“لمن هذه الحكومة ما لم تكن نهضوية؟” و”أمريكا مع ايران وتركيا في ليبيا … عالم تعدد الاقطاب والحروب الجديدة” و”رغم اعلانها رفض التصويت لحكومة الجملي … الاحزاب تغلب المصلحة الوطنية على الحسابات الحزبية؟” و”قبل موعد الحسم … النهضة تعدل الاوتار وتحشد الانصار لحكومة الجملي”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الثلاثاء.
أثارت جريدة (الصحافة) في مقالها الافتتاحي، استفهاما جوهريا حول الجهة التي تنتمي اليها الحكومة الجديدة حيث تنكرها حركة النهضة وينكرها رئيس الحكومة ويقول انها مستقلة مشيرة الى أن “دائرة الرفض لحكومة الحبيب الجلي المتقدمة للبرلمان تحت عنوان الكفاءة والاستقلالية توسعت بل هي سقطت لدى الرأي العام السياسي قبل أن تصل الى المجلس النيابي لتحصيل الثقة البرلمانية يوم 10 جانفي وهي تلاقي صدا واعتراضا على عدد من الوزراء المقترحين من داخل حزامها السياسي ومن داخل حركة النهضة التي دعت قياداتها الى تعديل الحكومة قبل عرضها على مجلس نواب الشعب لنيل الثقة كما عبرت قيادات من قلب تونس عن اعتراضها على حكومة الجملي ووصلت حد التلويح بعدم التصويت لها ما لم يتم تعديلها”.
وعبرت، في هذا الصدد، عن تعجبها “من فصام عدد من مسؤولي الدولة وانكارهم الانتماء لحركة النهضة رغم أنهم يعملون معها وتحت سماء تعليماتها ويحظون بامتيازات هذا الانتماء وفي نفس الوقت يصرون على ادعاء الاستقلالية” مبرزة أن “وجود الحبيب الجملي، على رأس الحكومة اليوم انما هو بفضل حركة النهضة فهي التي دعته وهي التي تكلفه وهي تقف وراءه وتسنده وهي التي تسعى اليوم وفي كل الاتجاهات الى تمريره والى تمرير حكومته في المجلس النيابي وقد كلفته لا لكونه الاكثر كفاءة ولا لعبقرية مخيفة كامنة في شخصيته، وانما لادراكها بأنه رجلها المناسب الذي لا يجرؤ على تمرير الخيط في عين الابرة ما لم يتلق تعليمات من سماء مونبليزير وهو يدرك هذا جيدا ويعيه كما تدرك الحركة ذلك أيضا وخاصة شيخها العراب، راشد الخريجي، وبالتالي فان كل ما يحدث أو ما يشاع من توترات بين رئيس الحكومة المكلف وراشد الغنوشي هو مجرد افتعالات لا أساس لها للاستمرار في خداع الرأي العام السياسي وللايهام بأن رئيس الحكومة على خلاف مع حركة النهضة وذلك حتى يصدق الناس حديث الاستقلالية وهو حديث لا معنى له ولا صدقية فوقه أو تحته أو بجواره”، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، افادت جريدة (الصباح) في مقال بصفحتها الرابعة، “أن حكومة الحبيب الجملي لا تزال تبحث عن وجهتها بعد التجييش الذي قادته أطراف سياسية من داخل البرلمان ومن خارجه مقابل تحركات قوية لحركة النهضة حشدا وتفاوضا مع بقية الكتل لضمان ولادة طبيعية للحكومة” مضيفة “أن توقيت الولادة المقرر ليوم الجمعة 10 جانفي الجاري يتضارب مع مواقيت مهمة بلغت حد التناقض”.
وبينت أنه “اذا كان التوقيت البرلماني مازال يسمح للجملي باخذ بعض الانفاس على اعتبار ان المهلة الدستورية لم تنته بعد، فان التوقيت السياسي بات ضاغطا حيث طبول الحرب تدق فوق الرؤوس” مبرزة أنه “اذا نجح الجملي في اخراج حكومته من حطام المفاوضات التي استمرت لاكثر من شهر ونصف فانه فشل في اقناع الجمهور السياسي والبرلماني بأنها الافضل كما يروج لذلك رئيس الحكومة المكلف وأساسا بعد رفض عدد من المنتسبين لها اما لعدم استقلاليتها أو لشبهات فساد أو لتسرب مناشدين أو لاختراق عناصر محسوبة عن النظام السابق”.
وأوضحت أن “الجملي حاول التخفيف من هذه السقطة السياسية سيما وأن الرجل على عكس غيره من رؤساء الحكومات السابقين استنفذ رصيدا كبيرا من ثقة التونسيين اثر الاعلان عن تركيبة الحكومة التي لم تخيب آمال الاحزاب فحسب بل حتى العناصر البرلمانية الداعمة للمكلف على غرار كتل الاصلاح وائتلاف الكرامة والنهضة وكتلة المستقبل وقلب تونس”.
وأوضحت جريدة (الشروق) في ورقة بصفحتها السياسية، “أن تساؤلات عديدة تحوم لدى المراقبين والسياسييين أنفسهم حول الفرضيات المحتملة بخصوص التصويت لفائدة الحكومة أم لا خاصة وأن الفرضية الاولى تقول ان هذه الاحزاب الرافضة للتصويت للحكومة ستواصل التمسك بمواقفها وسيلتزم نوابها بهذا الموقف وقد لا تمر هذه الحكومة”.
وأشارت الى “أن الفرضية الثانية تقول ان الاحزاب الرافضة اليوم التصويت للحكومة ستقدم تنازلات وستدعو نوابها الى التصويت على منح الثقة للحكومة، في حين أن الفرضية الثالثة تقول ان نوابا قد يخالفون مواقف أحزابهم الرافضة للتصويت لفائدة الحكومة ويمنحونها الثقة”.
وأضافت “أنه من حق الاحزاب في نظام شبه برلماني أن تعبر عن مواقفها بكل حرية بما في ذلك رفض التصويت على منح الثقة للحكومة، فلكل حزب موقفه وأفكاره وحساباته السياسية وكل حزب له من الاهلية ما يمكنه من معرفة ما تقتضيه مصلحة البلاد” مضيفة أنه “في المقابل يتحدث المختصون عن ضرورة المصلحة العمومية التي تقتضي أن تكون اليوم لتونس حكومة قائمة الذات تباشر بسرعة عملها وتشرع في تنفيذ الاصلاحات المطلوبة وفي اعادة الامور الى نصابها بعد أن عمت الفوضى نسبيا في الفترة الاخيرة وتعطلت بعض دواليب الدولة وبعض المصالح الاقتصادية والتنموية وخيمت حالة من المخاوف على التونسيين”.
وفي موضوع آخر، اعتبرت (المغرب) أن “ما يجري هذه الايام من دق طبول الحرب بين الولايات المتحدة وايران واستعداد تركيا للتدخل العسكري في ليبيا يدخل في اطار استراتيجيات جديدة لتوازن الرعب بين مختلف أقطاب عالم اليوم” مشيرة الى أن “المتأمل في عمق الاحداث يرى كيف تمكنت بلاد كايران من الاستفادة القصوى من التراجع النسبي للدور العسكري للولايات المتحدة الامريكية”.
وبينت أن “أمريكا التي شنت حربا على عراق صدام حسين في 2003 بتعلات واهية تجد نفسها ورغم حضورها العسكري الضخم في المنطقة قد أهدت العراق الى عدوها اللدود ايران اضافة الى أن الدول الغربية والعربية التي أرادت أن تستغل انتفاضة الشعب السوري منذ سنة 2011 للاطاحة العسكرية بنظام بشار الاسد قد وفرت فرصة استثنائية لروسيا للعودة الى المحاور الاقليمية فانقلبت الموازين العسكرية بفضل روسيا وايران وميليشيات حزب الله” مضيفة أن “تركيا أصبحت بدورها تلعب دورا اقتصاديا وعسكريا متعاظما وهي لم تعد تكتفي بالتدخل على مستوى حدودها المباشرة وهي تريد أن تلعب في ليبيا مع السراج الدور الذي لعبته روسيا في سوريا مع بشار الاسد أي تدخل عسكري يقلب الموازين على الارض ويفرض حلا سياسيا جديدا تكون الدولة الداعمة عسكريا المستفيد الابرز منه سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا”.
وأضافت “أننا ازاء قوتين جهويتين مختلفتين في التموقع الجيو استراتيجي فالاولى أي ايران تعتبر عدوة لامريكا وللدول الغربية بدرجة أقل أما الثانية فهي عضو في الحلف الاطلسي ولكنها خرجت بصفة واضحة عن لعب دور الوكالة الى التصرف كقوة اقليمية صاعدة لها مصالحها الخاصة ولا تنتظر اذنا من أحد لاستعمال القوة ضد من يهدد حسب رأيها هذه المصالح الاستراتيجية”.
ورجحت أننا “سنكون مستقبلا أمام تصعيد عسكري نسبي تكون نتيجته انسحاب شبه نهائي للقوات الامريكية من العراق أما في التدخل التركي في ليبيا فتبقى كل السيناريوهات مفتوحة والارجح منها هو احداث توازن رعب ما بين جماعة حفتر من جهة وجماعة السراج من أجل ايجاد حل سياسي وسط أما حرب دائمة ومكلفة فذلك ما لا نعتقد أن أطراف النزاع وداعميها يملكونها بصفة كبيرة”، حسب ما جاء بالصحيفة.