“عبد الكافي، العذاري،الحامدي،الزنايدي، الجويني، والغنوشي … هؤلاء مرشحون لرئاسة الحكومة” و”حكومة الشاهد واستمرارية المرفق العام” و”مخاطر الانزلاق الى المربع الهووي” و”ساهم في اسقاط الديكتاتورية وسقط في زمن الديمقراطية … اليسار يخسر جبهة المعارضة في البرلمان الجديد”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
أشارت جريدة (الشروق) في مقالها الافتتاحي، الى أنه في انتظار “ولادة” الحكومة الجديدة، التي قد يطول انتظارها، فان الحكومة القائمة اليوم مطالبة بضمان استمرارية الدولة واستمرارية المرفق العام والخدمات العمومية دون تغيير الى حين تسليم المشعل مشيرة الى أن بعض المظاهر التي تبرز بين الحين والاخر توحي بأن منظومة الحكم القائمة دخلت مرحلة “ارتخاء” بسبب قرب موعد خروها من الحكم وهو ما ينعكس سلبا في بعض الاحيان على الحياة اليومية للمواطن.
وأضافت أن ظاهرة احتكار السلع والمضاربة بالاسعار والترفيع فيها دون موجب عادت بقوة هذه الايام وشملت عديد المواد الاستهلاكية في عديد الاسواق دون أن تقدر الرقابة الاقتصادية على ردعها فالموسم الفلاحي يشهد انطلاقة متعثرة بسبب ما يواجهه الفلاحون من صعوبات في توفير بعض البذور والاسمدة وفي حلحلة مشاكل المديونية كما أن الموسم الدراسي مازال يشهد بدوره تعثرات على مستوى البنية التحتية لبعض المؤسسات التربوية وعدم توفر الاطار التربوي في البعض الاخر الى جانب أن الخدمات الصحية في بعض المستشفيات تعيش هي الاخرى حالة من التهميش بسبب نقص التجهيزات وخاصة نقص الادوية وهو ما ينطبق أيضا على البنية التحتية للطرقات التي بلغت في الفترة الاخيرة حالة غير مسبوقة من التردي شأنها شأن مجال نظافة البيئة والمحيط وهذا دون الحديث عن حالة الفوضى وغياب احترام القانون في بعض المجالات الاخرى وتواصل انتشار الفساد وضعف بعض الخدمات الادارية.
وبينت أن تونس عانت طيلة السنوات الماضية والى حدود الايام الاخيرة السابقة للاستحقاق الانتخابي من ظاهرة تأثير الصراعات والتقلبات السياسية على أداء الحكومة وهو ما انعكس سلبا على الوضعين الاقتصادي والمالي للدولة لافتة الى أنه يمكن القول أن هذه الصراعات بعد النجاح في اجراء الانتخابات وقدوم منظومة حكم جديدة وبالتالي يجب أن تتخلى مكونات منظومة الحكم الحالية عن حساباتها وصراعاتها السياسية التي شغلتها طيلة الفترة الماضية وأن تهتم بالفترة الانتقالية حتى لا تكون “أرضية خصبة” لحصول الانفلات والفوضى في أكثر من مجال وهو ما قد يصعب مهمة الحكومة القادمة في اعادة الامور الى نصابها وفي الانطلاق في تنفيذ برامجها واصلاحاتها الجديدة..
وأفادت، ذات الصحيفة، في ورقة خاصة، أن مسألة تسمية رئيس الحكومة تمثل المشكل الاصعب ما بعد الانتخابات لانه مطالب بأن يفوز بثقة الاحزاب زيادة على شرط الكفاءة مضيفة أن ما يجعل هذا الاختيار صعب هو أولا امكانية اتهام النهضة بالغول مثلما حدث بعد انتخابات 2014 سيما بعد دعمها المعلن للفائز بالرئاسة قيس سعيد وثانيا أن المرحلة الاقتصادية اجتماعية بامتياز وهو ما يفرض على مرشح الحكومة أن يكون شخصية جامعة متمكنة من هذه الملفات وله استعداد للاشتغال بالمواضيع الاقتصادية أكثر من الملفات السياسية.
وأشارت الى أن التوجه الثاني يرى أن النهضة نضجت وأصبحت حزب حكم بعد ثماني سنوات من الممارسة السياسية في الصف الاول أو في الصف الثاني وهي اليوم جديرة بأن تتحمل مسؤولية الحكم بما يضمنه لها نص الدستور مبينة في المقابل أن اعتراض عدد من الاحزاب على المشاركة في حكومة تترأسها النهضة دفع الحركة الى التفكير في مسار آخر قادرعلى تشكيل حزام سياسي للحكومة حيث تم التفكير في شخصية من خارج الحركة تقود الحكومة.
كما أكدت أن أول الاسماء التي تم طرحها وزير الخارجية السابق منجي الحامدي وتم فتح نقاشات معه بلغت مراحل متقدمة لكنها لم تثمر الى الان اتفاقا نهائيا اضافة الى طرح اسم، فاضل عبد الكافي، مبينة أن من بين الاسماء الي برزت بشكل هام في جلسات التفكير الوزير السابق، محمد النوري الجويني، الذي بقي متداولا منذ سنة 2014 حيث تم فتح نقاشات مطولة معه في كل المراحل التي تم فيها تشكيل حكومة جديدة اواجراء تحوير وزاري.
وأوضحت أن مسارات التفكير في رئيس الحكومة الجديدة قادت الى طرح اسم، منذر الزنايدي، نظرا لعلاقاته الجيدة مع أغلب الاحزاب اضافة الى خبرته في الادارة وقدرته على التجميع خاصة وأن النهضة تجد اشكاليات كبرى في تجميع الاحزاب لتشكيل قاعدة سياسية قوية لدعم الحكومة القادمة.
وتطرقت جريدة (الصباح) في مقال لها، الى خسارة اليسار ممثلا في الجبهة الشعبية في ثلاث جولات انتخابية متتالية لم يتمكن فيها من الحفاظ على طبيعته في المنظومة السياسية بعد أن كان عنوانا للمعارضة البرلمانية بعد الثورة وخصما سياسيا شرسا لكل الانظمة المتعاقبة منذ الاستقلال.
وأضافت أن الجبهة الشعبية فشلت في اعادة انتاج خطاب جديد بما يجعلها تتجاوز الارث الايديولوجي وشعاراتها التي تآكل جزء منها واستثمرت بعضها أطراف سياسية أخرى
مشيرة الى أنه من المتوقع أن نرى معارضة في البرلمان القادم تحمل مضامين سياسية وفكرية تختلف مع الفكر اليساري مثل الحزب الثاني في الانتخابات التشريعية قلب تونس الذي قال عضو مكتبه السياسي اسامة الخليفي، ان قلب تونس سيكون ملتزما بالوعود الانتخابية التي قدمها للشعب التونسي معلنا أنه في حال تحصل على المرتبة الاولى في التشريعية فانه لن يتحالف مع حركة النهضة وفي حال تحصل على المركز الثاني سيكون في المعارضة.
وعدد المحلل السياسي، شكري بن عيسى، الاسباب التي أدت الى تآكل اليسار التي تعود أبرزها الى فتور المال الرمزي الذي تحقق بعد اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد ولكن بعد الاجترار الكبير لنفس المقولات والمفاهيم التي لم تحقق نتائج فعلية في تغيير الواقع بالرغم من الفشل الحكومي العميق ولم تجدد بما يستوجب في ظل افتقار للديمقراطية والحوار داخل الجبهة مما قاد الى مزيد الاختلافات الى حد التنازع الحاد داخليا.
كما اعتبرت أنه لا يمكن تصور وجود برلمان في تونس في ظل غياب اليسار وصوته ومقولاته ومفاهيمه ومرجعياته وشراسته السياسية والميدانية حتى ان كانت بعض تعبيراته حاضرة بطريقة هامشية أو منحسرة والادهى هو في وجود أصوات تتحوز المقولات اليسارية وتتاجر فيها وترفع عناوينها بشكل منحرف ومشوه في قطيعة عن كل مشروعية ومصداقية سواء تاريخية اوميدانية.
من جهتها أكدت جريدة (الصحافة) في افتتاحيتها اليوم، أن عودة الجدل “الهووي”عبر المنابر الاعلامية وفي المجتمع الافتراضي وحتى في الفضاء العام تعد مفارقة لافتة لا يمكن بأي حال ايجاد أي تبريرات لها أو تفهمها وهو ما بات ملحوظا أكثر من أي وقت مضى.
وأضافت أن كل ذلك كان نتيجة حتمية للتوترات التي كانت سائدة في البلاد والتي حذر منها الشهيد، شكري بلعيد، وكأنه كان يستشرف دوامة العنف التي لم تشف منها تونس حتى اليوم وان كانت عرفت بعض الهدوء بعد انتخابات 2014 ملاحظة أن منسوب العنف والتوتر قد انفجر هذه الايام وارتفعت حمم الغضب في اتجاهات عديدة ومن قبل أطراف متعددة من المواطنين في الشارع الذين تعاملت بالعنف مع بعض الصحافيين الميدانيين دون أن يدركوا أن حرية الصحافة مكسب للمواطن وليس للصحفي ودون أن يعوا أن مخاطر تكميم الافواه لعنة.
وبينت أن كل هذه المظاهر عادة ما تسبق التدحرج في مربع العنف وهو ما يجب التحذير منه في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد لا سيما وقد اكتوت بهذه النار من قبل ولا يمكن سوى ان تعمل جميع الاطراف على تلافيها.