قال الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات، نجيب القطاري، اليوم الثلاثاء، إن المحكمة ستحيل عبر نيابتها العمومية، الملفات التي تتضمن أفعالا فيها ضرر مالي، إلى القضاء العدلي للتعهّد بها، وذلك بعد أن أنهت مهمة رقابية خاصة بأعمال وأنشطة هيئة الحقيقية والكرامة للفترة الممتدة منذ إحداثها في 2014 والى غاية منتصف شهر أكتوبر 2018 وأعدت تقريرا رقابيا في الغرض ونشرته للعموم.
وأوضح القطاري خلال ندوة صحفية بمقر محكمة المحاسبات أن أعوان كل الهيئات، ومنها هيئة الحقيقة والكرامة، “لا يخضعون لقانون زجر أخطاء التصرف في المال العام ولا تشملهم بالتالي إجراءات القانون عدد 74 لسنة 1985 والمتعلق بتحديد أخطاء التصرّف التي ترتكب إزاء الدولة والمؤسسات العمومية الإدارية والجماعات العمومية المحلية والمشاريع العمومية وضبط العقوبات المنطبقة عليها وبإحداث دائرة الزجر المالي”.
وأضاف قائلا: “لا يمكننا وفق القانون الحالي المنظم للمحكمة، أن نشير إلى أخطاء في التصرف، لكن النيابة العمومية التابعة لمحكمة المحاسبات ستحيل الملفات للقضاء العدلي الذي سيتعهّد بالملفات وإن كانت هناك مؤاخذات فإنها تتم على مستوى تتبعات جزائية أمام القضاء العدلي”.
وذكر القطاري أيضا أن التقرير المتعلق بالمهمة الرقابية على أعمال هيئة الحقيقة والكرامة تمت المصادقة عليه من قبل جلسة عامة للمحكمة وتم نشره على الموقع الرسمي للمحكمة للعموم أمس الإثنين وأُحيل إلى الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان). ودعا السلط العمومية إلى أن تتحمل مسؤولياتها وأن تتابع التقرير الصادر عن محكمة المحاسبات.
وأوضح أن المهمة الرقابية لمحكمة المحاسبات على أعمال وأنشطة هيئة الحقيقة والكرامة، “لم تكن مهمة كلاسيكية بل كانت استثنائية” وأنه تم القيام بالمهمة في حدود ما توفّر من ملفات ووثائق، ملاحظا في هذا السياق أنه تم في تقرير أولي توجيه نحو 300 ملاحظة إلى الهيئة تولت الرد عليها وأُمهلت للغرض شهرين كاملين، مضيفا أن هيئة الحقيقة والكرامة أخذت في الإعتبار ملاحظات محكمة المحاسبات.
وتضمن نص التقرير النهائي للمحكمة ردود هيئة الحقيقة والكرامة التي جاءت في 31 صفحة.
من جهة أخرى أشارت القاضية بالمحكمة، وفاء عبد الصمد، خلال الندوة الصحفية، بخصوص حجم التجاوزات المالية التي تم رصدها من قبل المحكمة خلال المهمة الرقابية على أعمال وأنشطة هيئة الحقيقة والكرامة، أن تلك المبالغ كانت “متفاوتة الأهمية”، من بينها مبلغ 120 ألف دينار تعلق بتغيير عقود محامين تعاقدت معهم هيئة الحقيقة والكرامة وكذلك مبلغ فاق 247 ألف دينار صادق عليه مجلس هيئة الحقيقة والكرامة في أوت 2016 ويخص تمتيع أعوان الهيئة بـ “منحة استثنائية” وهي “غير قانونية”، حسب القاضية عبد الصمد، نظرا لأن دليل إجراءات الإنتداب الخاص بهم لا ينص عليها.
ولاحظت أيضا أن المهمة الرقابية شملت متطلبات نشاط الهيئة والجوانب المتعلقة بالبحث والتقصي والعناية الفورية والتعويض الوقتي والتحكيم والمصالحة والتصرّف في الموارد البشرية والتصرف المالي.
وبخصوص الميزانيات التي منحت لهيئة الحقيقة والكرامة من قبل البرلمان، قالت وفاء عبد الصمد “سجّلنا خلال العملية الرقابية على هذا الجانب، محدودية في الشفافية عند إفصاح هيئة الحقيقة والكرامة عن ميزانياتها وخاصة في ما يتعلق بالفوائض المتبقية من الميزانيات السابقة”.
وردا على سؤال حول مبلغ 750 مليون دينار صرّحت سابقا رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، أن هيئتها تمكنت من تحصيل هذا المبلغ لفائدة خزينة الدولة، عبر التحكيم والمصالحة، قال الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات، نجيب القطاري: “أعمال التقرير الرقابي للمحكمة توقفت عند منتصف أكتوبر 2018 .. ونحن لم نرصد هذا المبلغ وعلى ما يبدو سيكون هناك مقاصصة بين الأملاك المصادرة ومبلغ المصالحة”.
وكان عضو هيئة الحقيقة والكرامة، خالد الكريشي، ذكر يوم 2 فيفري 2019 أن قرارات التحكيم والمصالحة مكنت من توفير حوالي 10 مليون دينار لخزينة الدولة، مؤكدا أن مبلغ 745 مليون دينار الذي تم الإعلان عنه سابقا، يمثل حصيلة أعمال 8 قرارات تحكيم تتعلق بقضايا فساد مالي “تمكنت الهيئة من إثباتها على الورق وعلى الدولة استخلاصها من الأشخاص المعنيين”.