“هل تنجح النهضة في اختراق جدار الرفض وتشكل حكومتها؟ .. صعب وممتنع…” و”مشروع انقاذ … يرمم المشهد المتشظي؟” و”لتحقيق الاغلبية ولمنح الثقة للحكومة … النهضة … الخطاب على الباب” و”عودة الرباعي الراعي للحوار … هل تساعد على تجاوز الازمة في البلاد”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الاربعاء.
اعتبرت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الثالثة، أن الصعوبات التي تمر بها حركة النهضة الان أكثر بكثير من تلك التي عاشتها خلال الحملة وخلال فترة انتظار النتائج، وحتى خلال الخلاف الذي اندلع داخلها ابان تعيين رؤساء القائمات التشريعية مبرزة أنها في وضع لا تحسد عليه خاصة وأن الاطراف التي كانت ربما تعتقد أنها سهلة الانقياد أو أنها ستسارع الى طلب الانضمام الى الحكومة القادمة أو على الاقل لا ترى مانعا في العمل معها، قد سارعت قبل الاخرين الى اعلان اعتزامها البقاء في المعارضة وعدم نيتها الدخول في مغامرة لا تدري عواقبها.
وأضافت أنه في غمرة فرحها بالنصر اندفع بعض من قادتها الى التباهي بالمنجز “الثوري” وبحب الجماهير وارادة الشعب دون وعي منهم بأن كل ذلك لا يكفي وحده لتشكيل حكومة وأن من نعتهم بالمهزومين وبالصفر فاصل وحتى من قال عنهم البحيري “جماعة ليلى والازلام والتجمع والصهاينة وأولاد الصبايحية وجماعة المقرونة” يحتاجهم اليوم والا ببساطة شديدة سيكون انتصر لكنه لا يستطيع أن يحكم كما أن الذين قال عنهم رئيس مجلس الشورى، عبد الكريم الهاروني، أنهم أعداء وأن قوى الثورة لن تضع يدها في أيديهم لانهم فاسدون، هم شركاء وهو لا يعلم أنه بدونهم لا يستطيع أن يحلم باعتلاء عرش القصبة ولا بتسيير شؤون البلاد مشيرة الى أن راشد الغنوشي وعبد الحميد الجلاصي تحدثا بأقل حدة وببراغماتية واقعية تدرك جيدا أنه لا خيار الا العمل مع الجميع ومد اليد لكل الخصوم قبل الحلفاء وفتح قنوات التواصل حتى مع ألد المنافسين والا لن تكتمل الصورة ولن تنضج الفكرة ولن تمر العملية السياسية الى المرحلة الطبيعية الموالية.
ورأت أن ذلك لا يعفي الحركة من مسؤوليتها عن التصعيد اللفظي وعلى التجييش المبالغ فيه ضد خصومها ابان الحملة الانتخابية وخاصة على تصريحات قادتها التي خونت الجميع ووضعت الجميع في زاوية الاعداء وليس المنافسين وأطلقت عليهم ذبابها الازرق في حملة مسعورة شيطنت كل من عبر موقف أو قال رأيا لا يعجبها أو يمس قليلا من مشاعرها أو حتى مجرد تعليق لا يتطابق مع أهدافها مضيفة أن ما لم تدركه هذه القيادة المندفعة خلال الحملة “كالثور الهائج” هو أن حزب نبيل القروي مثلا الذي يعتبر جديدا على الساحة ولم تمض الا أسابيع معدودات على تكوينه لم يكن يناصبها العداء أو الامر ولا حتى تطرق لها في خطابه أصلا لكنها سرعان ما مرت معه الى السرعة الخامسة بمجرد أن عرفت من استطلاعات الرأي أنه يتقدم كثيرا في نوايا التصويت وبدل أن تسايره وتتعاطى معه كطرف سياسي فقد سارعت مباشرة ودون مقدمات ولا موجب أيضا الى شيطنته واقصائه بل وجعل مسألة مصيرية وعبأت كل مناصريها وكتائبها على هذا المحور الرئيسي وهو أن هناك عدوا وشرا لا بد من التخلص منه وهو قلب تونس وأنه ان انتصر في الانتخابات فسيكون كارثة، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، أشارت (الشروق) في مقالها الافتتاحي، الى أن المشهد المتشظي الذي رسمته نتائج الانتخابات التشريعية يطرح الكثير من الاسئلة الحارقة والحائرة حول طبيعة الحكم في المرحلة القادمة حيث عبر الناخبون عن ارادتهم ومنحوا أفضلية لحزب سياسي، وهو ما يخوله ضمنيا لتشكيل الحكومة وفق توافقات وائتلافات قد تتشكل، لكن ومثل انتخابات 2014 الشعب لم يمنح تفويضا لحزب معين لكونه لم يعط أغلبية لجهة ما بحيث يكون ذلك تفويضا لمباشرة الحكم وتنفيذ البرنامج الخاص الذي منح على أساسه التفويض الشعبي معتبرة أنه من هنا تأتي ضرورة البحث عن توافقات وترجمتها الى حزام سياسي واسع يرفد عمل الحكومة ويوفر لها هوامش التحرك بالسرعة القصوى على درب ابعاد البلاد عن حافة الهاوية واخراج اقتصادنا الوطني من حالة الشلل والانهيار التي يتخبط فيها ومن ثم التوجه الى تحقيق انتظارات شرائح واسعة من أبناء الشعب
التونسي وهي أساس ومحور ومنتهى العملية السياسية برمتها.
وأضافت، في هذا الخصوص، أن الشعب ينتظر حكومة تعيد للدينار انتعاشته وتوفر أرضية ملائمة للاستثمار ولاعادة عجلة الاقتصاد الى دورانها الطبيعي بما سيمكن من خلق مواطن الشغل لمئات الالاف من التونسيين والتونسيات الذين ملوا الانتظار وسئموا من رؤية السياسيين وهم يخوضون حروب مواقع ومناصب ومنافع لا نهاية لها متسائلة .. هل يملك الحزب الفائز والذي سيكلف بتشكيل الحكومة من المحكمة الجرأة التي تجعله قادرا على ابداع وصفة مبتكرة تعبئ أوسع طيف سياسي حول مشروع انقاذ وطني شامل ومبتكر وقادر على اخراج البلاد من مأزقها الخطير؟ وهل يتسلح الفائزون بقطع النظر عن انتماءاتهم بالوعي اللازم الذي يجعلهم يغلبون المصلحة الوطنية العليا على المصالح الانانية الضيقة؟.
كما أوضحت، ذات الصحيفة، في مقال آخر، أنه منذ الاعلان عن النتائج التقريبية التي أفرزتها الانتخابات التشريعية بدأ الحديث لدى التونسيين حول ما ستؤول اليه في الصورة النهائية للمشهد السياسي في الفترة القادمة مشيرة الى أن البرلمان سيكون دون شك مشتتا بحكم عدم وجود طرف فاز بأغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة أو على الاقل من التحالف من طرف وحيد لتكوين كتلة قوية قادرة على تشكيل حكومة والتصويت على منحها الثقة.
وأضافت أن الامر سيتطلب على الاقل تحالف الاطراف الثلاثة الاولى وهي من الفرضيات المستبعدة ليفسح المجال لفرضيات أخرى تبدو بدورها صعبة المنال لكنها جائزة مشيرة الى أ ن النتائج النهائية التي سيقع الاعلان عنها الاربعاء تتجه الى افراز حصول النهضة على المرتبة الاولى بحوالي 55 مقعدا وهو ما سيجعلها لاعبا محوريا بالنسبة للتحالفات المنتظرة في البرلمان القادم.
كما بينت أن الدستور يخول لها في هذه الحالة تشكيل الحكومة واختيار رئيسها وبالتالي ستكون أنظار بعض الاطراف الفائزة بمقاعد متجهة اليها للدخول معها في تحالف ومشاركتها في ائتلاف الحكومة عبر بعض الحقائب الوزارية.
واعتبرت أن وضعية النهضة لن تكون مريحة بالدرجة الي يتصورها البعض فهي ستكون في صورة فوزها ب57 مقعدا في حاحة الى 52 مقعدا آخر حتى تتمكن من تمرير حكومتها يوم التصويت على منح الثقة ب109 صوتا وفق ما يقتضيه الدستور وما قد لايتحقق بسهولة خاصة اذا ما رفض اصحاب الكتل الكبرى التحالف معها اذا ما وضعوا شروطا قد تعتبرها تعجيزية أو غير معقولة كشرط الحصول على حقائب وزارية معينة أو شرط أن يكون رئيس الحكومة مستقلا لانها تريد رئيس حكومة منها أو أية شروط أخرى.
من جهتها، أفادت جريدة (الصباح) في ورقة بصفحتها السادسة ، أن الرباعي الراعي للحوار عاد بعد انقطاع دام نحو 5 سنوات وعادت اللقاءات لتتجدد بعد اجتماع أمس بمقر منظمة الاعراف بالعاصمة أين دعا الرباعي الى ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة نظرا للظرف الدقيق الذي تمر به البلاد خاصة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتحديات الامنية الراهنة.
وأضافت أن مخرجات اجتماع أمس شكلت الشيفرة التي ستلتقطها الاحزاب المترددة في الالتقاء مع حركة النهضة في تشكيل الحكومة القادمة في ظل التردد الكبير ومحاولات القطيعة من طرف بعض الاحزاب الفائزة بتشريعية 2019 ، مبينة أنه رغم أهمية الدعوة الصادرة عن الرباعي فانها تركت الحرية للاحزاب لاختيار شكل الحكومة القادمة حاثا اياهم على أهمية الاسراع وعدم اهدار الوقت في المناكفات السياسوية نظرا للظرف الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
واعتبرت، في سياق متصل، أن هذا الموقف يكشف أيضا عدم رغبة الرباعي في اعادة الانتخابات بشقيها البرلماني والرئاسي نظرا للكلفة السياسية والاقتصادية أي في وقت تحتاج فيه تونس الى أي تأخير بالنظر الى حجم انتظارات المواطن التونسي مشيرة الى اهمية البلاغ الاعلامي الصادر عن الرباعي الذي حمل تاكيدات ضمنية على قبول المنظمات الوطنية الممضية على بيان أمس سلفا بنتائج الانتخابات رغم حجم الخروقات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي مؤكدة أن ما بدر من الرباعي الراعي للحوار سيشكل ورقة عمل وانطلاقة قوية لتجاوز الخلافات السياسية الراهنة وأن الرباعي هو ضمانة الاستقرار الى جانب الاحزاب الفائزة في التشريعية على أن لا يكون طرفا فيها او مؤثرا عليها حتى يحافظ أصحاب جائزة نوبل للسلام على دورهم كوسيط اجتماعي ولا يتحول الى خصم سياسي، حسب ما جاء بالصحيفة.