قدّم اليوم الثلاثاء ممثلو أحزاب حركة النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس، خلال مناقشتهم للوثيقة المرجعية للبرنامج الحكومي، بقصر الضيافة بقرطاج، جملة من المقترحات في العديد من الجوانب، خاصّة منها الإقتصادية والإجتماعية.
ورحّب ممثلو الأحزاب في تصريحات إعلامية إثر الإجتماع بمقترح “حكومة مصغّرة” لا تتجاوز على أقصى تقدير 27 وزارة والتخلّي عن كتابات الدولة، مؤكّدين أنّ المقترح حظي في مجمله بالقبول.
فقد ذكر عضو المكتب السياسي لحركة الشعب، محمد المسيليني أنه تم تقديم جملة من مقترحات الحركة في العديد من الجوانب، على غرار الإقتصاد التضامني والسيطرة على الثروات الوطنية وإرساء منظومة الشفافية ومكافحة الفساد ومعالجة مسألة الإقتصاد الموازي.
وبيّن أن الهدف اليوم هو الوصول إلى وثيقة تعاقدية بين كل الأطراف والأحزاب السياسية التي ستمثل الحزام السياسي للحكومة المقبلة، تلتزم بها وتعمل على تطويرها.
وأشار المسيليني إلى ضرورة وضع السياسات التي تمكّن البلاد من الخروج من الأزمة التي تعيشها اقتصاديا واجتماعيا، موضحا أن حركة الشعب لا تعترض على مقترح هيكلة حكومة مصغّرة وأنها قدمت مقترحاتها خلال اجتماع اليوم، “انطلاقا من حرصها على تشكيل حكومة متماسكة تقدم عناوين واضحة للشعب وتمكّن من استعادة ثقة المواطن”.
كما أكد أنّ اجتماعا آخر للفريق المتواجد مع رئيس الحكومة المكلف والأحزاب المشاركة، سيعقد لاحقا وذلك لصياغة الوثيقة، ثم المرور إلى هيكلة الحكومة ووضع الحقائب الوزارية.
أما عماد الحمامي، عضو المكتب السياسي لحركة النهضة، فأشار إلى أنّ حزبه لم يحسم بعد مشاركته في الحكومة وله شروطه في هذا الشأن، سيقع النظر فيها مع رئيس الحكومة المكلّف، قائلا في الآن ذاته أنّ حركة النهضة “على ذمة تونس باستمرار”.
وأضاف أنّه تمّ خلال اجتماع اليوم مناقشة وثيقة العمل التي تقدّم بها رئيس الحكومة المكلّف، ملاحظا أنّ النهضة مع الحكومة المضيّقة والنجاعة والإجراءات العاجلة التي ترتكز أساسا على “القدرة الشرائية للمواطنين وحشد الأمن وبناء الثقة بين السلطة والمواطنين وحسن إدارة منظومة الحكم بين باردو (البرلمان) والقصبة (رئاسة الحكومة) وقرطاج (رئاسة الجمهورية).
كما تمّ التطرّق، وفق الحمامي، إلى الإصلاحات الكبرى الضرورية التي تتطلّبها المرحلة والمتعلّقة أساسا بطريقة عمل هياكل الدولة والرقمنة وإصلاح التعليم والصحة.
وأكد التقاء برنامج حركة النهضة الذي أعلنت عنه سابقا لدى تشكيلها حكومة الحبيب الجملي المقترحة، (لم تنل ثقة البرلمان)، مع البرنامج المقدّم من قبل رئيس الحكومة المكلّف الحالي، بمشاركة الفريق العامل معه والأحزاب المجتمعة اليوم، في العديد من النقاط، مبيّنا أنّه تمّ مناقشة المبادئ العامة والأولويات وآليات العمل صلب الحكومة وهيكلة الحزام السياسي الذي سيسندها.
وحول تمسّك حركة النهضة بتشريك حزب قلب تونس في المشاورات، أشار عماد الحمامي إلى أنّ النهضة أعلنت عن موقفها إثر اجتماع مجلس الشورى ولن تغيّره وهو الدعوة إلى توسيع المشاورات، معتبرا أنّ الحركة هدفها البناء والتفاعل الإيجابي وأن حضورها إجتماع اليوم كان “للمشاركة في الجانب المتعلق بهيكلة الحكومة وبرنامجها، في انتظار حلحلة المسـألة من قبل رئيس الحكومة المكلف”.
من جهته قال القيادي في التيار الديمقراطي، محمّد الحامدي “إن الوثيقة المقدمة من المكلف بتشكيل الحكومة، وثيقة تعاقدية تحدّد آليات الحكم وبعض المواضيع التي ستعمل عليها الحكومة في الأشهر القليلة القادمة ومختلف أولوياتها التي ستركّز عليها”، مشيرا إلى أن حزبه يرى أنها “مقبولة من حيث مضامينها ورؤيتها العامة”.
وأكّد أن التيّار يرى أن “أيّ عملية إصلاح لا تمر إلا عبر تنقية المناخ العام وإعلاء دولة القانون والمؤسسات ومقاومة الفساد، فضلا عن التركيز على الإقتصاد الإجتماعي التضامني وكيفية إعادة دور الدولة لتكون قاطرة الإقلاع الاقتصادي”، مبيّنا أن “مقترح الحكومة المصغّرة التي لا تتجاوز على أقصى تقدير 27 وزارة والتخلّي عن كتابات الدولة، حظي بالقبول، بالإضافة إلى التأكيد على عدم التسرع في دمج بعض الوزارات، مع إمكانية المحافظة على الهيكلة الحالية”،
وقال الحامدي إنه من المفترض أن يقع الأخذ في الإعتبار بالتعديلات التي قدّمتها الأحزاب في كل النقاط الواردة في الوثيقة التعاقدية، وإعادة صياغتها ثم تقديمها للأحزاب للبت فيها في الإجتماع المقبل.
أما القيادي بحزب تحيا تونس والنائب بالبرلمان، مروان فلفال، فقد اعتبر أن الإجتماع مع إلياس الفخفاخ اليوم، تطرّق إلى مسألة إعادة الثقة وبناء حزام سياسي متماسك ملتف حول برنامج واضح من أجل الخروج من الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، معتبرا أن “الوثيقة إيجابيّة مبدئيّا، وتضمنت الآليات التي وقعت مناقشتها، بهدف بناء الحزام السياسي المتماسك الذي يضمن تكوين حكومة تلبي تطلعات الشعب”.
وقال إن رئيس الحكومة المكلّف قدّم مقاربته بخصوص الإصلاحات، بالإضافة إلى التركيز على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية واستكمال مسار بناء المؤسسات.
أما عن تصريح ائتلاف الكرامة، رفضه العمل مع حزب تحيا تونس، قال مروان فلفال، “إن هذا الإئتلاف له مواقفه ويتحمل مسؤوليتها، ونحن لسنا مع من يدعو إلى الإقصاء والكراهية”، مؤكدا على ضرورة توفّر قدر أدنى من المسؤولية والوعي في الحزام السياسي الذي سيلتف حول الحكومة القادمة.
وتعليقا على استبعاد “قلب تونس” من المشاورات، لاحظ فلفال أن “النقاش مازال مفتوحا”، وموقف تحيا تونس هو “البحث عن حزام سياسي واضح وواسع”.
يُذكر أنّ جلسة ثانية من المشاورات انطلقت عشية اليوم، بحضور ممثلين عن حركة مشروع تونس وحزب الإتحاد الشعبي الجمهوري وحركة نداء تونس وحزب البديل التونسي وحزب آفاق تونس.