يرقد منذ نحو شهرين بقسم جراحة القلب والشرايين في مستشفى الرابطة 20 مريضا في انتظار خضوعهم لعملية القلب المجروح لكن الأزمة المالية التي تعصف بالمستشفى والمتسببة خاصة في نقص مستلزماته الطبية جعل حياتهم على المحك، وفق ما أكده لـ(وات) الطبيب الجراح بالمستشفى جلال غديرة.
ويواجه قسم جراحة القلب والشرايين بالمستشفى الجامعي الرابطة، أحد أقدم المستشفيات العمومية بالبلاد، صعوبات جمة ومزمنة منذ سنوات، تفاقمت في الفترة الأخيرة تزامنا مع اختلال توازناته المالية بسبب ارتفاع حجم مستحقاته المالية لدى الصندوق الوطني للتأمين على المرض البالغة في العام الماضي 34.7 مليون دينار.
ويؤكد غديرة أنه كان بمقدور قسم جراحة القلب بالمستشفى تأمين ما بين 4 و 5 عمليات جراحة في اليوم الواحد بفضل ارتفاع عدد الجراحين إلى 10 أطباء جراحة، لكن المعدل اليومي لا يتجاوز حاليا عمليتين جراحيتين في أحسن الحالات بسبب نقص المستلزمات الطبية الناتجة عن قلة الموارد وارتفاع مديونية المستشفى تجاه مزوديه.
كما يستلزم بلوغ معدل يومي يصل إلى 5 عمليات جراحية توفير قسم الإنعاش بكامل المستلزمات وثمانية 8 أطباء إنعاش على الأقل لتأمين دوام مسترسل على مدار الساعة من خدمات الإنعاش، لكن دوامة الأزمة المالية التي تكبّل نشاط المستشفى جعلته غير قادر سوى على توظيف طبيبين ما قلص من عدد العمليات الجراحية مقابل ارتفاع المرضى.
تحذير من شلل المستشفى
وهذا النقص الحاصل ليس سوى قطرة في محيط الأزمات التي يتخبط فيها مستشفى الرابطة الواقع على ربوة جبل بمنطقة الرابطة قبالة سجن النساء بقلب العاصمة. إذ تجند الاطارات الطبية وشبه الطبية والعاملين بالمستشفى، اليوم، في مؤتمر صحفي، حاملين الشارة الحمراء تعبيرا عن غضبهم من أجل دق جرس الإنذار والتحذير من شلل المستشفى.
وحول عمق أزمة مستشفى الرابطة التي طفت على سطح الأحداث يقول رئيس اللجنة الطبية محمد سامي المورالي لـ(وات) إن عدم قدرة الصندوق الوطني للتأمين على المرض “كنام” على الإيفاء بالتزاماته وصرف مستحقات المستشفى يجعله في وضعية منهكة لا تمكّنه من صرف ديونه تجاه مزوديه العموميين والخواص ما سيؤدي حتما إلى شلله.
ويتكوّن مستشفى الرابطة من 36 قسما تتوزع على عديد الاختصاصات الجراحية والبيولوجيا والأشعة والطب العام. ويشغل 158 طبيبا جامعيا و31 طبيب صحة و10 صيدلانيين و8 أطباء أسنان و391 تقنيا ساميا و530 عاملا و147 إداريا. وجميع هؤلاء، أصبحوا يعيشون حالة من الفزع والارتباك بسبب صمت الحكومة وغياب الحلول الممكنة.
ويطالب العاملون بالمستشفى بصفة عاجلة صرف ما لا يقل عن 12 مليون دينار كتسبقة من الصندوق الوطني للتأمين على المرض من جملة مستحقاته المقدرة بـ34.7 مليون دينار في 2019. ويقول المورالي إن صرف تلك الدفعة على الحساب ستجعل المستشفى قادرا على الأقل على صرف جزء من مستحقات مزوديه لتأمين التزود بالمستلزمات الطبية.
وبحسب المدير العام لمستشفى الرابطة بلغ حجم ديون المؤسسة منذ سنة 2016 إلى نهاية العام الماضي قيمة 48 مليون دينار، منها 24 مليون دينار ديون لفائدة الصيدلية المركزية، و4 ملايين دينار لفائدة اتصالات تونس، و2 مليون دينار لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز، و1 مليون دينار لفائدة والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، و2 مليون دينار لفائدة كل من معهد باستور وبنك الدم، و14 مليون دينار لفائدة المزودين الخواص.
توسّل المزودين الخواص
ويؤكد رئيس اللجنة الطبية محمد سامي المورالي بأن أطباء المستشفى أصبحوا يتوسلون المزودين الخواص لإقراضهم المستلزمات الطبية من أجل تأمين تدخلات المستشفى تجاه مرضاه المنهكين إلى حين صرف مستحقاتهم من قبل الصندوق الوطني للتأمين على المرض الذي يعاني بدوره من أزمة سيولة بسبب ارتفاع مديونية بقية الصناديق تجاهه.
وتوسل المزودين الخواص للصبر على ديونهم المتخلدة بذمة مستشفى الرابطة، الضارب في عمق التاريخ كأحد المنارات العلمية في البلاد، أصبح الخبز اليومي الذي يعيش على وقعه المستشفى. بل إنه أصبح مهددا بقطع الطاقة عنه بعدما وجهت الشركة التونسية للكهرباء والغاز تنبيها بالدفع، بحسب تأكيد رئيس مجلس إدارة المستشفى لطفي العمري لـ(وات).