“بعد مجلس وزاري مضيق لدعم القطاع .. قرارات حكومية متسرعة تثير المهنيين وهياكلهم .. غضب في القطاع” و”أزمة الصحافة الورقية في واد.. وإجراءات الحكومة في واد”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الأولى للجرائد التونسية الصادرة، اليوم الجمعة.
تطرقت جريدة (الصحافة) في مقال نشر بعددها اليوم، الى قرارات المجلس الوزاري المضيق الذي انعقد، الاربعاء الماضي، وخصص لقطاع الاعلام مشيرة الى أن كافة الجسم الصحفي لصاحبة الجلالة فوجئ “بقرارات سطحية ظرفية تعصف بالصحافة المكتوبة وبمستقبلها، فعوض أن تصدر الحكومة قرارات في العمق في اتجاه الإصلاح الفعلي لمؤسسات الصحافة المكتوبة والمراهنة عليها ودعمها من أجل ضمان حق المواطن في المعلومة ضمن مشهد اعلامي متعدد، نجدها للأسف اليوم تختار الحل الاسهل والذي ستكون له تداعيات وخيمة في المدة القادمة”..
وأضافت أن “تساؤلات عديدة تطرح نفسها وراء اتخاذ مثل هذه القرارات من قبيل نقطة الانطلاق التي اعتمدتها الحكومة ومدى نجاعة المقترحات التي قدمتها بصفة منفردة، جامعة مديري الصحف، والتي أبرزت وبوضوح أنها تهيئ لمرحلة الصحافة الالكترونية” لافتة الى أنه “يتم حاليا، وللاسف، استعمال أزمة الكورونا كحصان طروادة لتمرير قرارات مستقبلية لإعدام الصحافة المكتوبة رغم تاريخها وعراقتها ودورها الوطني والمحوري في جل المراحل المفصلية من تاريخ البلاد قبل الاستقلال وبعده، وقبل الثورة وبعدها، وقبل الكورونا وبعدها أيضا”.
واعتبرت أن “الاجراءات الحكومية التي تم اتخاذها متسرعة وجاءت منقوصة وجزئية من شأنها أن تعصف بالصحافة المكتوبة ان لم تصاحبها لاحقا إجراءات أخرى تكون أعمق وأشمل في اتجاه انقاذها وفق برنامج اصلاح تشاركي يراعي خصوصية كل مؤسسة إعلامية”.
وبينت أن “الحلول الترقيعية والاستماع الى جهة معينة لن تعود بالنفع على القطاع ولن تنهض به، بل بالعكس ستزيد في تفاقم أزمته ومشاكله، فبعد 9 سنوات من الثورة، والتي صاحبتها سياسات حكومية مخجلة لقطاع الصحافة المكتوبة، نأتي اليوم بمثل هذه القرارت لنجهز عليه نهائيا ونحبط عزائم جنود السلطة الرابعة ونسّرع في احالتهم على البطالة وتجويعهم”.
ورأت أن “توفر إرادة سياسية حقيقية اليوم بات أمرا مستعجلا وملحا لضبط استراتيجية شاملة تنطلق من خصوصية كل مؤسسة اعلامية لإصلاح قطاع الصحافة المكتوبة وتحقيق التحول الرقمي، وذلك من شأنه أن ينهض بهذا القطاع ويعزز نجاعته ويساهم في مواكبته لمختلف التطورات التكنولوجية ويضمن ديمومته وجودته في اطار عمل تشاركي إصلاحي بنّاء يقوم على الانصات الى مقترحات اهل المهنة والى هياكلها في المؤسسات المعنية ورسم سياسة عمومية للإعلام للحفاظ على مشهد اعلامي تعددي ذي قيمة مضافة عالية تستجيب لتطلعات الجمهور”.
وأوضحت، في هذا الخصوص، أن “القفز اليوم نحو الحديث عن التحول الرقمي دون إيجاد حلول للنهوض بالصحافة الورقية من شأنه أن يجهز على القطاع بأكمله ويساهم في اضعاف المشهد الإعلامي ببلادنا، ومن واجب الدولة اليوم مساعدة الصحف الورقية لأن تخوض ثورتها في اتجاه إعادة هيكلتها وتطوير المحتوى الصحفي الورقي والتوجه نحو احداث منصات الكترونية تستجيب لحاجيات الجمهور العريض بما يواكب مختلف التطورات في المشهد الإعلامي العالمي ومساعدتها على استيعاب درس ضرورات التغيير لا الاجهاز عليها بإجراءات ظرفية مبتورة لا يمكنها أن تحل الأزمة بل من شأنها أن تسرّع بموتها”، وفق ما جاء بالصحيفة.
أما جريدة (الشروق) فقد اعتبرت في مقالها الافتتاحي، أنه “وبعد طول انتظار، جاءت إجراءات الحكومة مخيبة للآمال وللانتظارات، حيث اتخذت إجراءات أقل ما يقال فيها أنها إجراءات انتقائية وفي غير محلّها وتمرّ بجانب المشكل، باعتبار أنها اتجهت في جلّها إن لم نقل كلها، إلى بعض الأصناف من الصحافة وهي الأصناف الأقل تضرّرا والأقل تشغيلية من قبيل الصحف الالكترونية التي لا تكاد أعباؤها المالية وطاقتها التشغيلية تذكر مقارنة مثلا بالأعباء المالية وبأعداد الكادر البشري المشتغل في الصحيفة المكتوبة بكل الأقسام”.
وأضافت أن “هذه الإجراءات تعد صدمة لقطاع الصحافة الورقية، وأبانت إما عن قصور في فهم الإشكاليات الحقيقية للقطاع أو عن عدم تمكن من المعطيات الكاملة لواقع القطاع ولمختلف التحديات التي تواجه كل قطاعات الإعلام وقطاع الصحافة المكتوبة تحديدا”.
وأبرزت أنه “في كل الحالات وبقطع النظر عن نوعية المعطيات التي قدمت لرئاسة الحكومة والتي وقع الاستناد عليها أو الاستئناس بها لاتخاذ هذه الإجراءات المنقوصة، فإن ذلك لا يعد عذرا لتبرير هذا التقصير أو سوء الفهم لواقع قطاع حسّاس ولإشكالياته” معتبرة أنه “لا شيء يبرّر أن تكون المشاكل والتشخيص في واد وتكون الإجراءات الحكومية في واد آخر، وكأننا إزاء طبيب يصف لمصاب بمرض في القلب وتتهدده السكتة القلبية في أي لحظة وبعد طول شكوى وصراخ وتحسيس، يصف له دواء لمعالجة أوجاع في أطرافه”.
ورأت أن “هذه الصورة تجسّد تحديدا طبيعة الإجراءات الحكومية لمساعدة قطاع الإعلام، حيث مرّت بجانب الحدث وتغاضت عن مشاكل أهم وأكبر قطاع تضرّر من أزمة كورونا وهو قطاع الصحافة المكتوبة لتوجه القسم الأكبر من العناية والدعم إلى قطاعات لم تتضرّر بالأزمة أولا ولا تحوز على طاقة تشغيلية كبيرة ثانيا من قبيل الصحف الالكترونية وبعض القطاعات الأخرى، التي لا نعترض بالمناسبة على مساعدتها، ولكننا نعترض على الأولويات التي كان يفترض أن تحكم توجيه الدعم بحيث تذهب جرعات الأكسيجين أولا إلى الصحافة الورقية التي ضربتها الأزمة في الصميم لمساعدتها على تخطي الأزمة ومعاودة نشاطها بعنفوان وإنقاذ القطاع برمته من أزمة حادة باتت تهدّد وجوده ويبدو أنها باتت ثانوية وغير ذات بال بالنسبة لأهل القرار في بلادنا”.
وأبرزت أن “ما يطلبه قطاع الصحافة المكتوبة عموما هو مساعدته على تحصيل وتأمين حقه في البقاء في بلد يقول إنه ينخرط في جهد شامل لمكافحة أزمة كورونا ويزعم أنه لا يسمح بانهيار مؤسسة ولا بفقدان موطن شغل واحد.. وكذلك في بلد يقول إنه يخوض عملية انتقال ديمقراطي” متسائلة في هذا الاطار “عن أي ديمقراطية يمكن أن نتحدث في غياب الصحافة المكتوبة وهي حجر الزاوية في بث الوعي والثقافة وفي الذود عن أسس الديمقراطية وتوسيع هوامش الحرية والجدل الفكري البنّاء؟”، حسب ما جاء بالصحيفة