“قرابة ثلثي التونسيين (أكثر من 67 بالمائة) غير راضين عن أداء المجالس البلدية المنبثقة عن انتخابات ماي 2018″، وفق استطلاع رأي أنجز بالشراكة بين “مؤسسة سيغما كوساي” و”مؤسسة كونراد اديناور شتيفتونغ” الألمانية، وأعلن مساء الخميس عن نتائجه، المدير العام ل”سيغما كونساي”، حسن الزرقوني، في إطار أعمال ندوة حوارية لمؤسسة كونراد اديناوير، انتظمت بنابل تحت عنوان “المجالس البلدية بين العطالة ومتطلبات الاستقلالية”.
وأفاد الزرقوني، في تصريح ل”وات”، بأن سبر الآراء، الذي أنجز على عينة تمثيلية متكونة من 1060 مواطنا تونسيا من سن 18 عاما فما فوق، بين أن أكثر من 50 بالمائة من المستجوبين يعتبرون أن البلديات لا تقوم بواجبها في مجالات النظافة والعناية بالبيئة ومقاومة الناموس والكلاب السائبة.
وأوضح أن الاستطلاع أكد بالأرقام حقيقة الإشكاليات التي تعاني منها البلديات، التي تشعر، على حد قوله، “بأن الدولة، التي تمثل السلطة المركزية، ليست صادقة بالحد الكافي في تمكينها من آليات الاضطلاع بدور السلطة المحلية الفعلية، إذ لا تخصص لها الموارد الكافية، والتي لا تتجاوز 4 بالمائة من ميزانية الدولة، زد على ذلك، أن الشرطة البلدية ما تزال تحت إشراف وزارة الداخلية”.
وأشار إلى أن 24 رئيس بلدية قدموا استقالاتهم منذ انتخابات 2018، بالإضافة إلى أن 78 بلدية هي في حالة عطالة ولا تعمل بسبب خلافات داخلية، وهو ما يؤكد أن حالة عدم الرضا لم تقتصر على المواطن، بل إنها شملت كذلك الأعضاء والرؤساء الفائزين في الانتخابات البلدية.
من ناحيته، أفاد يانوش ليبوفسكي، ممثل مؤسسة كونراد اديناور، بأن هذه الندوة الحوارية، التي تنجز في إطار سلسلة لقاءات، ومن خلال فضاءات نقاش وحوار تهدف إلى دعم مقومات نجاح مسار الانتقال الديمقراطي، قد تركزت على تطارح الإشكاليات التي يمكن أن تعطل الأداء البلدي، الذي يتنزل في محور الديمقراطية المحلية.
ومثلت نتائج سبر الآراء منطلقا للندوة الحوارية التي حضرها بالخصوص، الرئيس المستقيل من بلدية المرسى، سليم المحرزي، ورئيسة بلدية دارشعبان الفهري، سعيدة الصيد، ورضا المنقعي، الرئيس السابق لبلدية الحمامات، والذين أكدوا بالخصوص في تدخلاتهم على ضرورة تعميق الوعي بالإشكاليات التي تعترض المجالس البلدية المنتخبة التي تعاني اليوم من صعوبات في التوفيق بين تلبية تطلعات المواطنين والإمكانيات المتاحة للتصرف في مواردها، بسبب مركزية أخذ القرار، وبسبب عدم إصدار الأوامر الترتيبية لمجلة الجماعات المحلية.
وشدد المتدخلون في أعمال الندوة على ضرورة أن تعمل مجالس البلديات على تجاوز إشكالية غياب التناغم بين أعضاء المجلس، والتي تمثل أحد أبرز العوائق أمام تحسين أداء البلديات، خاصة وأن فقدان التناغم ينعكس سلبا على أداء الإدارة البلدية، وبالتالي يحول دون إحداث تغيير إيجابي في حياة المواطن.
وأكدوا أن نجاح المجالس البلدية في مهمتها مرتبط بقدرتها على التعويل على نفسها، وتمتعها بالاستقلالية، حتى تكون سلطة محلية حقيقية قادرة على التصدي لأية ضغوط، جهوية كانت أو مركزية.
ودعا مشاركون في أعمال الندوة إلى تجميع رؤساء البلديات في هيكل يكون قادرا على إبلاغ اصواتهم، ويمكنهم من أن يشكلوا قوة ضغط، مع التسريع في المصادقة على قوانين جديدة تترجم ما جاء في الدستور في باب السلطة المحلية، بما يتيح لأعضاء المجالس البلدية القيام بدورهم الذي انتخبوا من أجله.