من جملة 544 ملفا أحالته الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على الجهات القضائية ما بين سنتي 2016 و2018 لم تصدر أحكام قضائية إلا في 21 ملفا منها فيما ما تزال قرابة 84 بالمائة من الملفات المحالة تراوح مكانها لدى الباحث الابتدائي أو قاضي التحقيق وفق ما صرح به رئيس الهيئة شوقي الطبيب اليوم الإثنين بالعاصمة.
وأضاف، في كلمة ألقاها في افتتاح يوم دراسي نظمته الهيئة اليوم بعنوان “الإفلات من العقاب”، أن هذه النسب المتدنية في اصدار الأحكام القضائية أعطت الانطباع بأن الحرب على الفساد ليست بالنسق المطلوب معتبرا أن التعاطي القضائي البطيء مع ملفات الفساد سببه اشكاليات متعلقة بالأساس بالإجراءات الجزائية بالإضافة إلى شح الموارد البشرية واللوجستية وتعقد هذه الملفات.
ودعا شوقي الطبيب الحكومة بصفتها المسؤولة عن وضع السياسة الجزائية للدولة إلى مراجعة مجلة الاجراءات الجزائية التي تكبل تحقيق مبدأ القضاء الناجز موصيا بتدعيم القطب القضائي الاقتصادي والمالي وتدعيم قضاة التحقيق ببقية المحاكم وتوفير الامكانيات اللوجستية اللازمة لعملهم.
واعتبر أن الاشكال الأهم في مكافحة ظاهرة الافلات من العقاب في ملفات الفساد يتعلق بالعمل على تغيير العقليات أو ما وصفه بالحاضنة الاجتماعية للفساد داعيا إلى تفكيك منظومة الفساد ومحاربة حاضنتها بالتوعية والتربية والترفيع في نسق المحاسبة القضائية.
من جانبها أفادت مساعد وكيل عام لدى محكمة الاستئناف بتونس بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي سنية الموساوي أن البطء في الفصل في قضايا الفساد مرده عدد من الأسباب التشريعية والمادية واللوجيستية معتبرة أن مكافحة الفساد يعد مجهودا وطنيا شاملا وليس فقط من اختصاص القضاء.
ودعت في هذا الصدد إلى توفير الارادة والآليات اللازمة والعنصر البشري لمرفق القضاء للقيام بدورة في مكافحة الفساد والحد من ظاهرة الإفلات من العقاب.
وبخصوص القطب القضائي الاقتصادي والمالي الذي تم اصدار قانونه سنة 2016، بينت أنه يضم قسمين الأول قضائي والثاني فني لافتة الانتباه إلى أن الأمر المتعلق بتنظيم قسمه الفني لم يصدر إلا في أفريل الجاري.
وأوضحت أن القطب يختص بالأساس في البت في الجرائم المتشعبة فيما تنظر باقي المحاكم في البت في قضايا الفساد الأخرى على غرار الرشوة والاستيلاء على المال العام وهو ما يتطلب توفير اجراءات دقيقة وامكانيات مادية وتقنية عالية بالقطب وفق تقديرها.
وتابعت في ذات السياق أن القطب يشكو من عديد النقائص على غرار نقص الموارد البشرية خاصة من القضاة مقارنة بعدد القضايا المطالبين بالنظر فيها بالإضافة إلى احتكامه على دائرة اتهام وحيدة تضم قاضيين تنظر في ملفاة محالة عليها من 11 قاضي تحقيق كما تتوفر بالقطب دائرة جناحية واحدة ودائرة جنائية واحدة.
أما بخصوص محكمة التعقيب فقد أفادت الموساوي بأن البطء في نشر القضايا مرده معاملة قضايا المحكمة معاملة عادية فيما يخص النشر والايداع وتعيين الجلسات مؤكدة “ضرورة مراجعة القواعد القانونية البالية التي لا تستجيب للمعايير الدولية في مكافحة الفساد”.
تجدر الإشارة إلى أن اليوم الدراسي الذي نظمته الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد اليوم حضره العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب وعدد من القضاة من مختلف الاختصاصات وعدد من ممثلي المجتمع المدني.