” عن الفساد الكبير في الصفقات العمومية” و”أحداث جلمة وارتفاع منسوب العنف فيها … رسالة جدية للسياسيين الجدد” و”صمت الديبلوماسية التونسية ازاء الاتفاقية الامنية الليبية التركية … تحول في السياسية الخارجية التونسية أم رضوخ الى الامر الواقع” و”بسبب الجدل حول المواصفات المطلوبة … تعيين مدير جديد لمعهد الدراسات الاستراتيجية يثير الانتقادات”، مثلت ابرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الاربعاء.
تطرقت جريدة (الصحافة) في افتتاحية عددها اليوم، الى الحادث المأسوي الذي جد نهاية الاسبوع المنقضي وخلف 26 قتيلا وأعاد الجدل حول البنية التحتية في المناطق الداخلية ومدى استجابتها لضوابط السلامة وشروط اسناد الصفقات العمومية لتنفيذ المشاريع خاصة في الطرقات والجسور والرقابة عليها مشيرة الى أن “تفشي الفساد في الصفقات العمومية، حتى بعد الثورة، دفع بعدد من المنظمات والجمعيات التي تعمل في مجال مكافحة الفساد الى التنبيه من حجم التجاوزات المتواصلة في مجال الصفقات العمومية والشراء العمومي بصفة عامة اذ يمثل الشراء العمومي نشاطا رئيسيا في تنفيذ الميزانيات باعتبار أن تسيير المرافق والهياكل العمومية وكذلك تطويرها وتوسيع مجال تدخلها بانجاز المشاريع العمومية يمر عبر اقتناء مواد أو خدمات أو أشغال أو دراسات”.
وأضافت أن “الهيئة العليا للرقابة الادارية والمالية اعتمدت خلال اعداد تقريرها على 6 تقارير سنوية صادرة عن دائرة المحاسبات الى جانب تقريري النشاط السنوي للهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية لسنتي 2015 و2016 وكذلك التقرير العام لنشاط هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية لسنة 2009” مبينة أنه “تبعا لهذه الدراسات تم استخراج الاخطاء الثلاثة الاكثر شيوعا في الصفقات العمومية والمتمثلة أساسا في عدم احكام ضبط الحاجيات وعدم التقيد باجراءات ومقتضيات المنافسة النزيهة وضعف متابعة ومراقبة تنفيذ الصفقات حيث تمثل هذه الاخطاء مجتمعة 41 بالمائة من جملة الاخطاء الواردة بالتقارير المعتمدة كعينة”.
وأبرزت أن “منظومة الصفقات العمومية تحتاج الى مراجعة واصلاح شامل من حيث طلب العروض والتقديم للشراءات العمومية والتنفيذ وحتى بعد التنفيذ لا سيما وأن اختيار الملفات المقدمة من طرف المقاولين أو الشراءات يقوم بها أناس غير مختصين وليس لديهم التكوين الكافي في مجال ابرام الصفقات العمومية”، وفق ما ورد بالصحيفة.
وسلطت، ذات الصحيفة، في مقال بصفحتها الرابعة، الضوء على تواصل عمليات الكر والفر بين المواطنين والامن بمدينة جلمة من ولاية سيدي بوزيد حيث توسعت دائرة الاحتجاج من وسط المدينة لتصل الى الحي الشمالي بعد أن أضرم أحد الشبان يوم الجمعة الماضي، النار في جسده مما أدى الى وفاته وذلك بسبب عدم تسوية وضعيته المهنية في اطار الالية 16.
وأضافت ان هذه الحادثة تعيد الى الاذهان صورا عاشتها المنطقة قبل تسع سنوات عندما اندلعت فيها احتجاجات بسبب اقدام محمد البوعزيزي على حرق نفسه ومنها انطلقت ثورة 14 جانفي 2011 حيث “شهدت جلمة منذ عملية الانتحار تحركا انطلق بعائلة المتضرر وأصدقائه وامتد الى بقية أبناء المنطقة مما استوجب التدخل الامني لتهدئة الاوضاع وهو ما أثار موجة من الاستياء من جراء عنف هذا التدخل والاستعمال المفرط للقوة والغاز المسيل للدموع لتفرقة المحتجين الذين أغلقوا الطرقات وأحرقوا العجلات” مشيرة الى أن “أسباب اقدام الشاب على الانتحار وردود الافعال التي تبعتها ما هي الا الشجرة التي تخفي الغابة ومن بين ما تخفيه اشكالية التشغيل الهش بسبب الاليات التشغيلية الهشة التي وضعت فقط لامتصاص الاحتقان اذ أن هذه الحلول الترقيعية في اخر المطاف أثبتت عدم نجاعتها وأصبحت سببا في اندلاع الاحتجاجات عوض تهدئتها الى جانب أن هذه الاحداث تخفي أيضا الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية للمجتمع التونسي والوعود الانتخابية الكاذبة التي يطلقها السياسيون جزافا مع كل انتخابات وتذهب هباء منثورا حالما يصلون الى الحكم”.
واعتبرت أنه “على السياسيين الجدد الذين أفرزتهم الانتخابات لتسيير البلاد الوعي بنفاذ طاقة الشعب على التحمل والصبر وهم مطالبون باظهار واتباع ارادة سياسية تقطع مع كل الخيارات التنموية السابقة وتحاول ايجاد سبل للمصالحة مع هذا الشعب من خلال اتباع سياسات تنموية تكرس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ودون ذلك تصبح تونس غير عيدة عن السيناريو اللبناني او العراقي في فقدان الشعب للثقة في الدولة والسياسيين والدخول في قطيعة تامة مع كل الطبقة السياسية”، حسب ما جاء بالصحيفة.
أما صحيفة (الشروق) فقد اهتمت في مقال لها، بالانتقادات التي أثارها تعيين مدير جديد لمعهد الدراسات الاستراتيجية باعتباره “جاء مخالفا للتقاليد التي جرى بها العمل عند التعيين في هذا المنصب وهو أن يقع الاختيار على شخصية أكاديمية مختصة في مجال من المجالات”.
واضافت أن “هذا التعيين أثار تساؤلات حول المواصفات المطلوبة في مدير المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية ان كانت ذات علاقة بالكفاءة العلمية والمهنية في اي مجال من المجالات اوتقتضي تخصصا أكاديميا في مجالات البحث والكتابة وتحصيل الدكتوراه” مبينة أن “هناك انتقادات شككت في كفاءة، المدير الجديد، سامي بن جنات، واعتبرت ان المنصب لا يتماشى والتقليد الذي جرت عليه العادة منذ تأسيس المعهد وهو بالخصوص تعيين شخصية ذات تكوين أكاديمي في مجال البحث وكتابة الدراسات والكتب ويكون عادة حاصلا على شهادة الدكتوراه على غرار من تداولوا سابقا على المنصب مثل زهير المظفر وحاتم بن سالم وطارق الكحلاوي”.
وأشارت الصحيفة الى أن “هناك من يعتبر أن هذا التقليد في تعيين دكاترة على رأس المعهد ليس ضروريا ولا يفرضه القانون المحدث للمعهد ويمكن أن تكون على رأس المعهد كفاءة في مجال آخر” مضيفة “أن بن جنات حاصل على شهادة تخصص في مجال مكافحة الرشوة والفساد من المدرسة الوطنية للادارة بباريس ويحمل شهادة معتمد في مجال التصرف في الميزانية حسب الاهداف وديبلوم احتراف في التدقيق والرقابة”.
واعتبرت “أن ما يمكن قوله هو أن مواصفات مدير المعهد قد لا تهم كثيرا بل الاهم هو طبيعة عمل المعهد والجهود المطلوبة منه في سبيل انارة سبيل الدولة والحكومة حول الخيارات الضرورية للنهوض بعديد القطاعات والمجالات على غرار ما نراه في المؤسسات المماثلة بالدول المتقدمة”.
من جهتها أفادت جريدة (الصباح) في مقال بركنها السياسي، أن “الديبلوماسية التونسية يبدو أنها اختارت سياسية الصمت والرضوخ للامر الواقع والانزواء ازاء عديد القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهمية الاستراتيجية والامنية للبلاد” مضيفة أنه “بعد أسبوع على الاتفاقية الامنية العسكرية التركية بكل ما تحتمله من قراءات وما تثيره من هواجس وحسابات وتنافس معلوم في المنطقة حافظ الموقف التونسي على صمته المريب في غياب وزير للخارجية بعد أكثر من شهر على الاقالة المتعجلة للوزير، خميس الجهيناوي، والاتهامات التي لاحقته”.
وأشارت الى أن “الاتفاق التركي الليبي أثار أكثر من نقطة استفهام في عديد الاوساط السياسية والديبلوماسية حيث اعتبر السفير، احمد ونيس، في تصريح للصحيفة ان للاتفاق تداعياته وحساباته وهي كثيرة ومتداخلة وأبعد من ليبيا وتونس” مضيفة أن “تونس مغيبة اليوم عن احداث اقليمية ودولية كان للديبلوماسية التونسية فيها صوتها وموقفها”.
كما شدد على أن “غياب تونس عن قمة المناخ استخفاف بمصالح البلاد وتجاهل للمشاريع التي يمولها صندوق تمويل جنوب المتوسط” ، مشيرا الى ان “حركة النهضة الفائز الاول في الانتخابات التشريعية استفادت من هذا المشهد وهي تسعى اليوم لتجعل من باردو مركز العمل السياسي في الوطن التونسي”، وفق ذات الصحيفة.
واعتبر، أحمد ونيس، حسب ذات المصدر، أن “الديبلوماسية التونسية في موقف صعب وهي تنتظر استعادة مصداقيتها وشرعيتها وظهور رجالات تونس لملء الفراغ وقيادة الديبلوماسية التونسية”.