“من بين الحلول الضرورية للخروج من الازمة .. تثوير ثقافة العمل” و”الجراة وتنفيذ القوانين” و”فوضى هنا وهناك” و”يدعو اليها بعض السياسيين بين الفينة والاخرى .. بدعة تأجيل الانتخابات”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
أثارت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الخامسة، استفهاما جوهريا حول موقع التونسيين من ثقافة العمل في بعدها “القيمي” الذي تدهور في السنوات الاخيرة حيث أصبحنا نلاحظ تجليات هذه الظاهرة في أغلب المؤسسات خاصة في قطاع الوظيفة العمومية والادارة التونسية بصفة عامة مشيرة الى حالة الفراغ في الادارة التونسية عقب الثورة وعقلية رزق البيليك” المترسخة في ثقافة التونسي منذ عقود وغياب اليات الرقابة الفعلية على العديد من القطاعات وسياسة المحاباة من بين العوامل التي أدت الى تفشي ظاهرة “الكسل” في المجتمع التونسي وبذلك غياب ثقافة العمل الحقيقية.
وأضافت أن السائد اليوم هو أن التونسي يعمل عند الدولة وهذا، وفق تقدير الصحيفة، تفكير خاطئ لانه في الاخير هي مؤسستهم ومورد رزقهم وهي فقط تحت اشراف الدولة باعتبارها قطاعا عاما لذلك وجب تغيير هذا الموروث الثقافي وتغيير العقليات لضمان أكثر مردودية وترسيخ ثقافة العمل الحقيقية لدى التونسي التي تعتمد على مبدا التشاركية والمنفعة المشتركة من اجل الحفاظ على مؤسساتنا الاقتصادية واستمراريتها ومردوديتها مبينة أن من أسباب خمول التونسي اليوم وعزوفه عن العمل هو غياب العدالة في الجزاء اذ يحدث أن يتساوى العامل الكسول والعامل المجتهد في الترقيات وهو ما يولد نقمة واحباطا يدفع بالاخر الى أن يكون كذلك كسولا فضلا عن الاجر المنخفض جدا للعامل التونسي مقارنة ليس فقط بالدول المتقدمة وانما بالدول النامية وبدول الجوار.
وأكدت في هذا الصدد على ضرورة ترسيخ ثقافة العمل والتصدي لظاهرة التقاعس والخمول لانه ما من سبيل اخر للنهوض باقتصادنا غير الكد والعمل بما يحقق كرامة المواطن وعزة الوطن.
وتطرقت (الصباح) في مقالها الافتتاحي، الى التحركات الاحتجاجية التي قد تجاوزت حدود ما هو مشروع الى التعدي على حقوق وحريات الغير سواء عبر اغلاق الطرق أو منع من يريد العمل من الالتحاق بشغله والى ضرب الدولة في مقتل عبر تعطيل الانتاج كما هو حاصل في قطاعي الفسفاط والنفط على سبيل المثال لا الحصر مشيرة الى أن هذه التحركات بان فيها الخلط المعتمد بين السعي لتحصيل حقوق مشروعة والدخول في معركة كسر عظام مع الدولة باستخدام كل الاساليب المتاحة بما في ذلك تلك التي تشكل انتهاكا فاضحا للقانون وهو الامر الذي تفشى كثيرا بعد ثورة 14 جانفي 2011 ويستمر الى اليوم نتيجة تراخي كل الحكومات التي تداولت على السلطة في تطبيق القانون خشية الدخول في مواجهة مع النقابات العمالية والاتحاد العام التونسي للشغل.
واعتبرت أنه مازال بالامكان مجابهة هذه التحركات المنفلتة وفرض احترام أصحابها للقانون باستخدام الوسائل القانونية التي يتيحها الدستور ليس أكثر على غرار ما قامت به قوات الامن في اليومين الاخيرين في منزل بوزيان بولاية قفصة لفك الحصار عن الخط 13 للسكة الحديدية والسماح بمرور شحنات الفسفاط أو على غرار قرار التسخير الذي اتخذه رئيس الحكومة يوسف الشاهد من أجل حل مشكل التزود بالمحروقات مضيفة أنه اليوم وبعد ثماني سنوات من الثورة لم يعد مقبولا استمرار الانفلاتات وانهاك الاقتصاد الوطني وخزينة الدولة، وليصبح واضحا للجميع أن الاضراب عن العمل للمطالبة بحقوق مشروعة حق لا جدال فيه يكفله الدستور والقانون لكنه حق يفرض الاستجابة لترتيبات دقيقة منها الاعلام المسبق وعدم تخطيه الاهداف والحدود المرسومة له الى الاعتداء على الغير أو الحاق الضرر الفادح بالبلاد، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، أشارت (الشروق) الى الفوضى التي يعيش على وقعها التونسيون هنا وهناك بشكل يومي وفي كل المجالات تقريبا دون أن تلوح في الافق أية بوادر لامكانية زوالها، فلا المخالفون و”الفوضويون” ارتدعوا وعادوا الى رشدهم وامتنعوا عن ارتكاب المحظور ولا الدولة أمسكت بزمام الامور كما ينبغي وطبقت القانون وعاقبتهم بشدة وصرامة وقطعت بشكل جذري دابر الفوضى ولا المواطن تمكن من حماية نفسه بنفسه من هذه الفوضى لان التيار غلبه معتبرة أن تواصل الوضع على ما هو عليه مثير للخوف من القادم، اذ ليس أشد خطرا على المواطن من أن تكون دولته ضعيفة وهشة أمام تغول المافيات وعصابات الاجرام المنظم في شتى المجالات وأمام تعنت بارونات تعطيل الانتاج وأمام استشراء الفساد وأمام اتساع رقعة التهاون داخل أجهزتها، وليس أشد خطرا على الدولة من أن يكون مواطنها غير آمن في غذائه وفي معيشته فذلك يربكه ويؤثر سلبا على مردوديته في العمل وبالتالي على الاقتصاد بشكل عام ويزيد من منسوب الاحتقان لدى الناس تجاه السلطة.
وطالبت الصحيفة الحكومة، وهي في أواخر فترة عهدتها، أن لا تترك ألغام الفوضى مزروعة في وجه الحكومة القادمة وان تعمل على استئصالها من جذورها بالقانون وبالقوة العامة وأن تتحمل مسؤوليتها كاملة لحماية المصلحة الوطنية العليا ولحماية مواطنيها من كل المخاطر.
ولاحظت (المغرب) في افتتاحيتها اليوم، حجم الخفة والتساهل الذي يتعامل به صنف من السياسيين مع المواعيد الانتخابية وكأنها عنصر تكميلي فقط للعملية الديمقراطية اذ بقدر ما كان بالامكان تأجيل أول انتخابات بلدية بعد الثورة فان الحديث عن تأجيل للتشريعية أو الرئاسية انما هو تجاوز واضح لنص الدستور الذي يحدد فترة تجديد العهدة كما أن هنالك سوء تقدير كبير لانعكاس تاجيل مواعيد دستورية على سمعة البلاد وعلى جدية العملية الديمقراطية ككل.
وأضافت أنه يبدو أن جل المنادين بتأجيل انتخابات 2019 يتواجدون في الاوساط المقربة من رئيس الدولة فيما كان يعرف باستراتيجية التوريث الديمقراطي أي افساح المزيد من الوقت للنجل وصحبه حتى يكونوا قادرين على الوصول الى السلطة وذلك اما بعهدة ثانية للباجي قائد السبسي وان استحال الامر فبتمديد هذه العهدة الحالية بسنتين بحجة الخطر الداهم (الفصل 80 من الدستور) والذي قد يبرر تأجيل الانتخابات التشريعية (الفصل 56) أو الرئاسية (الفصل 75) مفسرة أنه حتى لو عدنا الى هذين الفصلين فسنجدهما يتحدثان بوضوح عن تعذر اجراء الانتخابات في موعدها أي أن معاينة التعذر لا تحصل نصف سنة قبل الموعد بل في فترة الموعد بالضبط لو تبين استحالة اجرائها نتيجة خطر داهم يهدد أمن البلاد، وحتى في هذه الحالة فينبغي أن يحصل التمديد بمقتضى قانون أي أن تكون هناك أغلبية مساندة له وترى أن مبرر استحضار الخطر الداهم وجيه، وفق ما جاء بالصحيفة.