” تونس من الثورة التائهة الى الانتقال الديمقراطي العسير”، عنوان الكتاب الجديد للمؤرخ والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي والذى تناول من خلاله العديد من القضايا والإشكاليات المختلفة التي عرفتها الساحة الوطنية منها دور الأحزاب والمنظمات الوطنية التونسية في الثورة ومجراها وعرض وتحليل لمختلف الانتخابات التي عرفتها البلاد و دور النقابات العمالية في تعزيز حقوق الإنسان في مرحلة الانتقال الديمقراطي.
وتطرق الى دور الاتحاد العام التونسي للشغل كأنموذج في تأمين الانتقال الديمقراطي، والى دور الولاءات التحتية في التعبئة الانتخابية مثل الانتخابات التشريعية التونسية لسنة 2014 ، وتداعيات الأوضاع في ليبيا على الانتقال الديمقراطي في تونس.
وقال الكاتب في مقدمة كتابه الذى جاء في 227 صفحة وصدر عن دار سوتوميديا،” إن تونس عرفت انتفاضة شعبية انطلقت من دواخل البلاد طرحت مجموعة من المطالب الاجتماعية والاقتصادية تطورت بسرعة نحو آفاق جديدة : من حيث مجالها الجغرافي وقاعدتها الاجتماعية ومطالبها أدت بالنهاية إلى سقوط رمز النظام السابق…وباعتبار طبيعة الثورة وخصوصيتها ونتيجة لغياب تنظيم سياسي يقودها ويوجهها الى منتهاها… دخلت البلاد إلى مسار جديد من خلال ممارسة عملية الانتقال الديمقراطي”.
وأضاف أن التجربة التونسية في الانتقال الديمقراطي تبدو فريدة باعتبار أنها الأولى من نوعها التي عرفها الوطن العربي. كما تكمن فرادتها في خصوصية بعض القضايا الإشكاليات التي واجهتها وعالجتها كالنقاشات الطويلة والحادة أحيانا حول مسالة الهويّة واللغة ووظيفة الدين في المجتمع وعلاقته بالدولة وموقع المرأة ودورها.
كما تبرز فرادتها أيضا في مواجهتها لظروف إقليمية صعبة تتمثل خاصة في التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للازمة الليبية بالإضافة لانتشار ظاهرة الإرهاب الذي مارسته بعض مجموعات التطرف العنيف السلفية التكفيرية دون الحديث عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتبر عاملا مشتركا بين جميع تجارب الانتقال.
ورغم ما ساد عملية الانتقال من تجاذبات ايديولوجية وسياسية حادة انتهت باغتيال رمزين من رموز المعارضة السياسية اليسارية العروبية تمكنت منظمات المجتمع المدني الفاعلة والوازنة من ايجاد آليات مكنت البلاد من تجاوز الازمة الحادة وذلك من تنظيم حوار وطني ضمّ كافة الأطراف والأطياف السياسية الفاعلة.
وابرز أن النخبة السياسية نجحت في تقويض قواعد اللعبة السياسية القديمة وإرساء أخرى جديدة في اطار تعددية حزبية وإرساء سلطة نابعة عن انتخابات حرة و مباشرة ونزيهة وعادلة و سن دستور جديد تميز بفرادة بعض فصوله كما تم تركيز اغلب المؤسسات الدستورية.
وقال ” التجربة التونسية لم تتمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية نتيجة ارتفاع منسوب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة لما قبل الثورة وارتباك اداء النخبة الحاكمة. وهي جميعها من العوامل الكابحة والمعطّلة لأغلب تجارب الانتقال الديمقراطي التي عرفها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية الى حدود الزمن الراهن”.
وأكد أن عوامل اضافية ضاعفت من تعثر التجربة التونسية ومنها التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للازمة الليبية بالإضافة الى انتشار ظاهرة الإرهاب وانعكاسات الازمة الاقتصادية العالمية دون الحديث عن تدخل بعض الأطراف الإقليمية في توجيه مسار الانتقال بما يخدم اجندتها السياسية ومصالحها المختلفة.