قفصة: حلّ إشكالية نقل 2 فاصل 5 مليون طن من الفسفاط التجاري

تتطلّع الحكومة كما شركة فسفاط قفصة على المدى القريب إلى فضّ إشكالية نقل مخزون من الفسفاط التجاري موجود حاليا بأم العرائس والرديف من ولاية قفصة ووسقها نحو الحرفاء المحلّيين أو تصديره، ما قد يساعد في تحقيق التوزان المالي لهذه المؤسسة الوطنية المختصّة في إستخراج الفسفاط وإنتاجه.

وقرّرت الحكومة خلال مجلس وزاري مضيّق أشرف عليه يوم الجمعة 24 أفريل الجاري، رئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، و خُصّص لمتابعة مشاغل الحوض المنجمي وإيجاد حلول عاجلة لإعادة نسق إنتاج الفسفاط تكوين فريق تفاوض يضمّ ممثلين عن رئاسة الحكومة وعن الوزارات المعنية لإيجاد الحلول العاجلة لاستئناف نسق الإنتاج و حلّ إشكالية نقل 2.5 مليون طن جاهزة للتصدير والتحويل في سعي منها للمحافظة على ديمومة الشركة التي تعاني من وضعية مالية صعبة.

وتتوفّر بمعتمديتي أم العرائس والرديف المنجميتين كمّيات من الفسفاط التجاري تقارب مليونين و500 ألف طنّ جاهزة للوسق نحو حرفاء شركة فسفاط قفصة، إلاّ أن سكّانا محلّيين وطالبي شغل وناشطين بهاتين المنطقتين يرفضون نقل هذه الكمّيات بواسطة الشاحنات، وهو الخيار الوحيد المتاح لشركة فسفاط قفصة في الوقت الحالي باعتبار تعطّل نشاط الخطّ الحديدي الذي يربط بين الرديف وام العرائس وكاف الدور والمتلوي بسبب فيضانات شهر أكتوبر من سنة 2017.

وفي هذا الإطار، أكّد مصدر بشركة فسفاط قفصة لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، اليوم الثلاثاء، أن حركة وسق الفسفاط التجاري إنطلاقا من أمّ العرائس متوقّفة كلّيا منذ شهر فيفري من سنة 2016 ومن الرديف منذ شهر نوفمبر من سنة 2018.

وتحول حركات إحتجاجية لطالبي الشغل وإعتراضات سكّان محليين بالمنطقتين يطالبون بالتنمية دون إمكانية قيام الشاحنات بنقل هذه الكمّيات من الفسفاط إلى معامل المجمع الكيميائي التونسي وإلى الشركة التونسية الهندية للاسمدة أو إلى الموانىء لتصدير جزء من هذه الكمّيات.

ولئن إختفت مع بدء تفشّي فيروس “كورونا” الاعتصامات بمواقع إنتاج الفسفاط وبمسالك نقله بمعتمديتي الرديف وأم العرائس إلاّ أنّ وسق الفسفاط التجاري من هاتين المعتمدين ظلّ منعدما، ويقولّ، محمود ردّادي، وهو عون يعمل بإقليم شركة فسفاط قفصة بالرديف إنّ هناك مجموعة من المطالبين بالشغل لا يعتصمون حاليا بأي موقع تابع لشركة فسفاط قفصة مثلما كانوا يفعلون قبل ظهور وباء “كورونا”، إلاّ أنّه كلّما تناهى إلى مسامعهم خبر حول قدوم شاحنات لنقل الفسفاط فإنّهم يتجمّعون و يعتصمون بموقع وزّانة للفسفاط أو على مستوى المسلك الحزامي الذي تمرّ منه هذه الشاحنات لمنع وسق الفسفاط.

ولا تصطدم مساعي الحكومة بخصوص حلّ إشكالية نقل مخزون الفسفاط المتوفّر بكل من الرديف وأم العرائس بإحتجاجات طالبي الشغل فقط بل أيضا بموقف رافض من الاتحاد الجهوي للشغل الذي عبّرفي بيان له أمس الاثنين عن خيبة أمله عمّا أسفر عنه ذلك الاجتماع الوزاري الذي إقتصر فقط، حسب نصّ البيان، على محور الفسفاط بدل التركيز على الاوضاع التنموية والاجتماعية وخاصة الوضع الصحّي بالجهة.

وأكّد الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة على إنّ عودة إنتاج الفسفاط إلى نسقه السابق يبقى رهين تنفيذ الاجراءات والمشاريع المعلنة لفائدة ولاية قفصة في مجالس وزارية سابقة، داعيا السلط المركزية إلى إيلاء ولاية قفصة بكلّ معتمدياتها ما تستحقه من عناية وإلى أن تسارع بمعالجة القضايا التنموية الملحّة على قاعدة مقاربة تشاركية ناجعة تستجيب لتطلعات المواطنين.

وإعتبر، من ناحيته، النائب بمجلس نواب الشعب، عدنان الحاجّي، المعروف بدفاعه عن إحتجاجات طالبي الشغل والتنمية أن الإشكال اليوم ليس في وسق الفسفاط من عدمه بل هو يكمن في الايفاء بتعهدات وإتفاقات مع الحكومات السابقة حول عدّة مسائل تهم التشغيل والتنمية، والاسراع بتنفيذ مشاريع معطّلة، قائلا ” نحن نرفض ان يتمّ إختزال مشاكل جهة قفصة في نقل الفسفاط أو في بعض مواطن الشغل بشركات البيئة”.

ودعا شركة فسفاط قفصة إلى الإعلان عن رزنامة واضحة لإنجاز مناظرتين للتكوين والتشغيل لفائدة العاطلين عن العمل بجهة قفصة، كان قد أُعلن عنهما منذ شهر فيفري من سنة 2018 خلال مجلس وزاري حول الوضع التنموي بالجهة، كما دعا الحكومة إلى صرف الاعتمادات التي رُصدت ضمن ميزانيات سابقة لتمويل مشاريع بالجهة و كذلك إلى مفاوضات حول مشاريع مستقبلية وتصوّرات وبدائل تنموية تقطع مع المنوال الحالي للتنمية وتخفّف العبء عن شركة فسفاط قفصة التي لم يعد بمقدورها، حسب قوله، “إستعياب الطلبات المتزايدة للتشغيل”.

وتعدّ شركة فسفاط قفصة، ومنذ عقود، المشغّل الرّئيسي بجهة قفصة حيث تفوق نسبة البطالة 25 بالمائة مقابل معدّل وطني في حدود 14 فاصل 9 بالمائة، وذلك حسب إحصائيات المعهد الوطني للاحصاء الخاصّة بالثلاثي الرّابع من سنة 2019.

وتعاني شركة فسفاط قفصة منذ 2011 من تراجع لافت في حجم إنتاجها من الفسفاط التجاري جرّاء الاضطرابات الاجتماعية وإحتجاجات طالبي الشغل بالجهة، حيث لم يتجاوز معدّل إنتاجها السّنوي من الفسفاط التجاري خلال الفترة الممتدّة من 2011 إلى 2019 نحو 3 فاصل 5 مليون طنّ مقابل إنتاج بلغ 8 فاصل 3 مليون طنّ في سنة 2010 لوحدها.

وحسب مصدرمسؤول بهذه الشركة فإنّ هذه المؤسسة لا تعمل منذ سنة 2011 سوى بطاقة إنتاج تترواح ما بين 60 و 70 بالمائة من طاقة إنتاجها، وأنّ أولويات الشركة في الوقت الرّاهن هي استرجاع نسق إنتاج الفسفاط التجاري وتسويقه نحو الحرفاء بما يحقّق التوازنات المالية لمؤسسات قطاعي الفسفاط والأسمدة.

واعتبر هذا المصدر أن لجوء شركة فسفاط قفصة إلى نقل كمّيات من الفسفاط التجاري نحو الحرفاء بواسطة الشاحنات هو “خيار أملته عدّة عوامل” من أبرزها تعطّل إصلاح الخطّ الحديدي رقم 15 وأيضا عدم قدرة الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية على نقل أزيد من مليوني طنّ من الفسفاط في العام في الوقت الرّاهن.

وأضاف، في هذا السّياق، أنّه من مجموع 3 فاصل 2 مليون طنّ من الفسفاط التجاري، تمّ شحنها كامل سنة 2019 نحو حرفاء شركة فسفاط قفصة، تولّت الشركة التونسية للسكك الحديدية نقل 1 فاصل 8 مليون طنّ فقط، فيما تمّ شحن بقيّة الكمّيات وقدرها 1 فاصل 4 مليون طنّ بواسطة الشاحنات.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.