“تونس تودع رئيسها” و”مع تقديم موعد الرئاسيات الى 15 سبتمبر بدل 17 نوفمبر … حسابات الاحزاب الكبرى تسقط في الماء” و”الدرس التونسي والعالم” و”الشعب لن ينساك..”، مثلت أبرز عناوين الصحف التونسية الصادرة اليوم السبت.
اعتبرت جريدة (المغرب) في افتتاحيتها اليوم، أنه من مفارقات الزمن ان البجي قائد السبسي قد وحدنا ميتا وجعل كل التونسيين والغالبية الساحقة من السياسيين يدركون أن عناصر وحدتنا أكبر بكثير من عوامل فرقتنا وأننا وبسرعة البرق بصدد تحويل رجل سياسي له مناصرون وخصوم وأعداء الى أيقونة من أيقونات الانتقال الديمقراطي مشيرة الى أن التونسيين اليوم يكادون يجمعون على البصمة الاستثنائية لرجل بدأ حياته السياسية منذ أواخر عهد الاستعمار.
وأضافت أن الكل يعلم أن للرجل أخطاء وأحيانا أخطاء حادة تم انتقادها بشدة عندما كان يمارس السلطة مبرزة أن كل هذه الاخطاء، على أهميتها، لا تملك عناصر البقاء بعده اذ وحدها اللبنات التي ساهم في وضعها لترسيخ المسار الديمقراطي هي الباقية وهي التي سمحت بانتقال سريع ودستوري للسلطة في سويعات معدودات وهي التي تحفظ أمن البلاد واستقرارها وخاصة وحدتها النفسية وشعور الجميع بأن الانتماء لتونس هو فوق كل شئ وأن الصراع السياسي حتى عندما يكون حادا فهو في أحسن أحواله، تنافس من أجل خدمة البلاد فقط لا غير.
وأفادت بأن تونس تشيع اليوم رئيسها وهي تعلم جيدا بأن الانتقال الديمقراطي رغم نجاحاته مازال هشا وأن عملية بنائه مازالت متواصلة وأن المخاطر المحدقة به داخليا وخارجيا جدية وأحيانا مخيفة ولكن ورغم القصر النسبي لفترة ما بعد الثورة فقد راكمنا من التجارب ما يسمح لنا جميعا بمواجهة كل هذه التحديات معتبرة أن الدرس الاكبر من هذهاللحظة البرزخية هو استحضار عمق وحدتنا الوطنية لا في حالات الحزن وفي حالات وداع رئيس البلاد فقط بل في كل الحالات حتى تلك التي تحتد فيها الصراعات ونحن مقبلون عليها ضرورة في الانتخابات القادمة وفي غيرها من المحطات السياسية، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، اعتبرت (الشروق) في مقالها الافتتاحي، أن موت رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، تحول الى درس لكل العالم الذي كان ينتظر أن يحدث أمرا ما في تونس وهي تعلن عن وفاة رئيسها، لكن الامر هذه المرة جعل من تونس مرة أخرى الاستثناء في محيطها العربي “التعيس والبائس” مشيرة الى أنه حين كانت الاذاعات التونسية وكل وسائل الاعلام تعلن عن وفاة رئيس الجمهورية كانت الحياة في تونس تتواصل وتستمر بشكل عادي رغم الحزن الذي خيم عليها حيث واصلت كل الوزارات والادارات عملها وظلت المتاجر مفتوحة والمقاهي مليئة بالناس والشواطئ في كل مكان مليئة بالمصطافين، فلا شئ تغير مما جعل تونس تكون الاستثناء الجميل مرة أخرى.
وأضافت أنه ثبت فعلا أن تونس بها مؤسسات ورجال دولة يحرصون على تطبيق القانون والدستور وتأكد أن الشعب التونسي الذي عانى كثيرا في السنوات الماضية من خلافات وصراعات ومعارك السياسيين هو أكثر وعيا ونضجا من نخبته وهو لذلك يحتاج الى سياسيين أكثر وعيا بالمسؤولية في المدة القادمة مؤكدة على ضرورة أن يدرك السياسيون الذين يستعدون للترشح للبرلمان القادم أنهم أمام شعب عظيم قادر على أن يحاسبهم، شعب أعطى للعالم درسا كبيرا في احترام القانون واحترام المؤسسات الدستورية، حسب ما جاء بالصحيفة.
أما صحيفة (الصباح) فقد أشارت في افتتاحية عددها اليوم، الى أن التونسيين سيودعون اليوم رئيس الجمهورية الى مثواه الاخير وهم يستحضرون ملهمه ومعلمه الحبيب بورقيبة، وكأن الاقدار شاءت ألا يقتدى السبسي بالزعيم في نهجه وفكره وحتى في شكله وطريقة خطابه فقط بل أن “يثأر” له ويرد له اعتباره في جنازة لا تخضع للقيود ولا للتضييقات وتكون في مستوى يليق بالزعماء وبرجال الدولة الذين يفنون أعمارهم في خدمة أوطانهم فيحبهم شعبهم ويبكيهم عند الرحيل مبينة أنها ستكون جنازة في مستوى تونس الاستثناء في محيطها العربي وتونس التشبث بمدنية الدولة وبالخيار الديمقراطي واحترام الحريات وحقوق الانسان.
وأضافت أن مسيرة، الباجي قائد السبسي، كانت استثنائية بكل المقاييس وكان كالمعدن الذي صقله الزمن فأكسبه “كاريزما” عالية وحضورا قويا وفطنة سياسية انتهت بخروجه من الباب الكبير بعد أن ظن كثيرون عكس ذلك مرجحة أن تكون الاقدار الالاهية قد أنصفت الرجل بأن غادرنا في عيد الجمهورية وقبل نهاية عهدته الرئاسية وكأنما رغب في تتويج هذه المسيرة المتماهية في مختلف محطاتها بين الشخصي والوطني بجنازة وطنية رسمية تكون بمثابة المنعرج الايجابي في مسيرة الانتقال الديمقراطي تذكر الجميع وفي ذروة الحزن والخشوع بنداء الواجب لتصحيح المسار ومراجعة الخيارات نحو وحدة التونسيين ومصلحة الوطن قبل مصلحة الاحزاب كما كان يقول دائما رحمه الله، وفق ما ورد بالصحيفة.
من جهتها أشارت جريدة (الصحافة) في ورقة خاصة، الى تغير عديد المعطيات والحسابات بين الامس واليوم حيث أنه رغم غياب رئيس الجمهورية، رحمه الله، بما يعنيه من فراغ دستوري تمكنت مؤسسات الدولة وقوانينها من سده بسلاسة لافتة في ظرف سويعات مشيرة الى أن ذلك تطلب أيضا استكمال هذه الاجراءات وما يعنيه ذلك من ضرورة تقديم الانتخابات الرئاسية الى موعد الخامس عشر من سبتمبر القادم وبالتالي أصبحت بحكم الآجال الدستورية سابقة على الانتخابات التشريعية وما يعنيه ذلك من تغير الكثير من المعطيات خصوصا الحسابات الحزبية التي كانت مبنية على استشراف من سترشحه للرئاسيات على ضوء نتائج التشريعيات.
وأضافت أن الكثير من الكتل ما زالت تصر على أن لا تعلن عن اسم مرشحها على أساس أن تختبر قوتها في التشريعية وتعرف حجمها بالضبط وتتدارس مع من ستتحالف ومع من ستقف ومن ستدعم للرئاسية حتى يكون “رئيسها” ويكون بالتالي متطابقا مع توجهاتها سواء كان منها أو حليفا “مضمونا” أو حتى حليف حسابات مبينة أن المعطيات تغيرت الان وتغيرت معها حسابات كل الاحزاب تقريبا بلا استثناء وستفصح كل القوى عن مرشحيها للرئاسة منذ يوم 02 أوت المقبل وسنرى ربما أرتالا ضخمة من الراغبين في سكنى هضبة قرطاج، كما أن هذا الموعد سيكشف لنا التحالفات وسيعري ما كان يطبخ ويطهى ويحضر في صمت للبوح به عقب التشريعيات لانه لم يعد هناك مجال لاخفاء النوايا ولم يعد بالامكان التخفي وراء نوع من “التعفف” الذي جعل من أهم الاحزاب التونسية لا تعلن الى الان عن أسماء مرشحيها ولا تبوح بأوراقها التي تخشى عليها ربما الاحتراق قبل وصول الاجال القديمة التي كانت محددة للسابع عشر من نوفمبر القادم.