“التجربة الديمقراطية أمام اختبارات قاسية” و”النواب والاتعاظ بالاخطاء السابقين” و”ملف عودة المورطين في التطرف العنيف … من الصدمة الى ادارة الازمة” و”باستثناء التيار والنهضة لا أحد يرغب فيها هل الداخلية في وضع مريح حتى يتغافل عنها الجميع؟”، مثلت أبرز عناوين الصحف التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
أثارت جريدة (الصباح) في مقالها الافتتاحي، استفهاما جوهريا حول مدى امكانية القول بأن فوز حركة النهضة برئاسة البرلمان وتوليها تكوين الحكومة واختيار رئيسها سيحسم الجدل حول مدى أهلية الحركة لقيادة دفة البلاد للخماسية القادمة وسينهي الشكوك حول مقدرة هذا الحزب الاسلامي على تجميع الصفوف وفتح صفحة جديدة بالبلاد معتبرة أن السؤال يبقى مشروعا فقط لوجود أطراف سياسية فاعلة ولها قواعد شعبية تنكر على النهضة الحق في تكوين الحكومة وانما أيضا بسبب عدد الاصوات التي فازت بها في الانتخابات البرلمانية رغم أن الحزب كان الاول في هذه الانتخابات لكن بنسبة أصوات ليست كافية لتجعل الحركة تجري عملية التفاوض في ظروف أفضل وبأقل ضغط وتجعلها في مأمن من المفاجآت غير السارة.
وأشارت الى أن فوز حزب حركة النهضة في الانتخابات التشريعية ب52 مقعدا فقط وان كان قانونيا يمكنها من قيادة المفاوضات من أجل تكوين الحكومة وعقد تحالفات نجحت من خلالها في فرض مرشحها رئيسا للبرلمان قان فوزها بأغلبية نسبية (ضعيفة حتى مقارنة بما حققته في الانتخابات 2011 و2014) لا يجعلها تتمتع بشرعية قوية أمام الناخبين وأمام بقية الاطراف السياسية وهو ما يجعل فرضية نجاحها في توفير حزام سياسي هام للحكومة، فرضية ممكنة.
وعبرت، في هذا الخصوص، عن أملها في أن يقدم قادة البلاد الجدد ما يجعل الملاحظين يراجعون أحكامهم ويقللون من حجم التشاؤم اذ أن هم التونسيين في هذه البلاد أن يقع تجنيبهم مزيدا من مضيعة الوقت في المسائل التي يفترض أنها حسمت منذ زمن والا نكون أمام مواقف وقرارات تزيد في التوتر الاجتماعي وتزيد الوضع العام تعقيدا وان يقع تجنيب المواطنين الحل الصعب الذي عادة ما تلتجئ اليه الشعوب كلما وجدت نفسها في مرحلة تجعلها أمام خيار وحيد وهو أن تأخذ مصيرها بين يديها وان تحل المسائل بنفسها.
وتطرقت (المغرب) من جهتها، الى موضوع عودة المورطين في التطرف العنيف بين الحين والاخر حيث ترتفع أصوات تتوعد وتدين وتشتم وتنظم مبادرات للضغط على الحكومة ثم سرعان ما تطوى الصفحة لنهتم بعسر تشكيل الحكومة ونتكهن بمختلف المسارات الممكنة وكأنه لا مجال للتعامل مع هذا الموضوع بكل جدية ولا مفر من اعتماد خطة “الهجوم الدفاعي”، وكأن التعامل مع هذا الملف لا يكون الا من زاوية انفعالية وكتب علينا أن لا نفتح باب النقاش حول موضوع تسعى كل الدول الى مواجهته بكل مسؤولية.
وذكرت بأن العودة قد حدثت بالفعل وهذا أمر لا مرية فيه اذ نجد في السجون التونسية عددا من الذين حوكموا بعد ادانتهم، وترد في بعض الدراسات الغربية شهادات لتونسيين وتونسيات تسللوا الى البلاد قبل سقوط دولة الخلافة، وهو يعيشون بيننا يتفاعلون مع الدارسين الغربيين بأريحية ويرفضون الادلاء بأي تصريح للباحثين التونسيين لاسباب يطول شرحها ومعنى هذا النقاش هو حول عودة صنف من التونسيين يقبعون في السجون والمخيمات وما عاد أمامهم من خيار سوى العودة عبر القنوات الرسمية بعد أن أضحى الفرار مستحيلا مشيرة الى أن العودة المنظمة أفضل بكثير من التسلل الى ربوع البلاد والتغلغل في النسيج المجتمعي ذلك أن مواجهة الملف حتى وان كانت أمنية تبقى الاجراء الافضل في ظل غياب الامكانيات المادية التي تسمح بانشاء الاماكن المخصصة للتأهيل واعادة الدمج لفئة يعسر ادانتها لغياب الحجج.
واعتبرت أنه علينا أن نصرح بأنه ليس أمام تونس خيار فهي مثلها مثل عدد كبير من البلدان مطالبة باعادة مواطنيها ذلك أن المسؤولية تلقى على عاتق الدول ولا يمكن أن تتكبد العراق وسوريا وليبيا مصاريف ايواء هؤلاء سواء ان كانوا “مقاتلين سابقين” (وهي التسمية الجديدة لمن ذهبوا الى بلدان النزاع بدعوى الجهاد) أو داعمين لدولة الخلافة أو ضحاياها كالمراهقين الذين اختطفوا، وفق ما ورد بالصحيفة.
وأفادت جريدة (الشروق) في افتتاحيتها اليوم، أن أمام النواب الجدد خمس سنوات متتالية ستكون مليئة بالامتحانات ليثبتوا من خلالها عند أداء مهامهم على الصعيدين الوطني والجهوي أنهم في مستوى الثقة التي منحها اياهم ناخبوهم ولن يتسنى لهم ذلك الا اذا كانوا في مستوى المسؤولية المنوطة بهم واتعضوا من أخطاء الماضي التي وقع فيها أسلافهم من نواب التأسيسي ومجلس 2014 والتي أبعدتهم كل البعد عن العمل النيابي الحقيقي وحولتهم الى لاهثين وراء مصالحهم الخاصة والحزبية.
وأضافت أن هذه المسؤولية لن تتكرس على أرض الواقع الا اذا ابتعد النائب أقصى ما يمكن عن ظاهرة الغيابات التي طالما شوهت عمل المجلس معه الاصلاحات المطلوبة وحولته الى مصدر تذمر واحتقان لدى المواطنين، متسائلة كيف يسمح نائب لنفسه بالغياب عن عمله صلب لجان المجلس أو عن الجلسات العامة أو بالامتناع عن زيارة الجهة التي انتخبته وهو الذي انتخبه الشعب وخصصت له الدولة أجرا مقابل عمله النيابي يفوق أجر أغلب اطارات الادارة.
وأوضحت أن النائب لن يكون في مستوى هذه المسؤولية الا اذا ابتعد أيضا عن جريمة “السياحة الحزبية” التي ارتكبها عديد النواب السابقين وشوهوا بها مبدا “الديمقراطية التمثيلية” وأخلوا من خلالها بأخلاقايت العمل النيابي الحقيقي مشيرة الى أن النواب الجدد لن يحظو باحترام الشعب وباحترام ناخبيهم الا اذا ما ابتعدوا عن “الشطحات” التي ارتكبها بعض سابقيهم تحت قبة المجلس في محاولة لاستعراض البطولات الكلامية والقدرات “التهريجية” وبحثا عن الشهرة و”النجومية السياسية” أمام كاميرا التلفزة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبينت، في سياق متصل، أن النائب الحقيقي هوالذي تكون خطاباته في الجلسات العامة رصينة هادئة تقدم الحلول وتحمل بين طياتها نقدا بناءا ويكون لها خاصة انعكاس على أرض الواقع عبر العمل والاجتهاد واقتراح الحلول والتقدم بالمبادرات والاجتهاد داخل اللجان البرلمانية حيث يكون العمل البرلماني الحقيقي وليس في الجلسات العامة.
كما أكدت أن تجربة السنوات الاخيرة كشفت أن العمل البرلماني أصبح في حاجة ماسة الى مزيد القوانين والتشريعات التي تطوره وتحميه من كل التشويهات على غرار قانون يمنع “السياحة الحزبية” وآخر ينظم ظاهرة الغيابات ويردعها بصرامة الى جانب ميثاق يوقعه كل النواب ويلزمهم بخطاب رصين وعقلاني ومسؤول داخل الجلسات العامة وفي المنابر الاعلامية وبمزيد الاجتهاد داخل اللجان.
واعتبرت جريدة (الصحافة) في مقال بركنها السياسي، أن ما يدور في كواليس المشاورات السياسية حول اقتسام الحقائب يغفل أحيانا عن أهم وزارة في البلاد ومكمن الاسرار وسلطة الحكم الحقيقية سابقا على الاقل، وهي وزارة الداخلية التي لا تبدو في وضع مريح اطلاقا خاصة وأنها أصبحت عاجزة تقريبا عن فتح الملفات الكبرى ومتابعة القضايا التي تهم أمن البلاد.
وأضافت أن وزارة الداخلية مازالت الى يومنا هذا في يد يوسف الشاهد وهو الوحيد الذي يتحكم فيها بالاوامر والقرارات طبعا باعتبار الوزير المقرب منه والذي جاء به هو الى رأس السلطة في الوزارة وتحدى في ذلك المرحوم، الباجي قايد السبسي، مشيرة الى أنه لا أحد يستطيع عمليا أن يحكم الان على وزارة الداخلية في توجهها العام اذ يمكن توصيفها سياسيا بالوزارة التي لا لون ولا طعم ولا رائحة لها منذ أن قدم على رأسها السيد، هشام الفوراتي، الذي يتجنب الظهور في وسائل الاعلام.
كما بينت أن هذه الوزارة تثبت في كل مرة أنها مازالت محكومة بعقلية “التغطية على كل شىء” وخاصة في ما يتعلق بالسلطة أو بالناس الاقوياء في السلطة ولا أدل على ذلك من فضيحة الملفات التي حجزها أحد قضاة التحقيق في ما سمي بالغرفة السوداء رغما عن وزير الداخلية وكل المسؤولين في الوزارة الذين نفوا وجودها نفيا قاطعا أمام أعضاء بالبرلمان وفي كل وسائل الاعلام.
وأوضحت الصحيفة، من جهة أخرى، أن وزارة الداخلية تبدو غير ذات أهمية لكثير من الاحزاب باستثناء النهضة التي رضيت أن تخسر حليفها التيار الديمقراطي بما كان يمكن أن يشكله من رافد لها ومن جنسها السياسي في سبيل أن لا تفرط في وزارة تعرف جيدا أهميتها وخاصة أهمية الاسرار التي تحتوي عليها اضافة الى، محمد عبو، الذي وضعها منذ اليوم الاول لظهور نتائج التشريعات على أعلى سلم اشتراطاته في التفاوض مع حركة النهضة على الحكم، حسب ما جاء بالصحيفة.