“على هامش خطاب الرئيس قيس سعيد … مفاجآت سارة لمعارضيه وأخرى سيئة لمناصريه” و”قيس سعيد يؤدي اليمين الدستورية … خطاب مهم ولكن” و”مبادرة ممكنة في غير توقيتها” و”خطاب السقف العالي”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الخميس.
اعتبرت جريدة (المغرب) في مقال لها، أن الرئيس الجديد، قيس سعيد، لم يحد عما عودنا به من فصاحة اللسان والحماس في الدفاع عن بعض المبادئ حيث جاء خطابه عند أدائه اليمين الدستورية دون مفاجأة من حيث الشكل مشيرة الى أن الجميع كان ينتظر المضمون بسبب ما شاب حملته الانتخابية من غموض وقلة دقة مما فتح أبواب التأويلات على مصراعيه منها المساندة له ومنها المعارضة.
ورأت أن تخوفات من عارضوا ترشيح، قيس سعيد، كانت مبررة الى حد كبير وذلك لسببين اثنين على الاقل، الاول هو أن سعيد ليس له ماضي سياسي يمكن من الحكم له أو عليه ولم يدل بتصريحات جديدة تتضمن مشروعا سياسيا واضحا والسبب الثاني يتمثل في تلك المساندة القوية من قبل جهات راديكالية أو جهات مشبوهة تثير تخوفات مشروعة مشيرة الى أن خطابه لم يتضمن برنامجا سياسيا بأتم معنى الكلمة وانما ركزه على وضع النقاط على الاحرف بخصوص عدد من القضايا التي كانت، طيلة الفترة الاخيرة، محل نقاشات وآراء متناقضة حول موقفه منها.
وبينت أن مساندة حركة النهضة للرئيس كانت تضمر التعويل عليه لمواصلة منهجها الذي دأبت عليه مثل الاستمرار في وضع يدها على مؤسسات الدولة بالاعتماد على مبدأي “المحاصصة الحزبية” و”التوافق” أو مواصلة السكوت عن ملفات الارهاب والجهاز السري وغيرها كما كانت بعض التنظيمات الاخرى وخاصة منها ائتلاف الكرامة ورابطات “حماية الثورة” تعتبر أن الرئيس سعيد، بسبب ما يعرف عنه بأنه محافظ، وقعت مساندته أملا في أن يتصدى لمحاولات تدعيم حقوق المرأة وأن يتصدى للعمل النقابي وغير ذلك مما يفيد خدمة المجتمع لافتة الى أن جواب الرئيس سعيد جاء ليطمئن الى حد ما أولئك الذين كانوا متخوفين من انهيار الدولة والمجتمع وكان في ذات الحين مخيبا لامال الطامعين في أن يجعلوا منه “طرطورا” جديدا، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، اعتبرت (الصباح) في مقالها الافتتاحي، أن ما يعمق استثنائية المشهد التونسي هو وصول رئيس جمهورية غير نمطي لقصر قرطاج فهو من خارج الانظمة التقليدية الحزبية ومن خارج ماكيناتها الانتخابية وهو ذلك القادم من بعيد من أوساط جامعية أكاديمية قانونية وشعبية الذي حافظ على امتداد سنوات الانتقال الديمقراطي على صورة الرجل الصادق المستقيم المتعفف عن أدران السياسية المنحاز لشعارات شباب الثورة “شغل .. حرية .. كرامة وطنية”.
وأشارت الى أن هذا الزخم كان حاضرا بقوة في كلمات رئيس الجمهورية الجديد الذي قدم نفسه حاملا “لامانات” يعلم مسبقا ثقلها وتعقيداتها لكنه أكد أن لا مجال للعودة للوراء وأنه حان الوقت لاعادة النظر في العلاقة بين الحاكم والمحكومين على قاعدة مجتمع ودولة القانون من خلال احترام الحريات والدفاع عن الشرعية وتطبيق القانون على الجميع ومحاربة الفساد مع ضمان حياد المؤسسات واعلاء المصالح العليا للوطن معتبرة أن قيس سعيد قد نجح في أول محطة عبر خطاب “الوفاء والطمأنة” لكن الطريق مازالت طويلة وربما يدرك رئيس الجمهورية الجديد أكثر من غيره أن محك السلطة لن يكون يسيرا وأن ترجمة خطاب السقف العالي على رأض الواقع في سياقات ومناخات متقلبة ليست بالمهمة الهينة لا سيما وأن أمانة التفويض الشعبي الكبير تضع ساكن قرطاج الجديد تحت أضواء وانتظارات أنصاره قبل “أعدائه”.
وبينت أن قيس سعيد سيكون بمجرد دخوله لقصر قرطاج أمام اختيار حسن اختيار مستشاريه ومحيطه القريب ومدى القطع مع ممارسات ما قبل الثورة وما بعدها في أروقة القصر وكواليسه قبل أن يمر الرئيس الجديد الى المهمة الاصعب في التوفيق بين تعامله مع الاحزاب ومناوراتها وحساباتها من جهة وبين عدم التنازل عن ثوابته والامانات التي تعهد بها في خطاب السقف العالي.
كما تطرقت جريدة (الشروق) في ورقة خاصة، الى خطاب أداء اليمين الدستوري لرئيس الجمهورية المنتخب، قيس سعيد، الذي مثل حدثا وطنيا ودوليا حيث قدم صورة أكثر وضوحا عن الرئيس وافكاره بعيدا عن الجو الانتخابي مشيرة الى ان تونس قدمت يوم امس صورة تضاف الى الصور المشرقة التي نحتتها تونس على درب ارساء نظامها الديمقراطي وكانت محطة لترسيخ التداول السلمي على السلطة في كنف التحضر والرقي ولاتقل اهمية عن ما يحصل في أعرق الديمقراطيات في العالم.
وأضافت أن أبرز ما ميز جلسة أداء اليمين تلك الصورة التي جمعت مفتي الجمهورية بممثلين عن الديانة المسيحية ورئيس الاساقفة بتونس والديانة اليهودية كبير الاحبار بتونس وهي أول مرة يجتمع فيها ممثلون عن الديانات الثلاث في جلسة أداء اليمين الدستورية وكانت بتعلميات من الرئيس المنتخب الذي حرص على حضورهم للجلسة.
وأشارت الى أن أبرز النقاط التي ميزت خطاب قيس سعيد أولا المنهجية التي اعتمدها لخطابه حيث انطلق من الظرفية الفكرية والثقافية التي أتت به الى ذلك المنصب والتي سماها بالثورة باعتماد الوسائل الشرعية من أجل الكرامة والحرية ثم تطرق الى ملف مقاومة الارهاب والجريمة والفساد وبعدها مسالة الفقر اضافة الى التاكيد على حماية القانون ومنع أي عمل خارج القانون.
كما أوضحت أن ما غاب عن خطاب الرئيس أيضا هو أهم صلاحياته وهي قد تساهم الى حد كبير في الخروج من الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وهي الديبلوماسية الاقتصادية التي تجاهلها تماما واكتفى بالتعهد بعدم المس بالاتفاقيات السابقة في حين أن المطلوب هو تسخير الديبلوماسية الاقتصادية لمعاضدة الجهود الوطنية للخروج من الازمة واعتبرت، أن الخطاب في مجمله ارتكز على عموميات ولم يقدم مبادرات فعلية في أي من القطاعات التي تهم صلاحيات رئيس الجمهورية الداخلية والخارجية كما انه لم يتعمق في تحديد مقترحات عملية للازمة الاقتصادية التي تعد الهم الاول للمواطن التونسي اليوم.
وأوضحت جريدة (الصحافة) في افتتاحية عددها اليوم، أن رئيس الجمهورية قيس سعيد تحدث عن حالة وعي عند الشعب التونسي وعن المبادرة التي انطلقت شرراتها من الشعب عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالتبرع بيوم عمل طيلة خمس سنوات وقد استحسنها ونوه بها ولم يقل انها اجبارية ولاقانونية ولكن ان تطرح هذه المسالة في خطاب رسمي فيمكن ان تقرا سياسيا.
وأضافت انه على الدولة ان تستعيد اموالها الضريبية المنهوبة وان تستعيد الاقتصاد الوطني من اللوبيات وعصابات الموازي وان تجبر رجال الاعمال على دفع ضرائب على ثرواتهم المنتفخة وان تضرب بيد من حديد على اباطرة التهريب قبل ان يتبرع الشعب بيوم عمل ، مشيرة الى انه من ثمة يمكن الحديث عن الاقتطاع او التبرع من الاجور الزهيدة ومن الطبقة الكادحة التي انتخبت الرئيس.
واكدت في سياق متصل، أنه بعيدا عن الدعوات التي مآلها الاحتراب الداخلي ثمة اجماع اليوم على أنه من الضروري أن تتخذ الدولة اجراءات غير شعبية لمواجهة الازمة الخانقة التي تعيشها البلاد، متسائلة هل سيقبل العمال وصغار الموظفين بهذه التضحيات وهم الذين سيكونون كالعادة اول المتضررين من هذه الاجراءات؟.
وبينت ان الرئيس المنتخب لم يطالب بالتبرع وانما ثمن مبادرات الشباب ولا يمكن الحكم على النوايا خاصة في اول يوم له كرئيس للدولة ، مضيفة ان الايام ستكشف مدى صدق الرجل في محاسبة اللصوص والمتهربين والفاسدين وفي الالتزام بما يريده الشعب.