“شح في السيولة بالدينار … لسوء تصرف أم لارتفاع الطلب؟” و”حتى لا تبقى تونس أسيرة الماضي” و”محاكمة التاريخ” و”الانتاجات الدرامية الرمضانية لسنة 2019 … عودة قوية للوطنية الاولى مفاجأة قناة قرطاج+ ونكهات تركية وجزائرية”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
تطرقت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الرابعة، الى نقص السيولة الذي يمثل أهم التحديات المطروحة على الحكومة خلال الفترة الحالية خاصة وأن مخزون البلاد من النقد الاجنبي تراجع الى مستويات قياسية هذا العام الى ما دون 70 يوم توريد مشيرة الى ان محافظ البنك المركزي كان قد أعلن منذ أيام خلال جلسة استماع عقدتها لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب “ان سنة 2019 ستكون صعبة على البنوك في تونس بسبب شح السيولة”.
وأضافت أن الحبراء يرجعون ذلك الى أن عجز الميزان الطاقي يبقى من أهم أسباب العجز التجاري في تونس مع العجز على مستوى مواد التجهيز والمواد الاولية بينما سجلت المبادلات التجارية في الثلاثة أشهر الاولى من سنة 2019 فائضا على مستوى المواد الاستهلاكية وهو ما يدل على أن الاستهلاك العائلي ليس المتسبب الاول في العجز التجاري وفي تراجع قيمة الدينار التونسي وبالتالي في تواصل ارتفاع الاسعار مبينة أن ذلك يطرح ذلك اشكالات مرتبطة بسداد الديون وكذلك يمس من قدرة البنوك على توفير السيولة الضرورية في السوق الداخلية سواء للمستثمرين أو للافراد من ذلك أن بعض الاخبار تحدثت عن أن البنوك قررت تجميد وايقاف واسناد قروض الاستهلاك الى حرفائها وأن هذا القرار يحظى بموافقة البنك المركزي بسبب النقص المسجل في السيولة.
وحاولت الصحيفة في مقالها معرفة أسباب شح السيولة لدى البنوك مقابل توفرها في السوق الموازية وكيف يمكن معالجة هذا الاشكال ونقلت عن عضو جمعية الدفاع عن المؤسسة صالح الذهيبي، قوله ان شح السيولة في السوق المحلية ولدى البنوك بالخصوص يعود الى أسباب كثيرة لعل أهمها ارتفاع حجم اقتراض الدولة من البنوك حيث أن التقديرات تشير الى أن قروض الدولة لدى البنوك تناهز 22 ألف مليون دينار، كما أن توسع السوق الموازية يستقطب الكثير من السيولة لان المعاملات فيها تتم نقدا ودون المرور عبر البنوك يضاف الى ذلك ارتفاع التضخم الذي يتسبب في نقص السيولة رغم قيام البنك المركزي برفع سعر الفائدة في ثلاث مناسبات وهذه الالية لم تمكن من تحقيق النتائج المرجوة مما جعله يلجأ الى الحد من حجم القروض التي تسندها البنوك عبر وضع قيود غير معلنة على القروض الاستهلاكية أو ما يعرف ب”الروج”.
وأشارت (الشروق) في مقالها الافتتاحي، الى أنه منذ سنة 2011 ظل الحديث عن الماضي طاغيا على اهتمامات التونسيين مقابل تجاهل الاهتمام بالمستقبل حيث عدل سياسيون ومثقفون وحكام ومفكرون وأحزاب ومجتمع مدني وأطراف فاعلة في البلاد بوصلة تفكيرهم طيلة سنوات ما بعد الثورة على الماضي مطالبين بكشف الحقائق وبمحاسبة من أذنب سابقا وبجبر الاضرار وذهب بعضهم حد المطالبة بالانتقام.
واعتبرت أن تونس ضيعت فرصة مسار العدالة الانتقالية الذي انتهى بفشل ملحوظ في تحقيق أبرز الاهداف المرجوة منه وهي خاصة طي صفحة الماضي والمصالحة الشاملة مضيفة أن الامل يبقى في تركيز مسار جديد للعدالة الانتقالية يكون اكثر تطورا ويضع حدا ل”أزمة الماضي” التي بقيت البلاد حبيسة داخلها ويؤسس لعفو عام ولمصالحة شاملة ويسمح بانطلاق الجميع نحو المستقبل بروح جديدة قوامها التسامح والعمل والابداع والانتاجية وحب الوطن والرقي الفكري والسياسي والاجتماعي بعيدا عن احقاد وحسابات وضغائن الماضي، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، لاحظت (الصباح) أن الانفلات والفوضى والحقد والتشفي لم تعد لها حدود في تونس ما بعد الثورة معتبرة أنه من مهازل الدهر محاكمة الزعيم الرمز الحبيب بورقيبة بعد 19 سنة من وفاته و32 سنة من خروجه من الحكم في قضية أثير حولها جدل كبير وهي قضية اغتيال الزعيم الاخر صالح بن يوسف.
وأضافت أن فتح ملف، صالح بن يوسف، اليوم وفي مثل هذا الظرف الذي تمر به البلاد ليس بالبراءة بمكان والهدف منه هو مزيد تقسيم البلاد وادخالها في فتنة واثارة الجهويات خاصة أن “البورقيبية” عادت من جديد لدى العامة والخاصة بعد أن حاول النظام السابق قبرها لكنه لم ينجح، معتبرة أنه من غير المعقول محاكمة بورقيبة بعد عقدين من وفاته وأكثر من ثلاثة عقود على خروجه من السلطة، ومن غير المقبول السماح بتشويهه وتشويه تاريخه في محاكم قضائية من المفروض أن يغلق فيها أي ملف قضائي حتى وان كان جنائيا بمجرد وفاة المتهم فيه.
ورأت أن فتح هذا الملف اليوم ومحاكمة بورقيبة هو فتح لباب الفتنة والسعي لمزيد تقسيم هذا الشعب اذ كان من الاولى مواصلة البحث والتحقيق في ملف اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي منذ سنوات قليلة وليس العودة الى ملف مضى عليه أكثر من نصف قرن مشيرة الى أن الافعال المدرجة في التاريخ يحاكمها فقط التاريخ وليس المحاكم القضائية و”العدالة الانتقامية” خاصة اذا كان المعني بها رمز لهذه الامة وباني الدولة الحديثة ومحررها من براثن الفقر والجهل.
وفي الشأن الثقافي اعتبرت (الصحافة) في ورقة خاصة، أن أبرز ما يسجل هذه السنة من ملاحظات هو استمرار القنوات التونسية في المساهمة في الانتاج الدرامي وظهور قناة “قرطاج+” بأعمال درامية خاصة لاول مرة وعودة القناة الوطنية للانتاج بعد انقطاع خلال رمضان الفارط مشيرة الى أنه بقدر ما أسعد هذا الامر التونسيين ومثل مكسبا لعموم العاملين في قطاع الانتاج من شركات وممثلين وتقنيين، باعتبار اتساع سوق عملهم، بقدر ما ضاعف في حيرة مستهلكي هذه الدراما وجعلهم مجبرين على التجول بين مختلف القنوات لتحديد اختياراتهم ومتابعتها.
وأضافت أنه يبدو من خلال ما رصدته وسائل الاعلام وانطباعات عموم الناس فضلا عما توصلت اليه بعض استطلاعات الرأي، أن القناة الوطنية الاولى قد حققت نجاحا هاما بمسلسل “المايسترو” الذي يحمل امضاء المخرج، الاسعد الوسلاتي، وهو عمل مهم في موضوعه حيث يمنح الامل لمن زلت بهم القدم من الاطفال والمراهقين ويجعل من مركز اصلاح الجانحين فضاء لاعادة تأهيلهم وادماجهم بصورة ايجابية في المجتمع وذلك بواسطة الثقافة والموسيقى تحديدا مبينة أن كل ذلك جاء في قالب درامي محبوك تتنامى فيه الاحداث بأسلوب مشوق وكان للمثلين دور هام في تقمص شخصيات على قدر من التركيب والاثارة نذكر منهم، أحمد الحفيان، ودرة زروق وفتحي الهداوي ووجيهة الجندوبي وآخرين، وفق ما جاء بالصحيفة.
واعتبرت في هذا الصدد، أن الرهان على الدراما التلفزية وتوسيع سوق مستهلكيها مغاربيا والتوجه الى قاعدة أوسع من المتابعين عربيا عبر الاستفادة من التجربة التركية يعد خيارا ضروريا اليوم لكسب رهان المنمافسة الشرسة بين القنوات العربية في زمن السماوات المفتوحة، وفق تقدير الصحيفة.