“في الدور الرقابي لمجلس نواب الشعب … اهدار للوقت وجدوى منعدمة” و”الحكومة … والاصلاح” و”مذاق الكعكة يطغى على نكهة الشعارات” و”الساقية … أو الملحمة التاريخية” و”في أول لقاء لهما ضمن مشاورات تشكيل الحكومة … الفخفاخ يطلع القروي على مضامين الوثيقة التعاقدية للائتلاف الحكومي”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم السبت.
تطرقت جريدة (المغرب) في مقالها الافتتاحي، الى ما اعتبرته اشكال هام يتعلق بمجلس النواب الحالي وبسابقيه والذي “يتمثل في الاهدار الفظيع لوقت المجلس وللسلط التنفيذية المدعوة لهذا الصنف من الحوار أو المساءلة وذلك بالاعتماد على قاعدة ساذجة لا تلبي الا نرجسية البعض وهي احتساب ثلاث دقائق لكل نائب حاضر تتوزع في ما بعد بين نواب الكتلة الواحدة بما يعطينا ساعات عديدة من النقاش تمتد كامل اليوم وأحيانا الى أجزاء من الليل وتفرض على الحكومة أو الوزير أو محافظ البنك المركزي وفريقه الحضور بالمجلس يوما كاملا للاستماع الى سلسلة من المونولوجات بعضها مفيد وعميق وجلها اما تكرار لتدخلات سابقة أو سباحة حرة في مياه مغايرة أو تدخلات فاقدة للدقة وللجدية خاصة عندما يكون الموضوع متعلقا بالاقتصاد كما هو الشأن ليوم امس، أو فرصة للظهور التلفزي والقيام بحملة دعائية أو بفرجة شخصية أو دفاعا عن جهة معينة وخارج موضوع الجلسة بالكلية”.
وأضافت أن “الاشكال الاساسي لهذه القاعدة الغبية يعود الى كمية الوقت المخصصة للنقاش والتي لا تقل في العادة عن سبع أو ثماني ساعات تتخللها كالعادة نقاط نظام واحيانا مشاكسات بين النواب” مشيرة الى أن “الاغرب من كل هذا أن جل النواب لا يستمعون الى تعقيب المسؤول الذي توجهوا اليه بالاسئلة كما كان الحال يوم أمس اذ أجاب محافظ البنك المركزي حوالي الساعة السادسة مساء أمام حضور ضعيف للغاية وذلك رغم الاهمية البالغة لموضوع النقاش وهو الوضعية الاقتصادية والمالية للبلاد”.
وذكرت في هذا الصدد، بأن “مجلس النواب الشعب يناقش اليوم تنقيح نظامه الداخلي داخل اللجنة المعنية والامل معقود أن تتغلب العقلانية في تنظيم كل نشاطات المجلس حتى نجنب البلاد هدرا كبيرا للوقت”، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي موضوع آخر، أشارت (الشروق) الى “أن التونسيين الان لا يعنيهم في المقام الاول تشكيل حكومة جديدة بقدر ما يعنيهم حكومة تكون قادرة على اصلاح الاوضاع الصعبة التي تتعكر يوما بعد يوم” لافتة الى أنهم “أصبحوا يخافون أن تغلق المستشفيات أبوابها بسبب عجزها المالي وفقدان التجهيزات وهجرة الاطباء، ويحتاجون الى اصلاح التعليم العمومي بعد أن رحلت العائلات أطفالها غصبا وكرها الى التعليم الخاص وباتت المدارس العمومية بنايات متداعية ومهددة بالسقوط والكثير منها يشكو نقص المدرسين”.
وأضافت أن الحكومة القادمة، التي ننتظر أن “تكون خليطا هجينا من الاحزاب والتيارات السياسية، مطالبة بتطبيق اصلاحات عميقة في كل القطاعات” مشيرة الى أن “كل منظومات الانتاج الفلاحي دمرت والقطاع الزراعي الذي يضمن الرزق لملايين التونسيين مهدد بالانهيار الكامل وآلاف الهكتارات من الاراضي الزراعية تتلاشى وتضيع سنويا وكل الحكومات التي تعاقبت على الحكم في السنوات الاخيلرة اكتفت بالمشاهدة ولم تقدم أي برنامج للانقاذ والاصلاح”.
وأبرزت أن “الحكومة الجديدة ستواجه تحديات كبيرة أولها ارتفاع نسبة المنقطعين عن التعليم الذين بلغ عددهم أكثر من 100 ألف طفل حيث نحتاج اليوم الى حكومة اصلاحات كبرى تنقذ كل القطاعات وكل منظومات الانتاج من الانهيار وتعطي للتونسيين أملا جديدا بعد سنوات عجاف عم فيها الفقر وارتفعت نسبة البطالة وغاب الاستقرار الاجتماعي وتطورت نسبة الجريمة في المجتمع”، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، اعتبرت جريدة (الصحافة) في ورقة خاصة، أن “حكومة الفخفاخ وان تمكنت من ضمان حزام سياسي وحظيت بثقة البرلمان فان عهدتها للسنوات المقبلة ستكون صعبة ومهمتها ستكون شبه مستحيلة لعدة أسباب لعل برزها على الاطلاق الاختلاف الايديولوجي بين تركيبة حكومتها المنتظرة حتى وان تم الاتفاق على الوثيقة التعاقدية والامضاء عليها من قبل الائتلاف الحكومي اضافة الى التزامات الدولة في علاقة بتحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص الاستثمار واعادة هيكلة المؤسسات العمومية وضمان ديمومتها” مشيرة الى أن “آخر الارقام تفيد بافلاس أغلبها كما لا ننسى التزامات دولتنا مع صندوق النقد الدولي والجهات المانحة ومسألة المديونية التي من المرجح أن تتضاعف في السنوات المقبلة في صورة تواصل عجز الميزان التجاري”.
وأشارت، ذات الصحيفة، في مقال آخر الى أن “صفحة الاحترازات والتحفظات والاعتراضات طويت وانطفأت شعلة الثورة وانكفأ الحديث عن الحكومة الثورية واستبدل الجميع ذلك بالحديث عن الجانب الايجابي في اللقاء الثلاثي ولم يجد أحد من الثوار الحرج في الاسترسال في الكاستينغ الحكومي واقتراح الاسماء بدءا يتحيا تونس ومرورا بحركة الشعب والتيار الديمقراطي وصولا الى ائتلاف الكرامة”.
وأضافت أن “رئيس الحكومة المكلف لم يجد حرجا بعد النور الذي بعثه الله في صدره في بيت الشيخ في دعوة حزبي قلب تونس والدستوري الحر، ولئن رحب الاول وحضر فان الثاني وجدها فرصة لتسجيل نقاط جديدة في معركته مع الخصوم وقيادة المعارضة” معتبرة أن “ما يحصل هو مذاق كعكة الحكم على ما يبدو وحرص المنتصرين في 2019 على عدم الوقوع في فخ الانتخابات المبكرة غير مضمونة النتائج يجعل الثوار يتخلون عن ثورتهم ويبشروننا بميلاد معارضة على المقاس تعيد الى الاذهان زمنا غابرا غير بعيد لم يقبل به التونسيون”.
وسلطت (الصباح) من جانبها، الضوء على احتفال الشعبين التونسي والجزائري بالذكرى 62 لمجزرة ساقية سيدي يوسف التي وحدت يوم 08 فيفري 1958 دماء التونسيين والجزائريين بعد أن شنت قوات الاستعمار الفرنسي غارة جوية قصفت فيها السوق الاسبوعية والمساكن والمدارس مما اسفر عن سقوط 79 شهيدا بين اطفال ونساء.
وبينت أن “هذه الذكرى يجب أن تكون دافعا لساسة البلدين لترجمة ارادة الشعبين في الانتقال من مرحلة التعاون والتضامن والتآزر نحو مرحلة أسمى وأنبل وأنجع وهي رفع الحواجز الاقتصادية (حتى لا نقول الحدودية والقمرقية) وتعزيز المبادلات التجارية بتطوير الشراكة في مختلف المجالات والتوجه أقصى ما يمكن نحو الوحدة التي يمكن أن تكون أولى الخطوات في طريق تحقيق الوحدة المغاربية”.
وأضافت أننا “نستعد كذلك للاحتفال بذكرى تأسيس اتحاد المغرب العربي يوم 17 فيفري 1989، بين كل من تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا، هذا الاتحاد الذي ظل فقط كيانا اداريا ولم يحقق الاهداف التي أنشئ من أجلها جراء الخلافات السياسية بين البعض من مكوناته وجراء مشاكل مفصلية عرقلت خطوات التقدم التدريجي نحو اتحاد مغاربي قوي على غرار مشكل الصحراء الغربية الذي مازال قائما وملف لوكربي الذي دفع ليبيا في عهد معمر القذافي للتخلي عن جيرانها المغاربيين الذين لم يساندوها وتتجه نحو القارة الافريقية وتدفع نحو اتحاد افريقي كبديل لها عن اتحاد المغرب العربي وحتى الجامعة العربية”، معتبرة أنه “من المهم أن تبقى ملحمة ساقية سيدي يوسف مصدرا لتعزيز التضامن والتعاون المشترك والوثيق في المنطقة على الاقل بين تونس والجزائر ولن نطمح الى ما هو أكثر بالنظر الى أن اتحاد المغرب العربي قد مات لكن دون أن يدفن”، حسب تقدير الصحيفة.