“الانتخابات البلدية الجزئية بباردو .. الصدمة” و”اقتصر دورها على استخراج مضمون الوفاة والولادة … خدمات البلديات مفقودة” و”الانتخابات الجزئية لبلدية باردو .. النهضة تحصد مقعدا جديدا .. التيار الديمقراطي يخسر ترتيبه والبديل وتحيا تونس يستفيدان”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الثلاثاء.
أفادت جريدة (الصحافة) في مقال لها، أن نسبة النتائج المصرح بها في الانتخابات الجزئية لبلدية باردو لم تكن مفاجئة مبرزة أنها تضمنت العديد من النقاط أهمها ليس فوز “النهضة” وامكانية استعادة رئاستها لهذه البلدية بل الخسارة المدوية للتيار الديمقراطي الذي أضاع مقعدين من أصل أربعة في انتخابات 2008.
وبينت أن خلاف بلدية باردو انطلق مع التيار الديمقراطي الذي رفض التمشي الذي انتهجته رئيسة البلدية السابقة التي عادت لتفوز في الانتخابات الجزئية بثلاثة مقاعد رغم ترشحها عن قائمة مستقلة تحت اسم “باردو أولا “، مشيرة الى أن خسارة التيار قابلها ثبات لحركة “النهضة ” التي حافظت على مرتبتها الاولى بزيادة في عدد المقاعد المسندة لها بمقعد واحد حيث ارتفعت من 8 الى 9 مقاعد من أصل 30 مقعدا مقارنة ببلديات 2018.
وأوضحت أن حصول حركة النهضة على ثلث مقاعد بلدية باردو لا يعني فوزها برئاسة البلدية التي ستحكمها التوافقات بين عدد من القائمات وخاصة المستقلة منها وفي ظل تواجد حزب “تحيا تونس” وأيضا بسبب تواجد شخصية محسوبة على “التيار الاسلامي” على رأس قائمة حزب “البديل” وهو الناشط، منير التليلي، الذي اشتغل نائب رئيس جامعة الزيتونة وهو محسوب على حركة الاتجاه الاسلامي ومعروف بميولاته التي شكلت الهوية السياسية لعائلته.
وأكدت أنه رغم اجراء الانتخابات في موعدها ونجاح هيئة الانتخابات في ذلك فان نسبة المشاركة ظلت محل جدل واسع بين المتابعين للشأن العام وهو ما أثار تخوفات من أن تكون انتخابات باردو “بروفة” سياسية للاستحقاقات القادمة من ناحية المقاطعة.
وفي سياق متصل، اعتبرت جريدة (الشروق) في مقال بصفحتها الرابعة، أن الانتخابات البلدية الجزئية في بلدية باردو مثلت صدمة حقيقية في عديد المستويات مشيرة الى أن ثقل هذه الصدمة يتكثف خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية وامكانية اعادة ما حصل في هذه البلدية على مستوى وطني ينبئ بكارثة حقيقية.
وبينت أن أولى الصدمات في الانتخابات البلدية الجزئية بباردو تتعلق بنسبة مشاركة الامنيين والعسكريين فالارقام الرسمية التي قدمتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أكدت أن نسبة مشاركة الامنيين والعسكريين بلغت 64ر3 بالمائة أي 10 بالمائة فقط قاموا بالتصويت من جملة 272 ناخبا في هذه الدائرة في حين تمثلت الصدمة الثانية في عدد الناخبين الذين صوتوا في اليوم الثاني من الاقتراع وهو اليوم المخصص للمدنيين بعد أن تم تخصيص اليوم الاول للامنيين والعسكريين هذه السنة حيث بلغت 66ر11 بالمائة من من جملة 44626 ناخبا في هذه الدائرة مشيرة الى أن هذه النسبة تعتبر ضعيفة جدا وتحيل الى عديد الاستنتاجات منها مدى مشروعية المجلس البلدي بباردو الذي لم يتجاوز عدد منتخبيه ال12 بالمائة من مجموع الناخبين في المنطقة أي أنه يفتقر الى ثقة ما يقارب 90 بالمائة من عدد الناخبين في هذه الدائرة.
وأضافت أن المعطى الاخر الصادم يتمثل في أن الدائرة الانتخابية بباردو تضم 14 مركز اقتراع قام بالاقتراع فيها 5305 ناخبا أي أن معدل التصويت في المركز الواحد يصل الى ما يقارب 370 ناخبا والهيئة العليا المستقلة للانتخابات قامت بالاستعدادات اللازمة وتجهيز المراكز وأشرف على سير العملية الانتخابية مكلفون من الهيئة وراقبهم ناشطون في المجتمع المدني وقام بحماية هذه المراكز أمنيون على امتداد ساعات الاقتراع ليصل عدد المقترعين في المركز الواحد 370 ناخبا فقط وهو ما يقودنا الى معطى ثان يتمثل في أن الارقام الرسمية التي قدمتها الهيئة مؤخرا تؤكد أن الانتخابات البلدية الجزئية الواحدة تتكلف قرابة ال50 ألف دينار مما يعني أن هيئة الانتخابات أنفقت 50 ألف دينار على انتخابات لم يشارك فيها سوى 5 الاف ناخب.
وتطرقت، ذات الصحيفة، في ورقة أخرى، الى ضعف أداء أغلب البلديات في تونس وعدم قدرتها على تنفيذ المشاريع بفعل التجاذبات السياسية التي خيمت على أشغال مجالسها ونقص امكانياتها مما حل دون تمكنها من تلبية احتياجات المواطنين مشيرة الى أن أغلب البرامج البلدية تتقدم ببطء بسبب ميزانيات محدودة وعدم ضخ الاعتمادات المخصصة لها لتكتفي أغلب المجالس بالتسيير اليومي للعمل البلدي بل ان بعضها فشل في ذلك لقلة الامكانيات والموارد البشرية والاليات حيث يرى البعض أن دور البلديات يكاد يقتصر على استخراج مضامين الولادة والوفاة ان وجد للتغطية بشبكة الاتصال “الريزو” مجالا.
وأضافت أنه بعد مرور أكثر من سنة على اجراء الانتخابات البلدية لم يلمس المواطن تحسنا على مستوى العمل البلدي بل زاد استياؤه من رداءة الخدمات ولم يتمكن المسؤولون المحليون الى حد الان من كسب ثقة المواطنين مبينة أن معظم المجالس البلدية عبرت عن تذمرها من ضعف الامكانيات المادية واللوجستية والبشرية وهو ما عطل في رأي المسؤولين البلديين الشروع في تنفيذ الاصلاحات المنتظرة وفي تلبية حاجات الناس.
وأشارت الى أن الانطباع العام يتجه نحو اعتبار الحكم المحلي في خطواته الاولى غير قادر الى حد الان على الخروج من سيطرة السلطة المركزية خاصة من حيث التعبية السياسية مشيرة الى أن أغلب رؤساء وأعضاء المجالس البلدية المنتخبة مازالوا خاضعين للتجاذبات الحزبية والسياسية المهيمنة على المستوى الوطني وهو ما أربك أداء العديد منهم وجعلهم مترددين وغير قادرين على اتخاذ القرارات المناسبة لجهاتهم الامر الذي يؤكد على ضرورة العمل على اخراج الحكم المحلي من هذه الصراعات ودفعه نحو الاستفادة من الحرية والاستقلالية التي يضمنها الدستور للجماعات المحلية ومراعاة مصلحة المواطن.