“ضوابط مسرحة الفعل السياسي” و”الاستقرار الحكومي والاستقرار السياسي … المعادلة الصعبة” و”تقودها شخصيات صدامية، خطابها حاد ومباشر… حكومة الفخفاخ في مواجهة المعارضة الاشرس” و”الفخفاخ وطي صفحة الماضي”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة اليوم الجمعة.
اعتبرت جريدة (المغرب) في مقالها الافتتاحي، أن “الرصيد السياسي للسياسيين لا يكمن في اقتفاء أثر مرئيتهم والولع ببناء صورتهم بل في مهارتهم في نسج خطاب حجاجي مقنع وقدرتهم على تجاوز عرض الذات الى تقديم انجازات تحسب والتقيد بسلوك نموذجي وممارسة فن الابهار من خلال الثقافة المتينة” مضيفة أنه هنا “يلوح الفرق بين تمثل كل فئة للذات وللعمل السياسي ولمسرحة الفعل السياسي حيث أن المترشح للعمل السياسي يراهن منذ البدء على التأثير في الجماهير بالاعتماد على مقدار تعقله للواقع وتحمله للمسؤولية وقدرته على البناء وخبراته ودرجة صدقه فيستبدل بذلك بلاغة القول والانشائية وعرض الشعارات وتحريك السواكن ببلاغة الفعل في الواقع”.
وأضافت أن “السياسي الحقيقي مطالب هو الاخر بمسرحة السياسة ولكنه يمسرح العمل والسلطة بطريقة مختلفة تثبت مهنية عالية فنراه يحكم ويتحكم في مشاعره ويخضع خطابه للرقابة الذاتية ويحرص على بناء العلاقات المتوازية مع الجميع ويبرز في ذات الوقت مدى قدرته على خدمة الوطن ويظهر الصفات التي تجعله ينتزع ثقة التونسيين واعترافهم بأنه يمثل مصالحهم ويدافع عنهم” مبرزة أن “السياسي المتمرس بفنون الاداء لا يشعر المتقبلين بأنه يلعب دورا أتقنه من سنوات لانه ببساطة دخلن تقنيات المسرحة بكل اتقان فهو القادر على التفاوض ووضع الاستراتيجيات وفرض ارادة الاصلاح بطريقة مرنة وتغيير المواقع متى اقتضى السياق ذلك وحسب قواعد البراغماتية ولذلك يغادر السياسي المحنك منصبه في الوقت المناسب متى أدرك أن الرياح تسير بما لا تشتهي السفن”.
واعتبرت أنه “ليس من المهم في الديمقراطية التمثيلية أو التشاركية أن نحول البرلمان الى حلبة لصراع الثيران وفضاء لصناعة مشهدية يتداولها الفايسبوكيون” مشيرة الى أن “الاهم من كل ذلك الانتقال بالسياسة من فن عرض الذات وأداء أدوار مختلفة وفق السياقات والتلاعب بوعي الجماهير وعواطف المشاهدين الى فن الفعل في الواقع عبر ابتكار الحلول وتقديم البدائل وتطبيق القانون واحترام آليات العمل من أجل انقاذ البلاد فالتونسيون ما عادوا يرغبون في الفرجة وانما في العيش”، وفق ما ورد بالصحيفة.
ورأت (الصحافة) في ورقة خاصة، أن “الخوف لا يقف اليوم عند حدود صمود الحكومة من عدمه وانما صمود المعارضة أيضا وتجذرها وحسن أدائها داخل منظومة الحكم وخارجها فالنواب ال77 الذين رفضوا حكومة الياس الفخفاخ وهم نواب ائتلاف الكرامة وقلب تونس والحزب الدستوري الحر أساسا لا يجمع بينهم شئ ولا أمل في وحدتهم حتى على أرضية الحد الادنى من البرامج أو المهام” مضيفة أن “الاخطر من ذلك أن هذه المعارضة بتناقضاتها تمثل أيضا ثلثا معطلا لمنظومة الحكم فلا مجال الان للحصول على 145 صوتا داخل البرلمان لتمرير بعض القوانين الاساسية أو التصويت لاستكمال الهيئات الدستورية ما لم تكن ثمة صفقات وترضيات لا تمت للديمقراطية بصلة”.
وأضافت أن “المعارضة التقدمية، ان جاز القول، لم تتمكن من الولوج الى البرلمان وظلت خارج منظومة الحكم وهي تفضل الحركة داخل الفضاء العام وفي الساحات والشوارع والنقابات والمجتمع المدني” معتبرة أن “الاستقرار السياسي سيظل مطلبا ملحا وأولوية لا يجوز ولا يعقل تجاهلها والقفز عليها وما على الرؤساء الثلاثة سوى ادراك هذه الحقيقية وفي حالة ادراكها احترامها والنأي بالبلاد والعباد عن المعارك الخاسرة التي لا تليق بالتجربة الديمقراطية في تونس الجديدة”، حسب تقدير الصحيفة.
واعتبرت جريدة (الشروق) في افتتاحية عددها اليوم، “أنه لا شئ سيمنع حكومة الفخفاخ من القطع مع الصورة القاتمة اذا ما كانت لها رغبة حقيقية في ذلك ونوايا صادقة لخدمة البلاد والشعب حيث أن أغلب عوامل الاصلاح والنجاح متوفرة أمامها على غرار الكفاءات البشرية والطاقات الشبابية المؤهلة لكل أشكال التحول الرقمي والموقع الجغرافي المتميز لتونس ومناخها المعتدل وثرواتها الطبيعية المحترمة وترسانة القوانين والتشريعات المتطورة في مختلف المجالات”.
وأضافت “أن التونسيين يطمحون اليوم الى طي صفحة السنوات الاخيرة بما حملته من متاعب وهموم وهواجس ومخاوف من القادم ويعلقون آمالا عريضة على هذه الحكومة الجديدة لتكون أكثر جدية ورصانة في التعامل مع الوضع العام وتبتعد أقصى ما يمكن عن المراهقة والصبيانيات وخاصة عن الانشغال بالشأن السياسي والحزبي وعن الارتجال والخوف من تطبيق القانون وهي مظاهر طالما ميزت عمل الحكومات المتعاقبة وتطوى بذلك صفحة الماضي”.
وأشارت “الى أن كل رؤساء الحكومات المتعاقبة رددوا تقربيا الوعود نفسها يوم جلسة منح الثقة لكنهم لم يحققوا منها الشىء الكثير بل أكثر من ذلك تفاقم على أيديهم الوضع نحو الاسوا بعد أن انخرطوا مع أعضاء حكوماتهم في ممارسات بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية العليا وابتعدوا عمدا أو عن قلة دراية وسوء معرفة عن قواعد التسيير الحقيقي والسليم للدولة ولشؤون الشعب”.
وأفادت جريدة (الصباح) في مقال بركنها السياسي، “أن حكومة الفخفاخ ستكون في مواجهة معارضة قوية لا عدديا فقط بل نوعيا لعدة اعتبارات منها المرتبط بطبيعة الشخصية ونوعية الخطاب المعتمد لدى عديد الوجوه المنتمية رسميا اليوم الى المعارضة سواء من نواب قلب تونس أو بأكثر حدة في ائتلاف الكرامة”.
وأضافت “أن الفخفاخ قد يكون في مواجهة معارضة من الداخل نتيجة اختلاف التوجهات والرؤى منذ البداية بين مختلف مكونات الحزام السياسي لحكومته ” مبينة أن “مهمة الحكومة لن تكون سهلة بل ستعمل وسط حقل من الالغام ويبقى الضامن الوحيد لنجاحها واستمرارها قطع حبل الوريد بين الوزراء وأحزابهم ليتحول الولاء للدولة والالتزام والتضامن الحكومي لا للحزب وحسابات الربح والخسارة مع التأسيس لعلاقة متينة مع الاتحاد العام التونسي للشغل وبقية المنظمات”.
وأشارت الصحيفة “الى أن السيناريو لم يكن مفاجئا اذ اتضحت الرؤية مبكرا بل ان البعض تحدث عن ترتيبات في الكواليس لم تحسم فقط في شكل الحزام السياسي الداعم للحكومة بل هندست كذلك شكل المعارضة ومن سيقودها في ظل الاشارة الى مساع من حركة النهضة لقطع الطريق أمام عبير موسى حتى لا تتزعم هذه الاخيرة المعارضة وتترأس لجنة المالية داخل البرلمان”.