كشفت منظمة أنا يقظ، في تحقيق نشرته أمس الاثنين، أن 160 نقابيا موزّعين على مختلف النقابات الأساسيّة بشركة نقل تونس يتمتعون بأجور مقابل 8 ساعات وهميّة بصفة يوميّة منذ مايقارب السنة والنصف، وفق وثائق حصل عليها مركز المنظمة لدعم وإرشاد ضحايا الفساد.
وذكرت المنظمة، أن مستودع باب سعدون بالعاصمة يسجل ثماني ساعات عمل وهميّة بصفة يوميّة لـ14 عونا ضمن فترات العمل الصباحيّة (بين الرابعة فجرا ومنتصف النهار) ، لما يقارب السّنة دون أن يمارس الأعوان عملهم بصفة فعليّة ودون اقتطاع يوم غياب واحد من أجورهم.
كما يتمتع هؤلاء الأعوان طبقا للتحقيق بكافّة المنح التي يمتّع بها زملاؤهم الذين يباشرون مهامّهم دون انقطاع ويسجّلون حضورهم بصفة يوميّة.
واشار التحقيق، الى أن أحد الأعوان، انخرط في ممارسة نشاط مواز كعامل بأحد المطاعم الشعبيّة بمنطقة “شبّاو” بوادي اللّيل التابعة لولاية منّوبة عوض مباشرة مهامّه بصفة (قابض أو سائق) بإحدى الحافلات التابعة للشركة، فضلا عن تقاضيه أجور ساعات عمل وهميّة لم يؤدها في حين أمضى عون آخر (عضو في النقابة الأساسيّة بمستودع باب سعدون) ما يقارب الأسبوع في دولة الجزائر في الوقت الذي يُفترض فيه أن يكون مزاولا لعمله .
وأكد التحقيق، أن أعضاء النقابة الأساسيّة بمستودع باب سعدون ليسوا استثناء في التجاوزات الحاصلة بنقل تونس، إذ يتقاضى مائة وستّة وأربعون موظّفا آخرون أجورا دون ممارسة فعليّة لمهامّهم وهو ما يكبّد الشركة خسائر ماليّة هامّة ويستنزف ميزانيّتها في إهدارا للمال العامّ. كما يتسبّب في نقص فادح للأعوان ممّا ينجرّ عنه تأخر واضطراب في مواعيد الرّحلات.
وكشفت المنظمة، أن ديون الشركة بلغت مستوى 800 مليون دينار خلال سنة 2018 في حين يناهز عدد خسائرها لقاء ساعات العمل الوهمية يوميا 8000 دينار.
وتفيد معطيات “أنا يقظ “، أن جملة الخسائر الماليّة التي تتكبّدها الشركة بسبب عدم مزاولة الأعوان (أعضاء النقابة الأساسيّة) لمهامّهم، تقدّر بـ 3ملايين
و465 ألف دينار سنويّا دون احتساب المنح والامتيازات التي يتمتّعون بها، إضافة إلى خسائر ماليّة أخرى بسبب مقاطعة عديد المسافرين للشركة وتوجّههم إلى القطاع الخاصّ بسبب الإضطرابات المتكرّرة والمتواصلة لمواعيد الرحلات.
وأشارت المنظمة، إلى أن عديد الأطراف النقابيّة وغير النقابيّة تقدمت بشكايات لكلّ من المدير العام السابق للشركة ولوزير النقل ورئاسة الحكومة على أمل إيجاد حلول للغيابات المتواصلة لأعوان الشركة من المنخرطين صلب النقابة الأساسيّة، لكنّها ظلّت حبيسة أدراج المسؤولين.
ونقلت المنظمة عن مصادر بالشركة لم تكشف عنها، أن كلا من الشركة وسلطة الإشراف ممثّلة في وزارة النقل، ورئاسة الحكومة لم تتخذ أيّ إجراء في هذا الخصوص وتوقّف الأمر عند اجتماع “سرّي” جمع الأمين العام للإتحاد العامّ التونسي للشغل نورالدين الطبوبي بوزير النقل هشام بن أحمد ليعلمه بمحتوى الشكوى التي وردت عليه فيما وعده الطبوبي بـ”محاولة” حلّ الإشكال.
وذكرت أنها اتصلت بالرئيس المدير العام للشركة أنيس الملوشي الذي تعهد بمتابعة الموضوع ومحاسبة كل من تقاضى أموالا دون وجه قانوني، مؤكدا عدم علمه بالتجاوزات والفساد بالشركة (الساعات الوهميّة للأعوان) وبالشكايات المسجّلة في الغرض لافتا، الى أنه تم تعيينه على رأس الشركة منذ فترة وجيزة.