“من سيضمن للتونسيين انتخابات نزيهة؟” و”تواصل الاستثناء التونسي” و”سيكون حاسما لتحديد الرئيس المقبل … صوت المرأة … لمن؟” و”جريمة في حق الاجيال”، مثلت أبرز عناوين الصحف التونسية الصادرة اليوم الاحد.
أثارت جريدة (الصحافة) في افتتاحية عددها اليوم، استفهاما جوهريا حول مدى امكانية القول بوجود جهة يمكن أن ترافق العملية الانتخابية دون المساس بجوهرها أو شخص يضمن اليوم اجراء انتخابات نزيهة وشفافة وديمقراطية خاصة مع وجود مراكز قوى موازية في مطبخ الانتخابات تنذر بالعودة بتونس الى الوراء مشيرة الى أن المترشحين للانتخابات الرئاسية اليوم يتحركون ومن ورائهم أحزابهم لعقد صفقات سياسية قد تحل مكان نقل الاصوات وشرائها والتي حرمها القانون الانتخابي على أمل القطع مع الديكتاتورية واستعادة الثقة بالادوات الديمقراطية واختيار رئيس للبلاد بعد انتخابات نزيهة.
وشددت في هذا الصدد، على ضرورة تحلي المتنافسين بروح المسؤولية واجتناب كل ما من شأنه أن يؤدي الى العنف أو الاستفزاز أثناء الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع حتى تتم هذه الانتخابات على نحو يبرز السلوك الحضاري للشعب التونسي ويعزز مكانة تونس دوليا مبينة أن المسؤولية الاولى في انجاح هذه الانتخابات تبقى لدى المواطنين ووعيهم بدقة المرحلة التي تعيشها البلاد وحسن اختيارهم لمن سيتولى قيادة تونس في المستقبل.
وأشارت الى أن الانتخابات الرئاسية ليست سوى محطة في حياة الشعوب، والى أن التداول على السلطة أمر مهم في حد ذاته والاهم هو أن تؤول هذه الانتخابات الى دعم ثقة الشعب في الدولة ومؤسساتها خاصة أنه وللمرة الاولى لا يملك التونسيون فكرة عمن سيكون الرئيس مذكرة بأنه في انتخابات 2014 كان هناك مرشحان الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي، رحمه الله، لكن اليوم أصبح كل شئ واردا.
وفي سياق متصل، اعتبرت (الشروق) أنه رغم ما يعتري المسار الانتخابي الحالي من هنات ونقائص فهو يبقى، دونما شك، أفضل من التناحر وتفكك الدولة والاحتراب الاهلي مشيرة الى أنها محطة فرز جديدة في انتقال حضاري كبير سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بكل ما فيه من اكراهات وتحديات حقيقية حيث ما يزال قطار التنمية معطلا والمقدرة الشرائية للمواطن مضغوطا عليها كما لم تتحسن ظروف العيش بالشكل المطلوب ولكن الافاق مفتوحة على الارجح نحو الافضل خلال السنوات القادمة.
وأضافت أن العالم ينظر اليوم الى بلادنا على أنها الاستثناء الديمقراطي العربي الوحيد وعلينا أن نعتز بذلك وأن نعمل على تخطي الصعوبات المتبقية وتنقية مختلف المناخات الوطنية بنشر الامل وطرد الاحباط واليأس واحياء ثقافة الانتاج والمثابرة والعمل ومكافحة مظاهر الرداءة والفساد وتمتين أركان الحياة السياسية الديمقراطية وتعزيز قوة الدولة ومناعة مختلف أجهزتها والتوحد خلفها لحماية بلادنا من كل المخاطر وتمكينها من جميع القدرات والامكانيات للاستجابة لمختلف الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية معتبرة أن تاريخ الشعوب لا يقاس بالسنوات بل ينظر اليه عبر السياقات الحضارية والتحولات السياسية والمجتمعية الكبرى وتقييم المنجزات الفعلية التي تؤسس لمجتمع المواطنة والدولة المدنية القوية والعادلة الديمقراطية، وفق ما ورد بالصحيفة.
وتساءلت، ذات الصحيفة، في ورقة أخرى، الى من سيؤول صوت المرأة في الانتخابات الرئاسية السابقة لاوانها بالنظر الى أنها خزان انتخابي مهم جدا يحرص المترشحون للانتخابات الرئاسية منذ بداية حملاتهم على طلب ودها من خلال عقد الاجتماعات الحاشدة بالنساء واللاتصال المباشر بهن أينما انتقلوا وادراجهن في برامجهم الانتخابية.
وأشارت الى أن مليون امرأة انتخبن المرحوم، الباجي قائد السبسي، في سنة 2014 غيرن معادلة كاملة وجعلنه ينتصر على منافسه المنصف المرزوقي المدعوم من أكبر حزب في البلاد ولا أحد من التونسيين ينكر أنها قادرة على قلب الموازين وتغيير مسار سياسي كامل حيث أن اعتصام باردو أكبر مثال على ذلك الامر الذي جعلها تصبح مع انطلاق الحملة الانتخابية محل أنظار وتفكير أغلب المرشحين ان لم نقل كلهم حتى يكسبوا ثقتها وتمنحهم صوتها.
وأضافت أنه رغم أن عدد الناخبات أكثر من عدد الناخبين، وذلك بعد حصول المرأة على 53 بالمائة من أصل حوالي مليون ونصف المليون ناخب ورغم الحضور المكثف للمرأة في اجتماعات المترشحين للرئاسة، الا أن نوايا التصويت لا يمكن تحديدها لان المرأة التونسية كسبت من الوعي ما يجعلها قادرة على تحديد المرشح الافضل بعيدا عن التأثير والاستقطاب وقد تكون المساواة في الميراث أحد العناصر الحاسمة بالنسبة لشق هام من النساء اللواتي أضعفن حظوظ بعض المرشحين وخاصة منهم المرشح الحقوقي، المنصف المرزوقي، بعد تصريحه بأن القانون سوف يلقى في سلة المهملات، حسب ما جاء بالصحيفة.
أما جريدة (الصباح) فقد تطرقت في افتتاحيتها الى ما اعتبرته الفضيحة المدوية في ملف البنك الفرنسي التونسي التي صدمت الرأي العام بعد رواج أخبار التعويضات الثقيلة التي يفترض أن تتحمل أعباءها الدولة التونسية والتي ناهزت 5 بالمائة من ميزانيتها وثلث قرض صندوق النقد الدولي لبلادنا مضيفة أن صمت السلطات الرسمية يعكس عقلية اللامبالاة وسياسة الهروب من المسؤولية التي استبدت بالنخب السياسية في بلادنا وألغت معها ثقافة المحاسبة والمساءلة التي بدونها لا مجال للاصلاح وتجنب الكوارث.
وأضافت أن عودة هذا الملف الخطير الى سطح الاحداث في مثل هذا التوقيت من شأنه أن يعمق أزمة الثقة وحيرة التونسيين ازاء عجز وتقصير النخب السياسية المتكرر عندما يتعلق الامر بالملفات المصيرية معتبرة أن ملف التصنيف السلبي لتونس بعد اقدام الاتحاد الاوروبي على ادراج بلادنا على القائمة السوداء المخصصة للملاذات الضريبية يجعل مجددا هذه النخب التي سيحاكمها التاريخ حتما في قفص الاتهام وهي التي أكدت فشلها في استباق المخاطر.
ورأت أن ما حدث ليس بالامر الهين الذي يمكن تجاهله أو التقليل من انعكاساته، التي قد لا تتضح للعيان في هذه المرحلة، بل الحقيقة أن فيما أمكن تسريبه حتى الان بشأن هذا الملف ما يمكن اعتباره جريمة دولة تقترف في حق تونس وفي حق الاجيال القادمة وهي أيضا فضيحة تكشف عما يمكن أن يؤول اليه الاستهتار والتقصير في التعاطي مع الملفات والقضايا التي قد تبدو في ظاهرها بسيطة ولكنها في باطنها تكتسي خطورة كبرى على الحاضر والمستقبل، وفق تقدير الصحيفة.