ولاية زغوان جهة فلاحية بامتياز بفضل مناخها وتضاريسها تحمل في داخلها مكوّنات تنمية اقتصادية متكاملة إذ تحتضن منذ ثمانينات القرن الماضي نواة قطب صناعي حيويّ وواعد قابل للتطوير بحكم الموقع الجغرافي للولاية والرّصيد عقّاري القابل للتهيئة كدعامتين أساسيتين لاستقطاب المستثمرين الصناعيين.
لكن المفارقة أنها رغم كونها قطبا صناعيا هامّا ومنطقة جاذبة للاستثمار بامتياز، فإن الجهة أصبحت مهدّدة بالعجز عن تلبية طلبات عديدة لمستثمرين تونسيين وأجانب راغبين في الانتصاب في ربوعها، لعدم وجود مقاسم صناعية جديدة مهيّأة بها حاليا وآفاق توسعة نسيجها الصناعي أصبح في مرحلة أولى رهين استكمال تهيئة المنطقتين الصناعيتن المبرمجتين في معتمديتي الفحص، على مساحة (50 هك) وصوّاف (50 هك)، وفق ما أكّده لـ(وات)، المدير الجهوي للتنمية بزغوان، خالد حسني.
ويتراوح حجم الإستثمار الصناعي السنوي، بين 300 و350 مليون دينار، في هذه الولاية التي شهدت تطوّرا صناعيا كبيرا منذ الثمانينات، فهي تعدّ حاليا 10 مناطق صناعية، تمتدّ على مساحة 475 هك وموزّعة بكافة معتمديات الجهة حيث تنتصب بها حوالي 300 مؤسسة صناعية، بطاقة تشغيلية جملية تبلغ 25 ألف موطن شغل.
وتعتبر الولاية وجهة واعدة لاستقطاب المستثمرين الأجانب وهي تضمّ حاليا 97 مؤسسة مُصدّرة كليا بحجم استثمار جملي يقدر ب1005 مليون دينار وبطاقة تشغيلية عالية تفوق 17 ألف موطن شغل، حسب إحصائيات جهوية لسنة 2019، مسجّلة بذلك تطوّر بنسبة 20 بالمائة مقارنة بسنة 2018، حسب خالد حسني.
ورغم الصبغة الفلاحية للجهة فإن القطاع الصناعي هو أحد المحرّكات الهامة للتنمية إذ يستأثر على مستوى التشغيل بنسبة تقارب 32 بالمائة وهي نسبة جعلته يحتلّ المرتبة الأولى من حيث القدرة التشغيلية في الولاية .
ويختار مستثمرون في الصناعات الميكانيكية والكهربائية، من بينهم ممثلو شركات عالمية مختصة في الصناعات الميكانيكية والكهربائية ومكوّنات الطائرات والسيارات، الإنتصاب في الجهة، ومثال ذلك شركات عالمية على غرار “كاشك” و”لاكروا” و”سيتام” و”الباك” و”أوتو ليف” وفق ما أشار إليه المدير الجهوي للتنمية بزغوان.
ويساهم النسيج الصناعي المتنوّع في إضفاء حركية تنموية في جميع معتمديات الولاية التي تسجّل نوايا استثمارات صناعية واعدة وكبيرة إضافة إلى الرغبة في إنجاز عدّة توسّعات لمشاريع أصحابها من المستثمرين الأجانب، “لما تتميز به الجهة من توفر مناخ اجتماعي واقتصادي ملائم للاستثمار”، وفق ما صرّحت به لـ(وات)، المديرة الجهوية لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد، إيناس الواعر.
وأوضحت أنّ عديدا من المشاريع التي تفوق قيمتها 15 مليون دينار سواء كان الباعثون تونسييون أو أجانب، لم يعد التعامل معها على مستوى جهويا إذ أصبح التصريح بها يتمّ لدى الهيئة التونسية للاستثمار، ممّا يفسّر تراجع قيمة الإستثمارات المصرّح بها لدى الوكالة الجهوية النهوض بالصناعة والتجديد في زغوان ومثال ذلك ما وقع تسجيله سنة 2019 حيث بلغت قيمة الاستثمارات المصرّح 76 مليون دينار مقابل 4352 مليون دينار سنة 2018.
وذكرت المسؤولة ذاتها أنّ ولاية زغوان منطقة تنمية جهوية بامتياز بحكم موقعها القريب من العاصمة ومن المناطق الساحلية ومن مطار النفيضة – الحمّامات الدولي وميناء المياه العميقة المبرمج إنجازه في النفيضة وهي مزايا تفاضلية تعزّز قدرة الجهة على استقطاب المستثمرين في كل القطاعات وأبرزها
المجال الصناعي الدولي.
وأضافت أنّه إلأى جانب ذلك يحظى الراغبون في الاستثمار بجملة من الحوافز والتشجيعات وخصوصا في صورة نيتهم الانتصاب في معتمديات زغوان والزريبة وبئر مشارقة، حيث يتمتّع لمستثمربامتيازات التنمية الجهوية وهي منحة استثمار تعادل 15 بالمائة من قيمة المشروع، وبتكفّل الدولة لمدّة خمس سنوات بمساهمة الأعراف في التغطية الاجتماعية ويتمتّع أيضا بإعفاء من الضريبة على المرابيح لمدّة 5 سنوات وذلك حسب ما ينصّ عليه قانون الاستثمار.
في المقابل يحقّ للمستثمرين في معتمديات الناظور والفحص وصواف، التمتع بمنحة استثمار في حدود 30 في المائة من قيمة المشروع وبتكفل الدولة لمدة 10 سنوات بالتغطية الإجتماعية وبإعفاء من الضريبة على المرابيح لمدة 10 سنوات.
وتظلّ المفارقة قائمة بين قدرة الجهة على استقطاب الاستثمارات الصناعية والنقص في الرصيد العقاري لاحتضان هذه المؤسسات أمام طول إجراءات تغيير الصبغة العقارية للأراضي من فلاحية إلى صناعية وبطء تهيئة المناطق الصناعية والنقائص على مستوى البنية التحتية من معوقات النهضة الصناعية أساسا والتنمية عموما في ولاية زغوان.