“في مجلس الشعب بين النهضة والدستوري … التعايش المستحيل؟” و”دق ناقوس الخطر” و”ثلاثة أسابيع بعد تكليفه بتشكيل الحكومة … هل بدأت السحب تدلهم أمام الحبيب الجملي؟” و”ما بين النهضة ويوسف الشاهد … التغاضي عن التعيينات لمرور الحكومة” و”مع تواصل الاحتقان في البرلمان .. قانون المالية في خطر”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
أشارت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الثالثة، الى أن “المشهد البرلماني ببلادنا يتميز منذ الانطلاق بكل ما ينبئ بعدم استقراره واضطرابه وأبعد ما يكون عن ضمان استقرار البلاد عموما وهو المكلف بالمسألة التشريعية وسن القوانين عموما التي على ضوئها تسير البلاد وهو المسؤول أيضا عن ارساء المصادقة أو منح الثقة للحكومة التي تقودها” مضيفة أن “البرلمان تنتظره خلال الخمس سنوات المقبلة الكثير من المهام أولها المصادقة على ميزانية الدولة للسنة القادمة وبقية السنوات المتبقية من عهدته والمصادقة على ارساء المحكمة الدستورية ومختلف الهيئات الدستورية”.
وبينت أن “السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو حول مدى وعي النواب بأهمية دورهم والمهام الموكولة اليهم حيث أنه حسب ما شهدنا منذ الجلسة الافتتاحية للمدة النيابية الجديدة والى حدود الجلسة العامة للنظر في مشروع قانون المالية التكميلي التي انعقدت يوم الثلاثاء الفارط وما تبعه من تصعيد يؤكد أن البرلمان لن يخرج عن دائرة الاجواء المشحونة والمناكفات بين نواب مختلف الكتل البرلمانية” مبرزة أن “الجلسة العامة المذكورة شهدت تلاسنا وتبادلا للشتائم انطلق اثر مداخلة النائبة عن حركة النهضة، جميلة الكسيكسي، نعتت فيها نواب كتلة الدستوري الحر ب”الكلوشارات” وبأنهم “باندية” وبأنهم كذلك تعودوا على الاستبداد ولم يعرفوا الديمقراطية وبأنهم “بلوة” على البرلمان وهو ما خلق أجواء مشحونة وحالة من التشنج والفوضى لم تقف عند حدود الجلسة وانما تواصلت باعلان نواب الدستوري الحر عن اعتصام داخل قاعة الجلسات العامة الى حين صدور اعتذار رسمي كتابي من رئاسة المجلس”.
وأضافت أن “ما حدث بين نواب كتلة الدستوري الحر وبين نواب كتلة النهضة يبدو أنه لن يتوقف عند هذا الحد وانما هو مقدمة لتصادم سيكون متواصلا بينهما وقد يمتد الى بقية الكتل وذلك لحالة التنافر بينهما سياسيا وايديولوجيا وحتى مصلحيا وهو ما سيؤثر حتما وبصفة مباشرة على نسق أعمال مجلس نواب الشعب وسيزيد في تراجع منسوب الثقة بينه وبين المواطنين”، وفق تقدير الصحيفة.
وأفادت (الصباح) في افتتاحية عددها اليوم، أن “المتأمل في المشهد السياسي في تونس اليوم يصاب بالقلق والحيرة على حاضر ومستقبل البلاد فبعد الانتهاء من الاستحقاقات الانتخابية والاختيار على من سيحكم البلاد طيلة الخمس سنوات القادمة سواء على مستوى رئاسة الجمهورية أو الحكومة أو السلطة التشريعية خلنا أن الصراعات السياسية الهابطة ستتوقف وأن الجميع سيمر الان الى العمل المشترك من أجل مصلحة البلاد وشعبها عبر تحديد أولويات وأهداف سامية يتعهد الجميع بالعمل من أجلها للخروج مما تردت فيه الاوضاع وخاصة منها الاقتصادية والاجتماعية لكن يبدو أن الامور وحسب ما نرى اليوم ونستمع ستسير من سيئ الى أسوا جراء التصابي السياسي وضعف السياسيين وضبابية المشهد والصورة المقدمة الى حد الان”.
وأضافت أنه “على مستوى التوجه الحالي في تشكيل الحكومة فان خطواتها تدعو الى دق ناقوس الخطر ودون الرجوع الى الشخصية المختارة وسيرتها الذاتية وحضورها والطريقة التي اختارتها لاختيار من سيكون في الحكومة وهل هي شخصية المرحلة فعلا فان سير المفاوضات لا يبشر بكل خير ولن ننتظر منه نتيجة مطمئنة أمام لعبة الشد والجذب التي تمارسها اليوم كل الاحزاب والاطراف المتفاوض معها والتي ظل جميعها يتأرجح بين سلطان السلطة وجاذبيتها وبين خيار البقاء في المعارضة، فحتى حركة النهضة الفائزة في الانتخابات فان موقفها ليس بالوضوح الكافي ولم تحدد لنفسها هدفا واضحا فهي ما تزال بين الخروج الى العلن وتحمل المسؤولية في الحكم عبر أغلبية الوزارات وأهمها وبين الاكتفاء ببعض الحقائب ومنح بقية الاحزاب فرصة مشاركتها السلطة وبالتالي مقاسمتها المسؤولية خاصة عند الفشل”.
وبينت أن “بقية الاحزاب دخلت مشاورات قصر الضيافة دون أولويات وأهداف وطنية ورؤية اصلاحية تراعي فيها المصلحة العليا للدولة بل اكتفت بالمطالبة بهذه الوزارة وتلك ومحاولة كسب أقصى ما يمكن مما يظهر لها غنيمة” مضيفة أن “الظاهر أن أياما عصيبة تنتظر التونسيين ستكون عواقبها وخيمة على البلاد واقتصادها وشعبها ما لم يضع الجميع مصلحة تونس فوق كل اعتبار”.
واعتبرت (المغرب) من جهتها، أن “عدم الحسم في مسألة الحزام السياسي يتزامن مع ضبابية الرؤيا في ما يتعلق بالاختيارات الكبرى للحكومة القادمة القاطعة والحاسمة فمازلنا الى اليوم تحت يافطة الشعارات العامة التي رفعتها كل الحكومات من الثورة الى الان .. مقاومة الفقر والفساد وتحسين ظروف عيش المواطن والعدالة الاجتماعية والجبائية” متسائلة عن الاختيارات والقرارات الدقيقة في الاسابيع الاولى للحكم؟ وهل يوجد اتفاق حولها بين مكونات هذا الحزام السياسي المفترض؟ أم أننا سنذهب الى مجلس نواب الشعب بتمنيات حلوة قصد نيل الثقة ثم التصرف اليومي في شؤون البلاد دون الجرأة على فتح أي ملف كبير بحجة تجنب الخلاف وتصدع ائتلاف حاكم لم يتأسس، هذا ان تشكل، على الوضوح اللازم بصفة قبلية؟.
وأضافت أن “عشرة أيام فقط تفصلنا عن نهاية المدة الدستورية للتكليف وقد يضطر الحبيب الجملي الى الاستعمال الجزئي أو الكلي للشهر الثاني والاخير ولكن دون حسم واضح وصريح للحزام السياسي وللبرنامج التفصيلي للاجراءات الكبرى لن تكون أمام حكومة، لو تشكلت، قادرة فعلا على حكم البلاد” مثيرة استفهاما جوهريا .. هل سينجح في فرض الشروط الدنيا للنجاح أم سيترك المقود الفعلي للنهضة ولرئيسها؟.
من جانبها رأت جريدة (الشروق) في ورقة خاصة، الى أن “التعطيل المتواصل لاشغال المجلس بسبب اعتصام نواب كتلة الدستوري الحر وحالة الاحتقان السائدة داخله نتيجة تواصل تهجم بعض النواب على بعضهم البعض وتدني لغة الحوار المتبادل بينهم وعدم وجود حل في الافق تجاه ما يحصل وهي كلها مؤشرات توحي بالخطر حول مستقبل عمل المجلس عموما وحول المصادقة على قانون المالية وميزانية الدولة للعام المقبل في الاجل الدستوري وكان عدد من النواب قد طالبوا من رئيس البرلمان التدخل لوضع حد لما يجري وتطبيق القانون” مشيرة الى أن “رئاسة لم تعلق الى حد الان على الموضوع وهو ما يزيد من حدة المخاوف والمخاطر حول المصادقة على قانون المالية وميزانية 2020 في أجل أقصاه الثلاثاء المقبل 10 ديسمبر”.
وأضافت أن رئيس المجلس، راشد الغنوشي، حاول، مساء أول أمس الاربعاء، “حل المشكل القائم بين كتلتي النهضة والدستوري الحر بالحسنى وبالحوار واستدعى لمكتبه كل من، عبير موسي، وجميلة الكسيكسي، في محاولة لاقامة الصلح بينهما وبين الكتلتين لكن موسي رفضت الحضور مقابل قبول الكسيكسي بذلك” مشيرة الى أن “الفصل 66 من الدستور لم يقدم حلا بديلا في صورة عجز المجلس عن المصادقة على قانون المالية والميزانية في الاجل المحدد لكنه تحدث في ما بعد عن أجل 31 ديسمبركحد أقصى للمصادقة ولختم رئيس الجمهورية لكن ذلك بالنسبة لفرضيات أخرى (رد مشروع القانون من قبل رئيس الجمهورية الى المجلس لقراءة ثانية، الطعن في دستورية مشروع قانون المالية أمام المحكمة الدستورية) مشيرة الى أن “عددا من المختصين يرون أنه يمكن الاجتهاد في تطبيق هذا الاجل (31 ديسمبر) بالنسبة للوضعية الحالية التي يمر بها المجلس وهي تعطيل أشغاله بسبب اعتصام نواب الدستوري الحر والخلاف القائم بين بعض الكتل والنواب”.
وأشارت الى أنه “في صورة عدم مصادقة المجلس على هذا القانون وختمه من قبل رئيس الجمهورية في أجل 31 ديسمبر الجاري، يقع المرور الى اجراءات أخرى لتنفيذ الميزانية حيث ينص الفصل 66 على أنه في هذه الحالة يمكن تنفيذ المشروع في ما يتعلق بالنفقات بأقساط ذات ثلاثة أشهر قابلة للتجديد بمقتضى أمر رئاسي وتستخلص الموارد طبقا للقوانين الجاري بها العمل”.