“التعليم … محنة تونس” و”تغييرات في الاوضاع الداخلية والاقليمية والدولية … الغنوشي يغازل الامارات ومصر” و”حراس الديمقراطية الامناء” و”الصحة في حدها الادنى”، مثلت أبرز عناوين الصحف التونسية الصادرة اليوم الخميس.
اعتبرت جريدة (الشروق) في مقالها الافتتاحي، أن أزمة التعليم تتفاقم من عام الى اخر وهي ليست مرتبطة بما بعد 14 جانفي بل بدأ الانهيار منذ بداية السبعينات بتولي، محمد مزالي، حينها حقيبة التعليم ويمكن القول أنه أنجز أكبر مشروع لتخريب التعليم تحت شعار أجوف وشعبوي وهو التعريب الذي أفقد التعليم مضامينه ونجاعته مبينة ان تونس تحتاج اليوم الى مراجعة جذرية لقطاع التعليم في كل مراحله وابوابه من مناهج وبرامج واطار تربوي وبنية أساسية بعيدا عن التوظيف السياسي والابتزاز النقابي اذ بعد أن كانت تونس في طليعة دول العالم الثالث المحترمة في مستوى منظومتها التعليمية ومصداقية الشهادات العلمية أصبحت بلدا مثيرا للشك والريبة ولعل عودة منظمة اجابة للدول الاجنبية لعدم الاعتراف بالشهادات العلمية التونسية ترجمة واضحة لمستوى الحقد الذي يحمله بعض الذين يدعون “النضال النقابي” على تونس وشبابها الجامعي.
واهتمت، ذات الصحيفة، في مقال آخر، بالتحولات الكبرى التي تشهدها الساحة السياسية على المستوى الاقليمي والدولي مشيرة الى أن هذه الحركية تنسحب على عدد من الدول منها ما يشبه تونس من حيث بنية المشهد السياسي ومكوناته ومنها ما يختلف اختلافا جذريا عن المشهد الوطني في مستوى الملامح أو حتى في مستوى الممارسة السياسية في علاقة بمدى التقدم في التجربة الديمقراطية.
وأضافت أن هذه التحولات استطاعت بشكل أو بآخر تغيير الخارطة السياسية في عدد من الدول وهو ما يطرح استفهاما جوهريا في امكانية اسقاط هذه التجارب على النموذج التونسي استنساخا ومحاكاة أو استخلاص العبر منها والاقتداء بما هو ايجابي ومحاولة تفادي كل ما يمكن ان يؤثر سلبيا على مرحلة الانتقال الديمقراطي التي تعيشها تونس حاليا معتبرة أنه لا يمكن الحديث عن الحركية الحاصلة على المستوى الاقليمي دون طرح مقاربة الاحزاب الاسلامية ودورها في المشهد السياسي حاضرا ومستقبلا حيث أن موجة اسقاط هذه الاحزاب وانحصار دورها في عدد من الدول يجعل من طرح سؤال انسحاب ما يحدث اقليميا يصبح أكثر الحاحا خاصة وأن حركة النهضة التي تتخذ من المرجعية الاسلامية أساسا فكريا لها هي الحزب الاول في تونس من حيث التمثيلية النيابية والحزب الذي يتحكم بكل خيوط اللعبة السياسية ومفاصل السلطة.
وبينت أن قيادات الحركة أصبحوا أكثر وعيا بامكانية امتداد موجة الاصطفاف السياسي لاضعاف الاسلاميين سواء كان الامر استجابة لمزاج عام داخلي أو ارتباطا بتحولات اقليمية ودولية تأتي في سياق “الماكرو سياسة” مبرزة أن التغير الجذري في توجهات الحركة والذي عبر عنه رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني لا يمكن أن يكون الا انعكاسا طبيعيا لادراك ما يحدث على الساحة الدولية، وفق ما ورد بالصحيفة.
وتطرقت (الصباح) في افتتاحية عددها اليوم، الى الرابط بين حادثة وفاة الاطفال الخدج وما أثير من صيحات فزع واستغاثة لانقاذ قطاع صحي يتهاوى وبين صورة أحزاب وطبقة سياسية تفضحها ممارساتها وتؤكد أنها لا تستمع لا تتغير ولا تتعلم الدرس مشيرة الى ان المتامل في نقاشات وأخبار وكواليس الطبقة السياسية برمتها وفي استعداداتها للاستحقاق الانتخابي القادم لا يجد طرحا لبرنامج ورؤية اصلاحية تتبنى مثلا قطاع الصحة أو التعليم بل استماتة في الاقناع بأن برنامج المترشح تجاوز مرحلة الشعارات وتحول الى جهد مضن ووعي يتجسد على أرض الواقع في ندوات على أعلى مستوى واجتماعات ماراطونية وخلايا نحل تستمع للخبراء والمختصين لبلورة مقترحات عملية تشريعا وتنفيذا وتمويلا.
وبينت أن ذلك ما دفع بالمنظمة الشغيلة الى الانكباب منذ فترة على اعداد برنامج اقتصادي واجتماعي خاص بها قالت انه سيحدد تقاطعاتها الممكنة مع الاحزاب المترشحة لافتة الى أنه لا أحد يستطيع لوم الاتحاد أو يلمح لدور ما تريد منظمة حشاد لعبه مستقبلا باعتبار أن هذه المنظمة الوطنية تمتلك القدرة وتعتبر صمام أمان يدفعها حتما للعب أدوار متقدمة في ظروف استثنائية مقلقة وملتبسة على أكثر من صعيد.
واعتبرت أنه كان الاحرى والاولى أن تنكب هذه الدكاكين الحزبية المشتتة والمتصارعة والمتلونة تلون الحرباء أفرادا وتحالفات على اقناع التونسيين ببرامجها ان وجدت عوض التباكي خوفا من تأجيل الانتخابات مبينة أنه من العبث التحول اليوم الى “حراس أمناء على الديمقراطية” والحال أنهم لم يكونوا ديمقراطيين لا في الممارسة ولا في ادارة الخلافات والتحالفات كما أنهم لم ينتصروا لتركيز مؤسسات وأعمدة الديمقراطية بل تآمروا عليها بنوايا مبيتة تماما كما حدث مع المحكمة الدستورية، وفق تقدير الصحيفة.
وفي سياق متصل، اعتبرت (الصحافة) أن الحوادث التي عرفتها البلاد مؤخرا في قطاع الصحة تشير الى مؤشرات مرض أصاب المنظومة العمومية ونخر المؤسسات الصحية العمومية من أوساخ وفساد واستهتار بالاضافة الى عودة الامراض التي ظننا أن زمانها ولى ومضى كانتشار مرض الحصبة الذي تسبب في عدد من الوفايات والاعاقات والذي يرحعه عدد من الملاحظين الى تراجع في البرنامج الوطني للتلقيح خلال السنوات الاخيرة مشيرة الى أنه لا يختلف اثنان على أن دعائم السياسة الاجتماعية في تونس تقادمت وتقوض بعضها بفعل الزمن ولا يتجادل اثنان على أنه أمام السعي المحموم لتحصيل الحقوق السياسية والاقتصادية ابان الثورة، تآكلت المنظومة الاجتماعية ودقت نواقيس الخطر بقرب انهيارها حيث سجلت مؤسسة الضمان على المرض عجزا وأزمة انعكست على الصحة العمومية والخاصة بدورها في حلقة مفرغة يجزم الخبراء والمختصون أنه لا اصلاح لاحدهما دون تقويم الاخر.
وأشارت الى صيحات الفزع من هنا وهناك ونواقيس الخطر التي تحذر من قرب انهيار المنظومة الصحية في تونس فمكامن الوهن في المنظومة الصحية يتمثل في اختلال التوازن بين الجهات حيث ما تزال العديد منها تسجل نقصا حادا على مستوى الاطباء والمرافق الصحية وما يزال العديد من التونسيين محرومين من أبسط حقوقهم في الحصول على رعاية صحية تستجيب لتحديات هذا العضصر الذي تنتشر فيه أوبئة وأمراض عديدة ومتنوعة وما يزال عدد كبير من المستشفيات العمومية خاصة في المناطق الداخلية ينتظر قدوم أطباء اختصاص بشكل دائم.
واعتبرت ان التحدي في تونس لم يعد تطوير قطاع الصحة العمومية الذي لطالما تفاخر به التونسيين قديما بل بات ايقاف نزيف مسلسل التدهور المستمر مستعجلا قبل فوات الاوان لان الخطر لم يعد يهدد الكبار فقط بل بات يطال اليوم أطفالا رضعا فتحوا أعينهم أمام الحياة.