“الان وقد حصل ما في الصدور … برلمان اليمين … ولا شئ على اليسار” و”انتخابات المعارك الصغرى” و”بسبب ادارتها العملية الانتخابية… الانتقادات تلاحق أداء هيئة الانتخابات” و”ولادة صعبة لبرلمان مشتت … الحكومة المستحيلة ” ، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الثلاثاء.
تطرقت جريدة (الصحافة) في ورقة بصفحتها الخامسة، الى نتائج سبر الاراء للانتخابات التشريعية معتبرة أن حركة النهضة ستجد نفسها في مأزق حقيقي وهي المطالبة بتشكيل حكومة لن تكون قادرة على الحكم بمفردها لذلك ستسعى الى اجراء توافقات (على سنة المرحوم الباجي قائد السبسي) وستجد لها في ائتلاف الكرامة حليفا استراتيجيا وكذلك حزب تحيا تونس لصاحبه، يوسف الشاهد، الموعود بالاستمرار في الحكم في حين قد تجد صدا (غير نهائي) من التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتبقى علاقتها وامكانية توافقها مع غريمها وملاحقها في المرتبة الثانية حزب قلب تونس مرهونة “بالعرض والطلب”.
ورأت أن ما قاله، نبيل القروي، من سجنه “بأنه يستحيل التحالف مع حركة النهضة فقد سبقه في ذلك السبسي بقوله في انتخابات 2014 بأن “النداء والنهضة خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا…” الا أنهما التقيا ودبرا أمر الحكم في “مساء باريسي” سمي “مساء الخذلان العظيم” معربة في هذا السياق عن عدم استغرابها من أن يتحول أعداء الامس الى حلفاء وأن يتقاسموا الحكم في ما بينهم وسيجدون مبررات قوية لذلك كما سيجدون من ينصت اليهم ويصدقهم مع العلم أن أمام الحكومة والمجلس النيابي قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2020 حيث من المفروض المصادقة عليهما قبل موفى 2019 وأمام تونس أيضا رهانات كبرى في علاقة بالدول والمؤسسات المانحة اضافة الى خروجين الى السوق المالية.
وتساءلت، في هذا الخصوص، عن كيفية تعاطي مجلس نيابي بهذه التشكيلة الهجينة مع هذه الرهانات معتبرة أنه لا روابط حماية الثورة الممثلة بوجوه منها في هذا المجلس ولا ائتلاف سيف الدين مخلوف مؤهلين للاجابة عن الاسئلة المتعلقة بتوفير ضمانات التمويل لميزانية الدولة المضمنة في قانون المالية لسنة 2020 والذي يستدعي اقتراضا خارجيا ب8 آلاف مليون دينار سيتكفل بثلثه صندوق النقد الدولي الذي يرفض سيف الدين التعامل معه وسبق أن دعا الى ذلك.
وفسرت، في هذا الصدد، بأن هناك التزامات مالية وحركة اقتراض كبرى مرتبطة بصندوق النقد الدولي وعدد من الدول المانحة وهي مرتهنة كلها بشروط الاستقرار السياسي والحكومي مبينة أن الفشل في نتشكيل حكومة يعني تعطيل القروض ومزيد تأزيم الوضع المالي والاقتصادي، وفق ما ورد بالصحيفة.
من جهتها اعتبرت (المغرب) في مقال لها، أن تشريعية 2019 كانت انتخابات معارك صغرى حيث لا أثر يدرك لبرامج تطرح تغييرا مهما تحتاج اليه البلاد في المرحلة الراهنة وفيما هو قادم مشيرة الى أن المعارك الصغرى هي معارك أفراد ومعارك مقولات لا استجابة فيها فعليا لطموحات الناخبين وهي معارك نرجسيات وأحقاد تغيب فيها الافكار الجذابة وسط حضور مكثف للظاهر وللصورة وللمتجلي.
وأضافت أن المتتبع للحملات للحملات الانتخابية يقف عند ملاحظة اساسية هي أولا غيابها عن الفضاء العام وغياب النقاش الجدي حول المقترحات الجدية حيث لا أحد منا يعرف ما تخفيه الكتل السياسية التي ستحكم وهل أن بوصلتها واضحة الشئ مما جعلنا نعرف فقط أسماء المنتصرين وانتماءاتهم السياسية دون أن نعرف بالتدقيق هوياتهم البرامجية ودون أن نعرف ما هي اجاباتهم الواقعية عن أسئلة واقعية وهي الاسئلة الصعبة التي تنتظر الجميع مبينة أنها انتخابات المعارك الصغرى بالنظر الى ضعف مشاركة الناخبين التي لم تكد تتجاوز الاربعين بالمائة وهي نسبة تؤكد تراجع منسوب الثقة في العملية الانتخابية وفي السياسيين وفي المشهد برمته والحزب الفائز بأكثر المقاعد في هذه الانتخابات وبالرغم من أنه مزهو بانتصاره الا أنه في قرارة نفسه يعرف جيدا أن هذا النصر هو هدية مسمومة لانه نصر قائم على معارك صغرى التي تعتبر المدخل لاي تراجع.
ورأت أنه من المهم تحويل المعارك الانتخابية من معارك صغرى غير ذات معنى الى معارك كبرى حول برامج ورؤى وتوجهات يكون وراءها فاعلون على قدر عال من الفهم الذي يجعلهم قادرين على التعاطي مع مشكلات جديدة بطرق وأساليب ومقاربات هي الاخرى جديدة، وحسب ما جاء بالصحيفة.
وفي سياق متصل، أفادت جريدة (الشروق) في مقال بصفحتها الرابعة، أن التقديرات الاولية لنتائج الانتخابات التشريعية أفرزت مشهدا برلمانيا شديد التشتت يضع تشكيل الحكومة القادمة على رأس أهم التحديات حيث أن تعذر تشكيلها ستكون له تبعات وخيمة وتشكليها سيجعل منها ضعيفة وهشة.
وأضافت أن الفرضية الاولى يستحيل معها تشكيل الحكومة خاصة أمام المواقف الرسمية المعلنة لاغلب التشكيلات السياسية الممثلة في البرلمان القادم حيث أعلن حزب قلب تونس الذي حل في المركز الثاني صراحة عدم امكانية تحالفه مع حركة النهضة وفق تاكيد القيادي، عياض اللومي، كما اعلن الامين العام لحزب حركة الشعب زهير المغزاوي اصطفاف حزبه في المعارضة على غرار حزب التيار الديمقراطي فيما يتمسك الحزب الدستوري الحر بموقفه المبدئي الرافض للتحالف مع النهضة بما يعني ان الاغلبية العددية والتي يمكن أن تشارك حركة النهضة الحكم لا تتعدى 90 نائبا باحتساب مقاعد النهضة وائتلاف الكرامة وبعض المستقلين.
واعتبر الناشط السياسي، حاتم العماري، أن التشتت الحاصل في البرلمان القادم على ضوء النتائج التقديرية يحيل الى وضع لا تحسد عليه ان تشكلت الحكومة حيث ستكون هشة قياسا بالصعوبات المالية والاجتماعية والاقتصادية وان لم تشكل فان الحكومة ستكون عالية على المواطن وعلى ميزانية الدولة كما أن النتائج بعد اعادة الانتخابات غير مضمونة ومن الوارد تسجيل عزوف أرفع بكثير وبالتالي يبقى الامل في الحكمة والحوار الوطني في ايجاد التوافقات الضرورية على قاعدة التنازلات الواجبة لمصلحة البلاد.
واعتبرت أن تشريعية 2019 أحدثت انقلابا كليا عصف بالمشهد البرلماني الذي افرزته الانتخابات التشريعية لسنة 2014 ، مضيفة أن ما أفرزته صناديق الاقتراع من تقسيم لمقاعد البرلمان تؤكد أن المشهد البرلماني شهد تغيرا جذريا خاصة وأن أحزابا كانت في صدارة الترتيب اختفت كليا وأحزابا أخرى كانت في المراتب الاخيرة أصبحت في أول الترتيب.
وأشارت جريدة (الصباح) في ورقة خاصة، الى أن نسبة الاقبال على الانتخابات التشريعية التي وصفت بالهزيلة أثارت جدلا واسعا لم يقتصر هذه المرة على النتائج فقط بل تعلق بادارة العملية الانتخابية عموما في الداخل كما في الخارج من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مضيفة أن عملية الاقبال بدت محتشمة جدا وكادت تكون منعدمة في بعض المراكز حتى أن احد مكاتب الاقتراع في القيروان سجل قبول ناخب واحد ما أدى الى أكثر نقطة استفهام تعلقت أساسا بتقييم أداء الهيئة وكيفية ادارتها للانتخابات خاصة أمام هذا العزوف عن مسارات مهمة في تاريخ البلاد.
وأضافت أن أداء الهيئة يحتاج الى تقييم واسع وأكثر موضوعية بعد اكتمال السباق الانتخابي للوقوف على مختلف الاخلالات التي رافقت الانتخابات في الداخل والخارج والتي تتضح خاصة مع الاقبال الضعيف على المشاركة في الانتخابات ، مشيرة الى ان عملية تسجيل مليون ونصف ناخب جديد، حسب عديد الملاحظين، تضمنت عديد الاخلالات والتساؤلات لان عملية التسجيل كان من المفروض أن تكون ارادية وليست أوتوماتيكية مثلما حصلت.
وأكد نائب رئيس جمعية عتيد، بسام معطر، أنه تم توجيه لوم للهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانها لم تقم بمحلات تحسيسية وتوعوية كافية بخصوص الانتخابات التشريعية حيث اقتصرت على القيام ببعض الومضات المصورة التي لم يفي محتواها بالحاجة ولم تشرح العملية التشريعية ومضامين النظام السياسي الجديد الذي يعتبر فيه البرلمان الركيزة الاساسية للحكم في تونس لما يتضمنه من صلاحيات أولها الاختصاص التشريعي وانتاج السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة التي لها القسط الاكبر من الصلاحيات الى جانب مهمته الرقابية على أعمال الحكومة بصفة عامة وجميع مؤسسات الدولة.