“بإمكان تونس تحقيق معجزة جديدة وتجاوز الأزمة الاقتصادية، التي تمر بها”، ذلك ما عبر عنه محافظ البنك المركزي التونسي الأسبق مصطفى كمال النابلي، السبت، خلال تقديمه لكتابه “سأظل أؤمن دائما”.
وطمأن النابلي، رغم اعترافه بمرور الأزمة الاقتصادية في تونس بثلاث مراحل أشدّها كانت الأخيرة، “بالرغم من تواصل تأزم الأوضاع، هناك دائما بصيص من النور”، مضيفا “لابد فقط المرور الى الفعل والتوجه نحو الحلول الملائمة أكثر للخروج من الوضع الراهن”.
وصنف النابلي كتابه الجديد كمحاولة تحرير سياسي اقتصادي، موضحا “في الحقيقة لم يكن لدي نية تأليف كتاب. في البداية كتبت بعض الصفحات لتفسير الوضعية الاقتصادية في البلاد، وشيئا فشيئا عديد الاسئلة طرحت نفسها، مما دفعني الى تحرير هذه الوثيقة”.
وأبرز محافظ البنك المركزي الحالي، مروان العباسي، لدى تقديمه لكتاب “سأظل أؤمن بذلك” انه يتضمن ثلاثة أجزاء.
ويتعلق الجزء الأول بتقديم مرحلة ما قبل الثورة في تونس من خلال عرض عام للمؤشرات الرئيسية مع إدراج بعض الاجابات عن الأسباب الحقيقية لاندلاع الثورة وخاصة منها الاحساس بعدم المساواة والتهميش الاجتماعي والجهوي والاقتصادي.
وسلط الجزء الثاني الضوء على اشكاليات نقص التنوع الاقتصادي وظاهرة الاقتصاد الريعي، الذي أعاق جزء من الموارد الاقتصادية للبلاد. “انه عبارة عن درس الاوضاع عبر المجهر والخيارات السيئة والخيارات، التي لم يتم اتخاذها في المجال الاقتصادي”.
وتابع العباسي “ان خصوصية هذا الجانب تتمثل في التطرق الى الوضعية الاقتصادية دون تسييس نتائج عمل مختلف الحكومات أو اضافات أو اخفاقات الاحزاب السياسية”.
وثمّن محافظ البنك المركزي التمييز بين القطاعات الاقتصادية المنكوبة على غرار الطاقة والسياحة والأخرى، التي حافظت على نسقها العادي. وأوضح “مكّن هذا التمييز من التأكد من أنه في حال استثنائنا لهذه القطاعات المنكوبة نلاحظ أننا نجحنا في تحقيق النمو”.
وتضمن الجزء الثالث والأخير من الكتاب تحليلا للنظام الاقتصادي مرفوقا بسلسلة من الاقتراحات من شأنها أن تمكن من تجاوز المرحلة التي تعيشها تونس حاليا.
ويتعلق هذا الجزء بمسارات واقعية ممكن تنفيذها للخروج من هذه المرحلة “في الحقيقة إنه استثمار للمستقبل من شأنه أن يجعل من التضحيات الثقيلة المتفق عليها بين التونسيين خلال السنوات الأخيرة بالامكان تعويضها في آخر المطاف”.
وبالنسبة للنابلي “فان فض الاشكالات في تونس يتطلب رؤية شاملة ومندمجة تضع الحلول الاقتصادية التقنية في تناغم مع الحلول السياسية. ومن شأن هذه الرؤية أيضا أن تولد الأمل”.
وأضاف العباسي في ختام قوله “من جهتي أؤمن في المعارف والمهارات التونسية وأعلم أنه بامكاننا تجاوز هذه المرحلة الصعبة”.
يذكر ان مصطفى كمال النابلي، الذي يعمل حاليا كمستشار دولي ورئيس لمكتب شمال افريقيا للدراسات الاقتصادية بتونس، شغل خطة محافظ للبنك المركزي التونسي خلال الفترة 2011 و2012. كما عمل النابلي خلال تسعينات القرن الماضي صلب البنك العالمي كرئيس للخبراء لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.