تونس : حول تنقيح القانون الإنتخابي

تقدّمت كتلة حركة النهضة بالبرلمان هذا الأسبوع بمبادرة تشريعيّة تعلّقت بتنقيح القانون الإنتخابي وذلك تحسّبا لانتخابات تشريعيّة مبكّرة وفق ما أعلن عنه رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني في ندوة صحفية انعقدت يوم الاثنين الماضي .

وقد نظر مكتب مجلس نواب الشعب المنعقد امس الثلاثاء في هذه المبادرة التشريعية وأحالها إلى لجنة التشريع العام وطالب باستعجال النظرفيه. وتعلّق مقترح التعديل أساسا والوارد في فصلين اثنين بـ”العتبة” حيث نص الفصل الثاني على ألا تدخل في توزيع المقاعد القائمات المترشّحة التي تحصّلت على اقل من 5 بالمائة من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة.

كما ورد في هذا المقترح عدم احتساب الأوراق البيضاء والأصوات الراجعة للقائمات التي تحصّلت على أقل من 5 بالمائة من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة في احتساب الحاصل الانتخابي .

و نص مقترح التنقيح على أنّ “تصرف لكلّ مترشّح أو قائمة مترشّحة تحصّلت على ما يقلّ عن 3 بالمائة من الأصوات المصرّح بها بالدائرة الانتخابيّة وعلى ما يقلّ عن 5 بالمائة من الأصوات المصرّح بها بالدائرة الإنتخابية بالنسبة للانتخابات التشريعية دون سواها منحة عمومية تقديرية بعنوان استرجاع مصاريف انتخابيّة .

واعتبر استاذان جامعيان في القانون ،استقت وكالة تونس افريقيا للانباء رايهما في الموضوع أنّ القانون الانتخابي التونسي في حاجة إلى مراجعة عميقة و شاملة تتعلق خاصة بالإشهار السياسي وتمويل الحملات الانتخابية و دور الإعلام و الخلط بين العمل السياسي والجمعياتي و الخيري.

وفي هذا الصدد أكّدت أستاذة القانون الدستوري منى كريّم أنّ القانون الإنتخابي في “حاجة ملحّة” إلى التغيير مبيّنة أنّ “العتبة ” هي احد الجوانب التي لا بدّ من تنقيحها في القانون الإنتخابي وذلك لخلق نوع من التوازن داخل البرلمان وفي المشهد السياسي بصفة عامّة.

وأكّدت كريّم وجود عدّة مسائل أخرى لا بدّ من تنقيحها على غرار شروط الترشّح للانتخابات الرئاسية مذكّرة في هذا الصدد بورود هذه المسائل في التنقيحات التي وردت بقانون الانتخابات والاستفتاء الذي تمّت المصادقة عليه بالبرلمان في جوان 2019 وأقرت الهيئة الوقتيّة لمراقبة دستورية القوانين بدستوريته لكن لم يقع ختمه من قبل رئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي داعية إلى الإستئناس به .

وأوضحت أنّ التنقيح الذي تقدّمت به حركة النهضة والمتعلّق أساسا بتعديل “العتبة” بـ 5 بالمائة يخدم مصلحة الأحزاب الواثقة من نفسها والقادرة على الحصول على أغلبية في الأصوات مشيرة الى انّ هذا الإجراء سيقصي الأحزاب الصغيرة ولا بد من إيجاد حلّ يسمح بتعديل المشهد السياسي دون إقصاء.

من جهته أشار أستاذ القانون العام عبد الرزاق المختار إلى أنّ تعديل القانون الإنتخابي من الناحية الزمنيّة غير مناسب وذلك لاهتمام البرلمان بمسألة تشكيل الحكومة وبالتوازنات موضحا انّ اتخاذ القرار في هذا التوقيت بالذات بدا وكأنّه مخطّط لاستخدام هذا التعديل كورقة سياسيّة وبهدف المقايضة.

في المقابل أكّد المختار وجاهة المطالبة بتعديل القانون الإنتخابي لكن دون التوقّف عند العتبة فحسب وإنمّا بمراجعة مسائل أخرى على غرار الإشهار السياسي وتمويل الحملة الانتخابية والمسائل التي أشارت إليها الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات سابقا والمتعلّقة بالإعلام والجمعيات.

ولفت إلى ضرورة “عقلنة” عمليّة التعديل لتتجاوز العتبة إلى مسائل أخرى متعلّقة بطريقة الانتخاب لافتا الى أنّ الإقتصار على تنقيح العتبة لن ينجح بالنظر إلى أنّ الكثير من النواب يعود الفضل في تواجدهم بالبرلمان إلى نظام اكبر البقايا.

من جانبها علّلت كتلة حركة النهضة مقترحها المتعلّق بتنقيح القانون الانتخابي في ورقة شرح الاسباب بأنّ الاستحقاقات الانتخابيّة التي خاضها الشعب التونسي كشفت عن بعض الثغرات المتمثّلة أساسا في تشتّت المشهد البرلماني موضّحة انّ هذا المقترح يرمي إلى تحقيق النجاعة وتكريس ديمقراطية ثابتة .

أمّا رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني فقد أوضح أنّ كتلة النهضة (54 نائبا) قد تقدّمت بالمبادرة تحسّبا لإمكانية انجاز انتخابات تشريعية مبكرة” مبيّنا أنّه “لا يمكن إعادة الانتخابات بالقانون الحالي”.

وكان البرلمان السابق قد صادق في جوان 2019 على مشروع القانون الأساسي المتعلق بإتمام وتنقيح قانون الإنتخابات والإستفتاء واحاله على رئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي الذي لم يختمه “لاعتباره قانونا إقصائيّا” .

وتعلّقت التنقيحات التي دعمتها بعض الكتل في البرلمان بادخال العتبة بنسبة 3 بالمائة في الانتخابات التشريعية حيث لا تدخل في توزيع المقاعد القائمات المترشحة التي تحصلت على اقل من 3 % من الأصوات المصرح بها على مستوى الدائرة .

كما صادق النواب على تنقيح يتعلق بالحاصل الانتخابي حيث لا تحسب الأوراق البيضاء والأصوات الراجعة للقائمات التي تحصلت على اقل من 3 % من الأصوات المصرح بها إلى مستوى الدائرة في احتساب الحاصل الانتخابي.

و نصّ التنقيح أيضا على إضافة شروط جديدة للترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية وذلك قبل ثلاثة أشهر ونصف فقط من موعد الانتخابات اعتبرتها احزاب وجمعيات ومنظّمات أنها وضعت على المقاس وتهدف إلى إقصاء أطراف بعينها من السباق الانتخابي.

وقد ربط المشرع بعض هذه التنقيحات في قانون الانتخابات بقانون الأحزاب كما عهد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعديد المهمات المتعلقة بتطبيق هذه الإجراءات حيث جاء في التنقيح السابق ان الهيئة ترفض ترشحات وتلغي نتائج من تبين قيامه او استفادته من اعمال تمنعها الفصول 18 و19 و 20 من قانون الأحزاب او تبين استفادته او قيامه بالإشهار السياسي خلال السنة التي سبقت الانتخابات بالنسبة للتشريعية والرئاسية.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.