منظمات في ملف حقوق الإنسان، مبرزا أن الانتقال الديمقراطي جعل من تونس دولة ديمقراطية في مجال الحقوق والحريات.
وقال إن وزارة الداخلية والإدارة العامة لحقوق الإنسان تسعيان إلى “التأسيس لثقافة حقوق الإنسان” وأن الوزارة بصدد زرع البذور الأولى لهذه الثقافة بتونس وإلى إرساء الثقة والتعامل على أساس الاحترام المتبادل بين المواطن والأمن، وتغيير العقلية السائدة منذ عقود.
أما عن الوضع الحقوقي والمنظومة الحقوقية في تونس أكد الخالدي أن التوصيات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة كانت كلها تدعو إلى ملاءمة التشريع التونسي مع المعايير الدولية والتوصية بسد الثغرات التي لا وجود فيها لنصوص قانونية تحمي الحريات الفردية والحقوق وبناء على ذلك تم خلال السنوات الثماني الماضية تعديل فصول من المجلة الجزائية وخاصة القانون عدد 5 لسنة 2016 الذي ضمن حضور المحامي مع الشخص المعني في البحث الأولي والذي لقي إشادة دولية به، فضلا عن المصادقة على القانون الاساسي عدد 43 لسنة 2013 والمتعلق بإحداث الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والمصادقة على قانون مناهضة العنف ضد المرأة والقانون عدد 51 لسنة 2018 والخاص بهيئة حقوق الإنسان التي نص عليها الدستور.
وذكر بأنه تم إحداث لجنة وطنية بمصالح وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان لملاءمة التشريعات القانونية لدستور 27 جانفي 2014 وللمعايير الدولية ومراجعة كل النصوص “الجائرة” التي تمس من حقوق الإنسان وتحيينها على ضوء مقتضيات الدستور.
يذكرانه تم احداث ادارة عامة لحقوق الانسان بوزارة الداخلية بمقتضى امر حكومي صادر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية في جوان 2017 (عدد 48) ،تعنى بالإنصات لمشاغل المواطنين في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة والرد على استفساراتهم وإرشادهم وتقبل ومعالجة العرائض والشكاوى ذات العلاقة بالمجال المذكور بالتنسيق مع مختلف الهياكل المعنية بالوزارة.
و يضبط هذا الامر مهام هذه الادارة ،التي تقترح النصوص القانونية المتعلقة بمجال حقوق الإنسان ذات العلاقة بنشاط وزارة الداخلية وإبداء الرأي بخصوص مواضيع ومشاريع النصوص القانونية المعروضة في المجال الى جانب مهام التعاون والتنسيق مع الآليات والمنظمات والجمعيات الوطنية والإقليمية والدولية والأممية والهياكل الإدارية المعنية بحقوق الإنسان.
ومن مجالات تدخل هذا الهيكل أيضا، إبداء الرأي حول برامج التكوين الموجهة لقوات الأمن الداخلي ذات العلاقة بمجال حقوق الإنسان والحريات العامة و إجراء التحاليل والدراسات المتعلقة بمجال حقوق الإنسان والحريات العامة وتقديم المقترحات لنشرثقافة حماية حقوق الإنسان.