من خبير دولي في المجال الزراعي، وأستاذ في جامعات دولية، إلى عالم السياسة .. انتقل خلال فترة قصيرة إلى الصفوف الأمامية للمشهد السياسي والسلطة .. أثار المترشح للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، يوسف الشاهد، خلال مسيرته القصيرة الثرية، ما بعد الثورة، جدلا واسعا، والكثير من نقاط الاستفهام حول صعوده السريع.
منذ اقتراح اسمه كمرشح لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية، من قبل الرئيس الراحل، الباجي قايد السبسي، وطيلة فترة توليه لهذا المنصب، شهدت مسيرة الشاهد الكثير من المد والجزر .. فترات اعتبر فيها “بطلا” يقاوم الفساد الذي ينخر الاقتصاد الوطني، وأخرى اتهم فيها “باللعب” على حبال التحالفات السياسية غير المعلنة والمختلفة لخدمة مطامحه السياسية.
يوسف الشاهد، من مواليد سبتمبر 1975 بتونس، وهو أصغر رئيس حكومة في تاريخ تونس. حصل سنة 2003 على درجة الدكتوراه في العلوم الزراعية من جامعة فرنسية، وقدم أطروحة تحت عنوان “تقييم آثار تحرير الأسواق الفلاحية على المبادلات ومستويات العيش”، وزاول مهنة التدريس في جامعات بفرنسا واليابان والبرازيل، وعمل خبيرا في مجال تخصصه مع عدة دول ومنظمات دولية.
وسبق للشاهد أن عمل خبيرا زراعيا في السفارة الأمريكية بتونس، حسب مراسلة صادرة عن السفارة بتاريخ 13 جانفي 2010، سربها موقع “ويكيليكس” الشهير.
مسيرة الشاهد السياسية انطلقت عقب الثورة، إذ تنقل خلال سنوات ما بعد 2011 بين عضوية عدد من الأحزاب الصغيرة، من بينها حزب طريق الوسط، قبل أن ينتقل إلى القطب الديمقراطي الحداثي، ومنه إلى الحزب الجمهوري، وذلك إلى أن التحق سنة 2013 بحركة نداء تونس، التي فتحت أمامه أبواب السلطة.
وخلال فترة توليه رئاسة الحكومة ولعوامل متعددة، اندلعت أزمة حادة داخل حركة نداء تونس بين يوسف الشاهد وحافظ قايد السبسي، نجل الرئيس الراحل، سببها الظاهر، وفق ما أكده ملاحظون، خلافات حول التسيير، وباطنها حرص الشاهد على توسيع دائرة تحالفاته والحزام السياسي الداعم لحكومته، وعلاقته الموسومة بالتقارب مع حركة النهضة، ومحاولة الاستقلال بقراراته الحكومية عن الحزب، لتصل هذه الأزمة إلى تجميد عضوية الشاهد وقيادات حزبية أخرى في حركة نداء تونس.
طموحه السياسي دفعه لتكوين حزب سياسي جديد (تحيا تونس) جمع الغاضبين والمتخلين عن حركة نداء تونس والأحزاب المنبثقة عنها، فضلا عن عدد من الشخصيات السياسية وأعضاء من حكومته.
ومع تأكد طموحه في خوض غمار الانتخابات الرئاسية، وجهت أصابع الاتهام لرئيس الحكومة باستغلال موارد الدولة لخدمة مصالحه الانتخابية، مما دفعه لاتخاذ قرار تفويض صلاحياته لوزير الوظيفة العمومية، كمال مرجان، وزميله في حزب تحيا تونس، مؤقتا إلى نهاية الحملة الانتخابية، “لمحاولة غلق باب التأويلات والاتهامات”.
سهام الاتهامات بضرب خصومه السياسيين باستعمال وسائل الدولة وجهت بقوة للشاهد، في أعقاب إيقاف المترشح للرئاسية ورئيس حزب “قلب تونس”، نبيل القروي، غير أن الشاهد، رفض تلك الاتهامات، ودافع بقوة عن استقلالية السلطة القضائية.
تتراوح التقييمات لمسيرة الشاهد في الحكم وفي السياسة عموما في مجملها بين الوردي والأسود، أي من النقيض إلى النقيض، زوايا التقييم ومقاييسه تحكمها عديد الاعتبارات، منها ما هو موضوعي، ومنها ما هو ذاتي ومصلحي. لكن أيا كانت تلك التقييمات، فإن الرجل ينطلق في سباق الرئاسة، مثقلا، من ناحية، بانتقادات البعض لحصيلته في إدارة الحكومة، ومسلحا، من ناحية أخرى، بطموح صريح لفتح طريق الحكم والقيادة أمام جيل جديد من السياسيين.