“مجزرة داخل الاحزاب وانشقاقات أخرى في الطريق .. هل هي لعنة القائمات؟” و”صراع داخل حركة النهضة بسبب القائمات الانتخابية … الغنوشي من طموح الى كرسي قرطاج الى كرسي البرلمان .. وقيادات غاضبة من التغييرات المفاجئة” و”العبرة المطلوبة” و”عزوف عن الانتخابات .. فوضى .. وخرق للقوانين .. لماذا تغيب المواطنة عن التونسي؟”، مثلت أبرز عناوين الصحف التونسية الصادرة اليوم الاربعاء.
أشارت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الثالثة، الى أنه مع بداية العد التنازلي لتقديم القائمات المترشحة للانتخابات التشريعية انفجرت الخلافات دفعة واحدة داخل كل الاحزاب السياسية تقريبا دون استثناء وخرجت المعارك التي كانت مكتومة أو مؤجلة أو غير معلن عنها الى السطح بل وباتت التعارك داخل الاحزاب وفي داخل الفروع والجهات وحتى على مستوى المحليات تدار بشكل علني وعلى صفحات التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت والاعلام مبينة أنها باتت تقليدا تمتاز به الساحة الحزبية في تونس ففي كل استحقاق انتخابي تعرف الاحزاب السياسية معارك عنيفة في داخلها وتخرج مكن الاستحقاق وهي منهكة ومرهقة وغير قادرة على النهوض بالمسؤوليات التي تلقى على عاتقها سواء فازت أم بقيت في المعارضة وهو ما يجعلها اليا ترتمي على أي تحالف مهما كان مأتاه لملء الفراغات التي تركها انسحاب الغاضبين ولارضاء بقية من لم يترشح أو الذين سقطوا في الانتخابات أو حتى الذين يهددون بالخروج.
وأضافت أن كل ذلك يستتبع بالضرورة بتنازلات تقدمها هذه الاحزاب وتساهم بها في تولد مشهد غير مستقيم وعقيم ولا ينتج تجاذبا سياسيا على مستوى البرامج والطروحات والافكار والمبادئ بقدر ما يتمحور حول المصالح والحسابات والترضيات وبحث كل حزب عن التموقع في المشهد الجديد كيفما اتفق واصلاح أكبر قدر ممكن أو حتى الحد الادنى من الاضرار التي خلفتها العملية الانتخابية على هياكله ومؤسساته ومنخرطيه وحتى أنصاره وحزامه البعيد والقريب مشيرة الى أنه لا شك أن ما عرفته كل الاحزاب السياسية وبدون استثناء أيضا من خلافات ومعارك بخصوص تحديد القائمات ورؤساء القائمات لم تستثن أي حزب وعلى رأسها الاحزاب الحاكمة التي تضم نخبا ذاقت طعم السلطة وحلاوة المناصب وترفض أن تتنازل بسهولة عما تسميه حقها الطبيعي في جهاتها وعلى رأس قائماتها وتعتبر المواقع التي لعبت فيها خلال العهدة المنقضية حقا مكتسبا لا يمكن التنازل عنه.
وفي سياق متصل، أفادت (المغرب) في ورقة خاصة، أن حركة النهضة تشهد صراعات وخلافات داخلية بين القيادات الكبرى والجهات على مستوى المترشحين او رؤساء القائمات حيث تم ادخال تغييرات اعتبرتها بعض القيادات مفاجئة في بعض الاسماء من خلال اضافة اسماء وازاحة أخرى على غرار اضافة رئيس الحركة راشد الغنوشي وترؤسه قائمة تونس 1 مشيرة الى أن هاجس الغنوشي، الذي اعتبرته الحركة مرشحها الطبيعي للرئاسية، بات كرسي مجلس نواب الشعب عوضا عن كرسي قرطاج.
وأضافت أن التغييرات الجديدة التي أدخلت على القائمات الانتخابية للنهضة أثارت غضب عدة قيادات نهضاوية خاصة تلك التي أزيحت أسماؤها، على غرار، عبد اللطيف المكي، الذي سارع بتوجيه رسالة الى رئيس الحركة نشرها على صفحته الرسمية على الفايسبوك، الى جانب أنها أسالت الكثير من الحبر وكانت موضوع الساعة وسط تداول الكثير من الاخبار على غرار استقالة، سمير ديلو، من الحركة والتي سارع بنفيها وكذلك استبعاد عدة قيادات من القائمات المصادق عليها حيث تم استبعاد عبد الحميد الجلاصي وعبد الكريم الهاروني معتبرة أنها خلافات لم تبرز حديثا بل ظهرت منذ استقالة، لطفي زيتون، من منصبه كمستشار سياسي للغنوشي.
أما جريدة (الصباح) فقد اعتبرت في مقالها الافتتاحي، أنه لا شك في أن عملية الانتخاب للمجلس البلدي لباردو التي جرت منذ يومين تستوجب من الجميع سياسيين وأحزابا ومواطنين وقفة تأمل جدية قصد استقراء الاسباب الحقيقية التي أدت الى مثل هذه النسبة غير المسبوقة من العزوف عن التصويت وأخذ العبرة منها والتعجيل بمعالجتها قبل فوات الاوان وتفادي تكرر نفس السيناريو خلال الاستحقاقات الانتخابية الوطنية القريبة القادمة أي الانتخابات التشريعية والرئاسية معتبرة أن هذا العزوف كان متوقعا استنادا الى عمليات سبر الاراء الكثيرة التي أجريت على مدى الشهور الماضية والتي أفادت بتراجع ثقة غالبية التونسيين والتونسيات في السياسة والسياسيين، الا أن بلوغه هذه النسبة المرتفعة التي سجلت في باردو، حيث لم تتجاوز نسبة المصوتين ال11 بالمائة الا بقليل، يفرض اطلاق صفارات الانذار بالخطر.
ورأت أن ما حدث في انتخابات بلدية باردو ليس بالامر الهين بل يمكننا القول أنه يعد من أخطر التعبيرات والمؤشرات على فشل منظومة الحكم التي تولت تسيير شؤون البلاد على امتداد السنوات الثماني التي أعقبت ثورة الكرامة والحرية في زرع الامل لدى التونسيين والتونسيات بأن القادم سيكون أفضل وبأن لديهم سياسيين واحزاب يمكنهم التعويل عليها في اعادة بناء تونس الغد معتبرة أن السعي الى اقناع التونسيين بالشعور بالانتماء الى الوطن والحرص على النهوض به من الاوضاع الحرجة التي يعرفها يشكلان بحق أولوية الاولويات وهاجس الجميع وقاسمهم المشترك وسيكون من الصعب دون ذلك ان لم يكن مستحيلا الطموح الى قلب المعادلة الحالية واعادة الناخبين الى مراكز الاقتراع، وفق تقدير الصحيفة.
وأثارت (الشروق) من جانبها، استفهاما جوهريا حول الاسباب التي تقف وراء عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات معتبرة أن الاخلال بأهم واجب مواطني وهو المشاركة في الانتخابات ليس الا واحدا من عشرات مظاهر “اللامواطنة” التي أصبحت تميز الواقع التونسي.
ورأت في هذا الخصوص، أنه لا يجب تحميل المواطن وحده مسؤولية غياب الشعور بالمواطنة لديه حيث أن العزوف عن العمل السياسي والحزبي وعن المشاركة في الانتخابات تتحمل مسؤوليته بدرجة اولى الاحزاب والطبقة السياسية بشكل عام لانها لم توفر الظروف الملائمة لاستقطاب الناس وخاصة الشباب للشأن السياسي والحزبي أو لاعطاء الفرصة لغيرهم لتولي بعض المسؤوليات الحزبية، كما أن ما أظهرته الطبقة السياسية من صراعات وعراك ورغبة جامحة في السلطة وحسابات ومناورات فقط لخدمة مصالحها الضيقة جعل المواطن ينفر المشاركة السياسية وينفر بالتالي المشاركة في الانتخابات وهو ما يستوجب منها تطوير وسائل عملها نحو العمل السياسي والحزبي الحقيقي مشيرة الى أن عديد المختصين يحملون الدولة أيضا جانبا كبيرا من المسؤولية بالنسبة لمظاهر اللامواطنة المتجسدة في الفوضى وعدم احترام القانون والمس من هيبة الدولة ومن مؤسساتها ورموزها، حسب ما ورد بالصحيفة.