أكّد رئيس الجمهورية بالنيابة، محمد الناصر، على”ضرورة تلافي كل ما من شأنه التشكيك في مسار تونس ومستقبلها في هذه الفترة”، قائلا إن “الواجب يقتضي اليوم مواصلة السير وإنجاح المسيرة الديمقراطية وتجاوز الوضع الظرفي الصعب الذي تعيشه البلاد”.
وشدد الناصر في كلمة توجه بها مساء اليوم الجمعة إلى الشعب التونسي، بمناسبة الإنتخابات التشريعية والرئاسية وبثتها القناة الوطنية الأولى، على أن “تونس دولة قائمة الوجود وتتوفر على مؤسسات قادرة على فرض تطبيق القانون وحماية المواطنين والمواطنات، داعيا “المتنافسين، إلى “ترك مجال للصلح بعد الإنتخابات وإيجاد فرصة للبناء المشترك”.
وأوضح في ذات السياق، أن مجلس نواب الشعب الذي اعتبره “ركيزة هامة تقوم عليها الدولة التونسية”، هو الذي سيجسّد في الواقع سلطة الشعب وقدرته على تغيير وضعه وتحسينه وتجاوز التحديات التي يواجهها، مذكرا بأن البرلمان هو أيضا “الساهر على التزام الحكومات بتنفيذ القرارات والتواجهات التي تتماشى مع مصلحة الشعب، كما أن له القدرة على توجيه الحكومة لتنفيذ خطة التنمية، للخروج بالبلاد من وضعها الراهن”.
وأشار الناصر إلى “التزام المنظمات الوطنية بالعمل من أجل تونس وإعلاء مصلحتها، وفق ما عبّر عنه رؤساؤها وأمناؤها العامون، في لقاءات جمعته بهم في الأسبوع الجاري وجددوا خلالها تأكيد مساهمتهم في تجاوز المصاعب والمشاكل الظرفية التي تجابهها البلاد”.
كما توجه بالدعوة إلى عموم التونسيين والتونسيات، للمشاركة في المحطات الإنتخابية المقبلة بكثافة، معتبرا أن “تونس في حاجة إلى كافة أبنائها وبناتها، وأن التغيير رهين مشاركة جماعية مكثفة”، معتبرا أن الشباب يبقى قوة دفع وتقدم نحو المستقبل رغم ما تشعر به نسبة كبيرة منه من إحباط.
وقال رئيس الجمهورية “إن تونس تعيش اليوم منافسة طبيعية للفوز بمنصب الرئاسة وبمقاعد في البرلمان، لكن يجب أن لا ينتج عنها شعور بالعداء، خاصة أن مهام فترة ما بعد الإنتخابات، تتطلب عملا مشتركا وروح تضامن بين مختلف المسؤولين، مهما كانت انتماءاتهم الحزبية وخلافاتهم المنهجية أو المبدئية وكذلك عدم إقصاء أي فرد أو مجموعة، بالنظر إلى واجبهم المشترك لإعلاء مصلحة البلاد ومستقبلها”.
وفي هذا الصدد دعا الناصر، القيادات السياسية وقادة الأحزاب والفكر والصحافة، بجميع أنواعها، إلى “تجاوز خطاب التجريح والإستفزاز”.
وعلى صعيد آخر تطرّق رئيس الدولة في كلمته هذه إلى “تداعيات وجود أحد المترشحين، للدور الثاني من الإنتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، في السجن، على مصداقية الإنتخابات والمسار الديمقراطي وعلى صورة تونس في الخارج”، مشيرا إلى أنّ “عدم تمتّع نبيل القروي بحريته الكاملة لمواصلة حملته الإنتخابية، أصبح محلّ اهتمام وانتقاد واستفسار من قبل مختلف الأوساط على المستويين الوطني والخارجي”.
وذكّر بأنه نظرا إلى أهمية الموضوع، فقد أجرى اتصالات مكثفة مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل ورئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، “بهدف تجاوز الصعوبات القائمة وإيجاد المعادلة في احترام السلطة القضائية ومبدأ الفصل بين السلط وضمان تساوي حظوظ المترشحين للدور الثاني”.
وأضاف الناصر أنه باعتباره حامي الدستور وممثل الدولة التونسية في الداخل والخارج والمؤتمن على إجراء الانتخابات في ظروف طبية، “سيستمر في متابعة الموضوع والتواصل مع رئيس هيئة الإنتخابات وكافة المتدخلين في المسألة، من أجل إيجاد حل مشرف يمكّن من تجاوز الوضع غير العادي الذي من شأنه أن يمس من مصداقية الإنتخابات ومصداقية تونس”.
ونوّه في هذا السياق بمساعي رئيس الهيئة الإنتخابية ومطالبته بتوفير الظروف التي تمكّن المترشّح نبيل القروي من القيام بحملته الإنتخابية في ظروف عادية، “بالنظر إلى أن القانون أعطى الهيئة ولاية كاملة على تنظيم الإنتخابات”.
كما عبّر عن تقديره لهيئة الإنتخابات وللأمن الوطني والجيش الوطني، لدور هذه الأطراف في إنجاح الدور الأول من الإنتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، “بما جعل الهيئة تحظى بتقدير عديد الملاحظين، من تونس وخارجها”، مبرزا أهمية الإنتخابات الرئاسية والتشريعية، “باعتبارهما ستقرران من سيتولى إدارة البلاد على مستوى الرئاسات الثلاث في السنوات المقبلة”.
يُذكر أنه تم إيقاف المترشّح للإنتخابات الرئاسية، نبيل القروي، رئيس حزب “قلب تونس”، يوم 23 أوت 2019، تنفيذا لبطاقة جلب صادرة ضده عن إحدى دوائر الإتهام بمحكمة الإستئناف بتونس، تبعا لشكاية رفعتها ضده منظمة “أنا يقظ”، لدى القطب القضائي الإقتصادي والمالي، بخصوص شبهة غسل وتبييض الأموال، وذلك باستعمال الشركات التي يملكها صحبة شقيقه غازي القروي، في كل من المغرب والجزائر واللكسمبورغ.
ورفضت دائرة الإتهام بمحكمة الإستئناف بتونس، يومي 5 سبتمبر و1 أكتوبر 2019، طلبات بالإفراج عنه والإبقاء على التدابير الإحترازية التي تمّ اتخاذها منذ فترة ضد الشقيقين، القروي، والمتعلّقة بتحجير السفر وتجميد التعامل على ممتلكات المترشح نبيل القروي.
كما رفض قاضي التحقيق بالقطب القضائي الإقتصادي والمالي، في 18 سبتمبر 2019، التعهّد بمطلب الإفراج المؤقت عن نبيل القروي وذلك لعدم الإختصاص.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، أعلنت في 17 سبتمبر 2019، عن نتائج الدور الأول من الإنتخابات الرئاسية ومرور نبيل القروي (حزب قلب تونس)، إلى الدورة الثانية، بحصوله على 15،6% وراء المترشّح قيس سعيّد الذي تحصّل على نسبة 18،4 بالمائة والتي أكّدتها الهيئة، بعد استيفاء جميع مراحل الطعن في النتائج الأولية مطلع أكتوبر 2019.