“الحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف .. صديق النهضة هل يكون قادرا على التحرر منها؟” و”خطاب مطمئن” و”أيهما سيختار الحبيب الجملي … حكومة محاصصة أم حكومة عمل واصلاح؟” و”حتى لا يكون رئيس الحكومة وزيرا أول لدى النهضة”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الثلاثاء.
أثارت جريدة (المغرب) في مقال بصفحتها الرابعة، استفهاما جوهريا حول مدى قدرة رئيس الحكومة المكلف، الحبيب الجملي، صديق النهضة، على التحرر منها مشيرة الى أن، الجملي، ومنذ الاعلان عن تكليفه رسميا بتشكيل الحكومة القادمة من قبل رئيس الجمهورية انطلق في تقديم تصوره وخياراته الاساسية في عمومياتها وهمه أن يبين المسافة بينه وبين حركة النهضة التي اختارته لهذه الخطة التي يحاول ان يقدم تصوره لها ولكيفية القيام بها.
وبينت أن الرجل كان حريصا في كل حواراته على أن يبرز ثلاث نقاط أساسية، أنه مستقل وعلى مسافة من النهضة كنقطة مركزية لابراز النقطتين المتبقتين وهي أنه سيشكل فريقه الحكومي بهامش من الحرية وسيتصل بكل الاحزاب والقوى السياسية ليعرض عليها المشاركة في حكومته وثانيها أن حكومته ستكون منضبطة لبرنامج سيقع على ضوئه اختيار الوزراء أو رفض الاسماء المقترحة عليه مبرزة أن ما لا يشرحه الجملي بالاساس هو الى أي مدى تصل الاستقلالية وحرية الاختيار التي اشترطتها على رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، لدى الاتصال به لاقتراح تحميله مسؤولية رئاسة الحكومة حيث يبدو أن الرجل ورغم رسم مسافة عن النهضة لا زال مرتبطا بها.
وأشارت الى أن هذا الارتباط عكسته تصريحات رئيس حركة النهضة التي رسمت مجال تحرك الجملي وحدوده فالنهضة ترغب في أن تكون الوزارات السيادية محايدة وهذا يعني ضمنيا اقصاء التيار الديمقراطي الذي اشترط وزارتين من أصل أربعة ليقبل بالمشاركة في الحكم، ثانيها أن لا يقع تكليف أي شخصية قيادية من قلب تونس بحقيبة وزارية مبينة أن هذه الموانع أو المحظورات التي عبر عنها كاقتراحات أرادت النهضة أن ترسلها في العلن لتحديد أركان اللعبة وقواعدها فهي وان كلفت “صديقا” لها فانها لن تسمح له بالابتعاد عن سيطرتها أو تأثيرها بتعلة الاستقلالية التي قال الجملي انه متمسك بها بل وانه لا يصطف الا خلف مصلحة تونس واذا تعارضت المصلحة العامة مع مصلحة النهضة فانه سينتصر للوطن، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، اعتبرت (الصحافة) أن خطاب رئيس الحكومة المكلف، الحبيب الجملي، يبدو مطمئنا نوعا من خلال تعهد ببلورة برنامج للحكومة الجديدة والبحث عن حلول لمشاكل التعليم والنقل ولكل الاشكاليات المطروحة واعتباره أن المواطن التونسي لم يعد مطمئنا على نفسه وعلى مستقبله وعلى أملاكه وأنه يشعر بفقدان الثقة في الاحزاب بلا استثناء وكذلك تعهده بتشكيل حكومة سيتم اختيار تركيبتها استنادا الى النزاهة والكفاءة وتأكيده على استقلالية السياسة التي قال انه يتمسك بها وعلى أنه لم ينتم سابقا الى حزب وأنه لن يكون خاضعا لحركة النهضة في كل ما يتعارض مع مصلحة البلاد.
وأكدت على ضرورة أن تكون تركيبة الحكومة القادمة ورئيسها فوق كل الصراعات والتجاذبات والمحاصصة الحزبية لان نجاح النهج الحكومي الجديد يمثل الفرصة الاخيرة لانقاذ مسار الثورة ويجب أن يصب فقط لصالح الشعب التونسي الذي صبر بما فيه الكفاية مشيرة الى أننا سنكون خلال الاسبوع أو الاسبوعين القادمين على موعد مع كم هائل من الاخبار المتنوعة والمغالطات حيث ستشهد بلادنا خلال الايام القليلة القادمة اختيار الفريق الحكومي القادم أي الوزارء الجدد وسيكون الشعب التونسي أمام مرحلة جديدة بعيدة عن مرحلة رفع الشعارات وكثرة الوعود التي يقع اعتمادها فقط حين يتسم المناخ السياسي بالتوتر وتفاقم التحديات السياسية.
وبينت أن المرحلة القادمة ستكون دون أدنى شك مرحلة الايفاء بالعهود التي قطعتها الاحزاب الفائزة على الشعب وكذلك ايفاء رئيس الحكومة المكلف بتعهداته في محاولة لاعادة الثقة في الطبقة السياسية التي كثيرا ما وعدت وتعهدت وكانت سباقة في نقض هذه الوعود ضاربة عرض الحائط ارادة الشعب والناخبين.
وأفادت جريدة (الصباح) في افتتاحيتها الصادرة اليوم، “أنه بالرغم من أن الجملي قدم نفسه على انه “تكنوقراط” غير منتم لاي حزب لا حاضرا ولا ماضيا وبالرغم من أن البعض من كوادر النهضة ساروا في نفس المنهج وقدموا رئيس الحكومة المكلف على أنه مستقل، فان موقع النهضة نفسه ووثائقها وبياناتها السابقة خاصة تلك المتعلقة بتشكيل حكومة الجبالي والعريض أشارت الى غير ذلك وأكدت انتماء الجملى الى الحركة”.
وأوضحت “ان انتماء الجملي السياسي لايمثل أي مشكل أو حرج فالنهضة باعتبارها الحزب الفائز من حقها تقديم أحد أعضائها ليتولى خطة رئيس الحكومة وهو ما طالبه بها جل السياسيين وحتى عامة الشعب الذي طالب النهضة بأن تحكم بصفة مباشرة ولا تختفي وراء رئيس حكومة من غير كوادرها تمسح فيه الفشل ان حصل وتتبنى النجاح ان تحقق”.
وأضافت في، سياق متصل، “أن الضبابية التي رافقت شخصية الحبيب الجملي جعلت الشك والريبة تنتاب الجميع خاصة وأن هذه الشخصية وسيرتها الذاتية لا ترتقي حسب السياسيين ومسؤولي المنظمات الوطنية والاقتصاديين الى متطلبات المرحلة والى ما تحتاجه البلاد والى الملفات العاجلة المفتوحة اليوم وخاصة منها المتعلقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يزداد تدهورا سنة بعد أخرى منذ سنة 2011 وخصوصا على مستوى البطالة والتضخم وتزايد المديونية وغياب التنمية والاستثمارات”.
وبينت أن “الخوف كل الخوف أن يتحول رئيس الحكومة التونسية الى وزير أول لدى حركة النهضة التي شرفته بهذا التكليف عبر مجلس الشورى الذي يعتبر أعلى سلطة داخلها …فالكل يعرف أن دستور 2014 أعطى لرئيس الحكومة صلاحيات واسعة في السلطة التنفيذية ومنحه سلطة تسيير البلاد ليخرجه من سلبية منصب الوزير الاول الخاضع لرئيس الجمهورية … والخوف اليوم أن تعيد النهضة مرشحها الى بوتقة الوزارة الاولى وتسلبه صلاحياته وتجعله خاضعا لها ولسياساتها وخططها وأهدافها وبرامجها وبالتالي تسيرالبلاد عبر مرشحها “.
واعتبرت جريدة (الشروق) في مقال بصفحتها الرابعة، أن الحكومة التي تم تكليف الحبيب الجملي بتشكيلها وبرنامج عملها تشكل أهم الملفات المطروحة على الساحة السياسية خاصة في ظل ارتفاع نسق التساؤل حول الاليات التي سيعتمدها الجملي في ضبط ملامح حكومته ان كان سيواصل في منطق “الارضاءات” الذي ميز توزيع المناصب في أغلب الحكومات السابقة أو سيغير منطق الاختيار الى المراهنة على “الكفاءات” ويجعل من الحكومة الجديدة حكومة عمل واصلاحات.
وأضافت أن معطيات عديدة قد تكبل، الحبيب الجملي، وتجعله يرتهن الى ما تفرضه الاحزاب خاصة وأن الحزام السياسي الذي شكلته حركة النهضة لدعم مرشحها لمنصب رئيس البرلمان كان ضعيفا حيث لم يتحصل الغنوشي سوى على 123 صوتا فقط وهو ما يدفع في سياق ضرورة توسيع هذا الحزام والبحث عن حلفاء جدد ،مبينة أن الجملي انطلق في سلسلة من المشاورات التي ستجمع المنظمات الوطنية والاحزاب وسيسعى من خلالها الى ضمان أكبر قدر ممكن من السند السياسي للتشكيلة الحكومية التي سيقدمها في جلسة منح الثقة.
كما أشارت الى أن الجملي يسعى خارج سياق “ترويكا” حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة الى ضمان أصوات نواب حزب التيار الديمقراطي وهو ما يجعله في مواجهة طلب هذا الحزب المتمثل في تمكينه من ثلاث وزارات وهي وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الاصلاح الاداري وهو ما يجعل الجملي أمام خيارين اما الموافقة على شرط التيار وبالتالي يخضع الى منطق المحاصصة الحزبية أو رفض شرطه وخسارة أصوات نوابه.