“تهافت الوزراء المقترحين…” وأهم افرازات مسار تشكيلة حكومة الحبيب الجملي … تحولات كبرى في المشهد السياسي” و”في صورة حصولها على ثقة البرلمان اليوم …بأي روح سيعمل اعضاء حكومة الجملي؟ و”اليوم امام البرلمان … حكومة الجملي أم حكومة 5 في 5؟”، مثلت أبرز عناوين الصحف التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
اعتبرت جريدة (الصحافة) في افتتاحية عددها اليوم، أنها “سابقة في تاريخ الجمهورية التونسية وربما غيرها من الجمهوريات أن يركض وزير لم ينل ثقة البرلمان بعد ومازالت تسميته مجرد اقتراح الى الاعلام ويطلب الدعم والمساندة ويناشد النواب من أجل تمرير الحكومة المقترحة” مشيرة الى أن “هذا السلوك هو خلل بنيوي على مستوى التركيبة الذهنية لبعض الوافدين على العمل السياسي عن طريق الصدفة أو لعبة الحظ وفي سياق المحاصصات التي عصفت بكل مقومات الاخلاق السياسية وقامت على تبخيس الكفاءة وجعلها مطية للوصول الى المناصب”.
ولاحظت، في هذا الخصوص، “تهافت بعض الوزراء المقترحين على المنابر الاعلامية وسعيهم المحموم الى تقديم مدحيات في ذواتهم مستعرضين بفخر وزهو مهاراتهم وسيرهم ومعربين عن رغبتهم الجامحة في خدمة تونس” معتبرة الى أن “هذه العينة من الوزراء تعكس تفكير القادمين على عجل الى حقل السياسة والراغبين في النهل من غنائمها التي باتت ملقاة على قارعة الطريق ويتسارع الجميع اليها لينالها من كان الاسرع”.
ورأت أن “هذا السلوك الخالي من العقلانية ومن الحكمة يعكس في جانب منه حال الطبقة السياسية اليوم التي تختلف كثيرا عن نظيراتها في العالم فهي تفتقر الى الكثير من المقومات الاساسية للنجاعة والنجاح والقدرة على الفعل والانجاز” مضيفة أنه “لذلك يبدو اجتماع الوزير الاول المكلف، االحبيب الجملي، بوزرائه المقترحين والحديث عن برامج عملهم المنتظرة من قبيل العبث فمن المفترض أن يكون هناك برنامج عمل وخطط عملية لتنفيذها قبل تشكيل الفريق الذي عد من الكفاءات”، وفق تقدير الصحيفة.
وفي سياق متصل، أفادت (المغرب) أن “التقارب بين قلب تونس وتحيا تونس سيغير كثيرا في المشهد البرلماني لا فقط لانه يضع حدا لحرب ضروس بين الطرفين بل ولانه يحرر أيضا الطرفين من تحالف تبعي مع حركة النهضة ويهيئ لقطب برلماني قد يبلغ ربع النواب وقد يصل الى الثلث لو تجسرت العلاقة مع الدستوري الحر وهو أمر مازال مستبعدا الى حد ما رغم اليد نصف الممدودة لرئيسة الدستوري الحر” مضيفة أن “لهذا القطب الجديد علاقات ودية مع الرئاسة ومع التيار الديمقراطي عبر بوابة تحيا تونس كما أن علاقات، نبيل القروي، بحركة الشعب ليست عدائية وهذا يعني امكانية التحرك في محيط قد يتجاوز نصف نواب المجلس ولكن التقارب بين تحيا تونس وقلب تونس يتجاوز كثيرا مسألة اسقاط حكومة الجملي من عدمه”.
وبينت أن “الغاية الاساسية هي استعادة ما يسمى بالنداء التاريخي بجناحيه اليوم قلب تونس وتحيا تونس من جهة واقحام حزب نبيل القروي في اللعبة السياسية وفك العزلة عنه واتهامه بحزب الفساد والمقرونة” مشيرة الى أن “عملية التطبيع هذه أساسية بالنسبة لقلب تونس لو أراد الدوام في الحياة السياسية التونسية”.
وتساءلت في هذا الصدد، “هل نسير باتجاه عزل حركة النهضة في البرلمان وفي المشهد الساسي عبر تحالف واسع .. كل شئ سوى النهضة؟ وهل ستؤدي هذه التحولات الى اسقاط حكومة الجملي بداية؟ وفي هذه الصورة، لو تأكدت، هل يمكن أن تنجح ما يسمى بحكومة الرئيس؟ وهل سيتمكن قيس سعيد، من ايجاد العصور النادر الذي يحظى بثقة أمام الكتل أم أن الازمة ستتواصل وتضطر البلاد الى انتخابات سابقة لاوانها؟”.
أما جريدة (الصباح) فقد تطرقت في مقال بصفحتها الثالثة ، الى “المخاض الدرامي الذي تعيشه حكومة الرئيس المكلف، الحبيب الجملي، قبل مثولها اليوم أمام مجلس نواب الشعب في مهمة عسيرة لنيل ثقة 109 نواب كحد ادنى لمرورها برلمانيا ” مبينة “أن ال72 ساعة الاخيرة شكلت ضغطا مضاعفا على الحبيب الجملي وفريقه الوزاري المقترح مما قلص حظوظه في ترؤس السلطة التنفيذية كرئيس ثالث للسلطة التنفيذية، وهو الحلم الذي تمسك به الجملي واستبسل في الدفاع عنه ليتحول حلمه من رغبة في الحكم الى كابوس سياسي خاصة مع تواتر المواقف غير المطمئنة”.
وأشارت الى “أن تدخل تحيا تونس أربك مسار حكومة الجملي بتحويله لوجهة القروي وكتلته النيابية” مبينة “أن كل المؤشرات المتناقلة اعلاميا وداخل الكواليس تظهر أن جل الاحزاب مرت فعليا الى الجزء الثاني من الفصل 89 في الدستور التونسي” مبرزة “أن ما زاد مسار الجملي تأزيما اعتماده على كتيبة نهضاوية في حكومته والادعاء باستقلاليتها مقابل أقلية وزارية لحزب قلب تونس وهو ما رفضه الغنوشي بداية وقبله لاحقا بعد ضغط داخلي من الحركة ومجلس الشورى أساسا والتأكيد على أن النهضة ستصوت اضطرارا للجملي كمسالة وطنية”.
وأثارت الصحيفة في مقال بركنها السياسي استفهاما جوهريا، “هل أن الحكومة الجديدة ستقدر في صورة منحها اليوم الثقة أمام البرلمان على القيام بعملها وأداء الدور المطلوب منها على أحسن وجه وتلبية الانتظارات منها “؟ مبينة “أنه من عناصر الارباك الاخرى التي قد تواجه بعض أعضاء الحكومة الجديدة هو ما أعلنه رئيس الحكومة المكلف أول أمس حول استعداده لتغيير بعض الاسماء بعد ان تنال الحكومة الثقة ، في اطار تعهده لبعض الاطراف السياسية الغاضبة قصد ارضائها ودفعها الى التصويت على الثقة اليوم”.
وأضافت “أن هناك عاملا آخر قد يشكل ضغطا على هذه الحكومة وارباكا لاعضائها في الفترة القادمة في صورة حصولها على الثقة هو ما تردد أمس حول توجيه مراسلة من هيئة مكافحة الفساد لرئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي تضمنت عدة أسماء لاعضاء مقترحين في التشكيلة الجديدة تحوم حولها شبهات فساد فضلا عن ما تردد عن التحقيق مع أحد الاعضاء مؤخرا في القطب القضائي المالي”.
وأشارت الصحيفة، الى “أن تشكيل هذه الحكومة لم يمر دون أن يخلف وراءه أزمة سياسية اندلعت شراراتها الاولى منذ انطلاق المشاورات حولها وخاصة بعد الاعلان عن تركيبتها” ، مبينة “أن مسار تشكيل الحكومة قد تسبب في توتر العلاقات السياسية بين أكثر من طرف بلغ احيانا حد العداء الصارخ وتبادل التهم وحملات التشويه والمس من أخلاقيات العمل السياسي السليم”، وفق ما ورد بالصحيفة.