“الغنوشي ينتفض ضد الرئيس والمكلف” و”حكومة الدوران في حلقة مفرغة” و”بسبب الاستيراد العشوائي المقنن وغير المقنن بعد 2011 … 80 بالمائة من المصانع التونسية مهددة بالاغلاق و40 ألف عامل أحيلوا على البطالة” و”صراعات كبرى بين مكوناته … حزام الفخفاخ ينفجر قبل تشكيل الحكومة”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الخميس.
أشارت جريدة (الصحافة) في مقالها الافتتاحي، الى أن “تأكيد، راشد الغنوشي، على تمسك حركته بمبدا عدم اقصاء أي طرف وتشريك الجميع كما فعل الباجي قائد السبسي يوما ما، قد يكون من قبيل الكلام النبيل الجميل والرومانسي الذي يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار ولكنه في حقيقة الامر تزيين لحقيقة أن حركة النهضة التي تجيد السير على الالغام والتي تتقن مراقبة الذئاب تعي اليوم حجم الخطر القادم من قصر قرطاج والى أي مدى قد تتمدد سلطة الرئيس سعيد محدود الصلاحيات ان ترك له هامش أكبر للتحرك عبر حكومة الرئيس خاصة في ظل ما كشفته استطلاعات الرأي الاخيرة وهو لذلك لن يسمح بأن تخرج الامور عن سيطرته”.
وأضافت أن “تمسك الغنوشي بتشريك قلب تونس في مشاورات تشكيل الحكومة هو في حقيقة الامر من قبيل ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فراشد الغنوشي، يعي جيدا أن أحزابا أخرى لها وزنها البرلماني لن تقبل بدخول حزب القروي للحكومة من بينها التيار الديمقراطي وهو ما يعني ضمنيا أنه وفي صورة حدوث ذلك (تشريك قلب تونس) سيضمن أولا حليفا على (على قد يدع) يرضى بالفتات يفعل بع وعبره ما يشاء كما أنه في المقابل سيمنع تكون أي جبهة معارضة قوية ومتناسقة في البرلمان تتكون من الحزب الدستوري وكتلة الاصلاح وقلب تونس في صورة الاصرار على استبعاد هذا الاخير لان تحالف التيار مع الحزب الحر الدستوري يعد من المعجزات في الوقت الحالي الا اذا حدثت معجزة”.
واعتبرت أن “راشد الغنوشي يحاول أن يستحضر شخصية الراحل الباجي قائد السبسي، وأن يخرج بحثه عن التوافق مع قلب تونس كما أخرج الباجي توافقه مع النهضة ذات اجتماع باريسي لكن التقاء الخطين المتوازيين اللذين كان يستحيل التقاؤهما أوصل البلاد اليوم الى شفا الكارثة التي نكاد نجزم أنه من المستحيل تجنب الوقوع فيها بزواج النهضة من القلب لكن نجاة الغنوشي منها يبقى أمرا غير مضمون خاصة وأن الراقص البارع مع الذئاب بات شيخا هرما تكالبت عليه جراؤه”، وفق ما ورد بالصحيفة.
ورأت (الشروق) من جانبها، أنه مهما كان السيناريو القادم فان “ما تعيشه تونس منذ الاعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات التشريعية وتكليف الحبيب الجملي بتشكيل الحكومة لا يدل الا على شئ واحد وهو عبثية النظام السياسي والقانون الانتخابي ومهما كان اسم رئيس الحكومة الجديد أو مآل حكومة الفخفاخ فان ما يحدث ليس اكثر من تفصيل بسيط في أزمة هيكلية ستتواصل طالما لم يتم تغيير النظام السياسي والقانون الانتخابي الذي تأكدت عوراته”.
وأضافت أن “الانظمة البرلمانية في العالم حتى في بلدان الديمقراطيات العريقة تواجه عديد الانتقادات فما بالك في بلاد مثل تونس ليست لها تجربة ديمقراطية عريقة ولها نظام هجين لا رئاسي ولا برلماني ولا رئاسوي” مشيرة الى انه “ما لم يتم تنقيح النظام الانتخابي والنظام السياسي فستتواصل مشاكل تونس بسبب دستور تبين انه مكتوب من هواة وغرباء عن العمل السياسي والفكر الدستوري مع شعبوية ثورجية قادت وتقود البلاد الى مزيد من الازمات والمطبات”.
وبينت أن “عددا من أعضاء مجلس نواب الشعب لا يملكون أي أهلية وهذا من بين أسباب ضعف أداء المجلس التي ستتواصل بأكثر حدة ولعل الشتائم المتبادلة بين النائبين الخياري والعياري أبرز دليل على هذا الحضيض السياسي الذي نعيشه ومشاكل حكومة الفخفاخ وقبلها الجملي ليست الا مظهرا بسيطا من ازمة هيكلية أعمق” معتبرة أننا “ندور في حلقة مفرغة دون أي اتجاه ولا جدوى”، وفق تقدير الصحيفة.
وأفادت، ذات الصحيفة، في مقال بصفحتها الرابعة، “أن الصراعات التي أحاط بها الفخفاخ نفسه تتفاقم كل يوم وفي المقابل هناك استماتة منه في الدفاع عن خياراته ربما لانه هناك من أقنعه بأن حكومته ستمر في كل الاحوال خوفا من حل البرلمان” مضيفة “أن المكلف بتشكيل الحكومة الياس الفخفاخ مر أمس بيوم عصيب اذ واجه في البداية تصريحات رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، التي أكدت رفض الحركة للمشاركة في حكومة لا تفتح المشاورات حولها لكل الاطراف ليصطدم مساء اليوم ذاته بمواقف من التيار وحركة الشعب حول مقترحه المتعلق بتركيبة الحكومة”.
وأشار نائب بالبرلمان السابق، الصحبي بن فرج، “أن العارفين بشخصية الفخفاخ يؤكدون أنه لن يتراجع عن موقفه والمطلعون على خفايا النهضة يؤكدون انها جادة في الذهاب الى الاخر في اشتراطها مشاركة قلب تونس حتى وان وصل الامر الى التصويت ضد الحكومة واسقاطها” مشيرة الى أن “الياس الفخفاخ سيجد نفسه خلال أيام أمام ضرورة الحسم … اما المرور بقوة مع امكانية قوية لاعادة مشهد سقوط، الحبيب الجملي، أو في أقصى الحالات الحصول على الثقة بأغلبية هشة قابلة للاضمحلال مع أول أزمة جدية خاصة بتواجد معارضة قوية وشارع يغلي واقتصاد منهار….واما الاستجابة لمطالب النهضة وقلب تونس والكرامة ليصبح بذلك رئيس حكومة النهضة ويفقد صفة رئيس حكومة الرئيس……. واما الانسحاب بشرف واعادة التكليف الى صاحب الامانة”.
وتطرقت جريدة (الصباح) في مقال بركنها الاقتصادي، الى ظاهرة الاستيراد العشوائي للبضائع وسائر المواد الاستهلاكية التي استفحلت وغزت الاسواق بشكل غير مسبوق في السنوات الاخيرة مشيرة الى “أن منظمات عديدة أطلقت صيحة فزع في الاوساط الاقتصادية مطالبة السلطات الجهوية بوضع حد لاغراق الاسواق بمواد مجهولة المصدر”.
وأضافت “أن ظاهرة التوريد العشوائي أضحت كابوسا يهدد صغار التجار والصناعيين خاصة وأن أعداد المهربين وشبكات الاستيراد العشوائي تزايدت بعد ثورة 2011 في أغرق الاسواق بالسلع المستوردة مما دفع الى العديد من الصناعيين الى ابداء خشيتهم من افلاس شركاتهم”.
وأوضحت، في سياق متصل، “أن قطاع التشغيل تضرر بدوره أمام ظاهرة التوريد العشوائي وخاصة شركات المواد الغذائية والاحذية والملابس الجاهزة والتي انتهت في عدد من المصانع التونسية والى احالة العمال فيها على البطالة” مبينة “أن 80 بالمائة من المصانع التونسية مهددة بالاغلاق وتسريح الالاف من العمال نتيجة تراجع انتاجها، في حين أكدت مصادر رسمية أن 300 مصنع للاحذية والملابس أغلقت أبوابها خلال السنوات الماضية لتفاقم خسائرها مما أسفر عن ارتفاع عدد المحالين على البطالة الى أكثر من 40 الف عامل”.