تتواصل مشاورات رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، بخصوص تشكيل الحكومة المقبلة، فيما لم يتبق من المهلة الدستورية الأولى المحددة بشهر واحد سوى 11 يوما (تنتهي يوم 14 ديسمبر الجاري). ويبدو أن العثرات التي تعترض طريق تشكيل الحكومة الجديدة مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، ليست بالقليلة، حيث أن مختلف الآراء بشأن التوصل إلى حكومة تنال ثقة 109 نواب فأكثر بالبرلمان، تكشف أن الحكومة لن تحظى بالثقة المطلوبة أو على الأقل بالثقة الواسعة من مختلف التوجهات السياسية الممثلة بجلس نواب الشعب.
فرغم تعدد لقاءاتهما مع الجملي، الا أن حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب وكتلتهما النيابية الموحدة (الكتلة الديمقراطية تضم 41 نائبا) لم يغيرا موقفهما بشأن المشاركة في الحكومة المرتقبة، حيث أكد النائب بهذه الكتلة زهير المغزاوي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء اليوم الثلاثاء، أن الكتلة رفضت التعويم والحديث في العموميات دون الدخول في صلب الموضوع، والتأكيد على استقلالية المؤسسات الكبرى على غرار البنك المركزي والسلطة القضائية واستقلال القرار الوطني.
وجدد تأكيده أن الجملي رفض طلب الكتلة المتمثل في صياغة إعلان سياسي حول توجهات الحكومة، مما يصعّب على الكتلة التفاعل الإيجابي مع هذه الحكومة التي “لا نعرف لونها السياسي وتوجهاتها”، على حد تعبيره.
وأضاف أن الجملي أكد له، خلال لقاء جمعه به أمس الاثنين، أنه سيعرض حكومته على البرلمان الأسبوع القادم، مبينا أن تصويت الكتلة الديمقراطية على الحكومة المقبلة “سيكون على أساس مدى استجابة رئيسها للمقاربات التي قدماناها “.
ولم يختلف موقف النائب مبروك كورشيد (حركة تحيا تونس تضم 14 نائبا) كثيرا عن موقف الكتلة الديمقراطية، حيث لاحظ أن رئيس الحكومة المكلف “صعّب” المسألة على نفسه، وأضاع الكثير من الوقت في التشاور، ولم يحدّد خيارا سياسيا واضحا منذ البداية، كما لم يتطرق إلى صلب الموضوع إلا في مرحلة متأخرة بعد ما كثرت اللاءات من كل جهة، حسب قوله، مما أدى به إلى وضع صعب يتمثل في صعوبة إرضاء المجموعة التي يريد العمل معها، وكذلك صعوبة العودة إلى الذين لا يريد العمل معهم لضمان التّمتن والحصول على الثقة .
وأوضح أن الجملي لم يقدم برنامجا واضحا، ولم يتطرق بعد مع حركة تحيا تونس إلى الحقائب الوزارية، قائلا “مازال يلزمه الكثير من الوقت ليصل إلى هذا الموضوع، والحديث عن عرض حكومته على البرلمان الأسبوع المقبل يبدو غير واقعي”، مشيرا الى أن مسألة منح الثقة لهذه الحكومة مازال قيد الدرس بالحزب .
من جهته، أفاد النائب حاتم المليكي (حزب قلب تونس) بأن حزبه متمسك بتشكيل حكومة كفاءات وطنية، وأن تصويته لفائدة هذه الحكومة مرتبط بمدى الاستجابة لهذا الشرط، مستبعدا أن تكون الحكومة الجديدة جاهزة خلال المدة الدستورية الأولى.
أما النائب سيف الدين مخلوف (ائتلاف الكرامة)، فقد صرح ل (وات)، بأن رئيس الحكومة المكلف لم يقدم “خطّا واضحا لحكومته”، مبينا أن الائتلاف مازال غير معني بالمشاركة في هذه الحكومة، وإذا فكّر في المشاركة فيها فإن نوعية النقاش ستتغيّر، وأن التصويت لصالحها سيتقرر في حينه.
وفي مقابل الآراء السابقة، اعتبر النائب نور الدين البحيري (حركة النهضة)، أن مسار رئيس الحكومة المكلف “جيد”، وأن التوصل إلى تشكيل حكومة قبل المهلة الدستورية الأولى أمر وارد، رغم أنه لم يتحدث مع الحركة بعد في مسألة الحقائب الوزارية، مرجحا أن يتم ذلك خلال الأسبوع الجاري.
كما كشف النائب علي الحفصي (حركة نداء تونس)، أن الجملي سيبدأ المشاورات بخصوص الحقائب الوزارية خلال هذا الأسبوع، وتوقع أنه لن يتجاوز الأجل الدستوري الأول المحدد بشهر واحد فقط، مشيرا إلى أن حزبه لم يتخذ بعد قرارا بالمشاركة في هذه الحكومة من عدمه، قائلا “أغلب الظن سيقع دعمها في البرلمان ومنحها الثقة، حتى لو لم نكن موجودين فيها”، نظرا لأن وضع البلاد صعب ويجب تركيز حكومة في أقرب الآجال.
وأكد النائب حسونة الناصفي (كتلة الإصلاح الوطني)، أن الآجال الدستورية مازالت متاحة أمام رئيس الحكومة المكلف، ولم يقع التطرق معه إلى مسألة الحقائب الوزارية، وأن الأولوية للبرنامج وليس للحقائب الوزارية. وقال بخصوص تشكيل الحكومة قبل يوم 14 ديسمبر الجاري “كل شيء متوقع”، مشيرا إلى أن الكتلة لم تقرر بعد منح الثقة من عدمه للحكومة المقبلة.
يشار إلى أن الحزب الدستوري الحر (متحصل على 17 مقعدا بالبرلمان)، كان قد عبّر في الكثير من المناسبات عن عدم منحه الثقة لحكومة الجملي في البرلمان. كما أن أمين عام حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي، (متحصل على 3 مقاعد بالبرلمان) كان قد صرح عقب لقاء جمعه برئيس الحكومة، بأنه لم يقع مناقشة أي شيء جدي بالنسبة الى الحكومة المقبلة.